اقتصاد » علاقات واستثمارات

غرفة تجارة أوروبية بالسعودية.. كيف تعزز التعاون الاقتصادي مع الخليج؟

في 2024/05/13

يوسف حمود - الخليج أونلاين

أصبحت مدينة الرياض، في الـ8 من شهر مايو الجاري، أول مدينة في منطقة الخليج تُفتح فيها غرفة تجارة أوروبية ضمن تشكيل مستقبل التعاون التجاري بين الاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية".

وتسارعت وتيرة تقارب دول الاتحاد الأوروبي الـ27 مع دول مجلس التعاون الخليجي سياسياً واقتصادياً وأمنياً في السنوات الماضية، خاصة في ظل التوترات التي يشهدها العالم على خلفية الحرب الروسية على أوكرانيا والعدوان على غزة.

وظلت العلاقات الدولية للاتحاد الأوروبي تحكمها من الناحية التاريخية عوامل وعناصر عدة، من أهمهما مصالح الدول الأعضاء والإرث الحضاري والثقافي الذي تحاول كل دولة من تلك الدول تشجيعه وترويجه، فهل يكون الجانب التجاري أحد البوابات الرئيسية في هذه العلاقات؟

أول غرفة تجارية

بحدث وصفته غرفة التجارة الأوروبية في السعودية بـ"التاريخي"، افتتح في العاصمة السعودية مقر هذه الغرفة الأوروبية، التي من المتوقع أن تصبح "صوت الأعمال الأوروبية في دول مجلس التعاون الخليجي، باعتبارها أول غرفة تجارة أوروبية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي.

وفقاً لصحيفة "الشرق الأوسط" فإن الغرفة "ستكرس- بدعم من الاتحاد الأوروبي- جهودها لتعزيز الاقتصاد والعلاقات التجارية بين السعودية والاتحاد الأوروبي.

تستفيد غرفة التجارة الأوروبية في السعودية من علاقاتها الحكومية القوية، لتسهيل الوصول إلى الأسواق للشركات الأعضاء، مما يضمن فرصاً عادلة لكل من الشركات الأوروبية والسعودية، وفق موقعها الرسمي.

ووفقاً للبيان، فإن اللجان القطاعية "تعالج بشكل فعال مختلف القضايا الشاملة والمحددة بالصناعة، وتقدم رؤى وتوصيات أساسية لتحسين الوصول إلى أسواق الأعمال الأوروبية، والمساهمة في الازدهار الاقتصادي على المدى الطويل للسعودية.

وكان الاتحاد الأوروبي والسعودية اتفقا، في أكتوبر الماضي، خلال منتدى الاستثمار السعودي الأوروبي، على تسريع الجهود لإنشاء غرفة تجارة أوروبية في المملكة، لتكون الأولى من نوعها في المنطقة.

تنسيق وشركات عملاقة

وبدا أن إعلان افتتاح مقر الغرفة الأوروبية جاء عقب الخطوة التي اتخذتها السعودية في شهر فبراير من عام 2021، حينما منحت الشركات الأجنبية النهائي لنقل مقراتها الإقليمية، إلى العاصمة الرياض، على أن يكون قبل شهر يناير من عام 2024، وإلا فستتوقف عن التعاون معها.

وفقاً للسفير لويجي دي مايو، الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي في منطقة الخليج، فإن أكثر من 350 شركة أوروبية حصلت على تراخيص لنقل مقارها الإقليمية إلى الرياض.

ونقلت صحيفة "الاقتصادية" السعودية، أواخر مارس الماضي، عن لويجي قوله إن مجموعات أوروبية كبيرة ستكون من بين تلك الشركات التي تسعى أن تكون في المملكة، لا سيما أن الحكومة السعودية تهدف إلى استقطاب 480 شركة لفتح مقار إقليمية بحلول 2030.

وأضاف: "الاتحاد الأوروبي والسعودية شريكان تجاريان رئيسان، حيث بلغ إجمالي التجارة المجمعة للسلع (2023) والخدمات (2022) 87.91 مليار يورو، أربعة أخماس منها يتكون من تجارة البضائع بقيمة (70.75 مليار يورو)".

ويستهدف إنشاء هذه الغرفة مساعدة الشركات الأوروبية على ترسيخ وجودها في السعودية والمساعدة على ممارسة الأعمال التجارية في هذه السوق وربطها بالأسواق الأوروبية المختلفة.

وقال وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، حينها، إن التنسيق مع الاتحاد الأوروبي له دور حيوي في التحولات الاقتصادية المستمرة في المملكة؛ إذ إنها في وضع فريد لتلبية احتياجات أوروبا لا مثيل لها.

وتشير التقارير إلى أن السعودية قد تصبح ضمن أهم وأكبر عشرة شركاء تجاريين للاتحاد الأوروبي خلال العام الجاري 2024، وذلك بعد تراجع مكانة روسيا بسبب العقوبات.

فرص للطرفين

يرى د.بندر الجعيد، أستاذ الإعلام الاقتصادي في جامعة الملك عبد العزيز أن أهمية افتتاح هذه الغرفة تأتي من منظورين مرتبطين بـ"العوامل الخارجية والداخلية".

ويوضح قائلاً: "من المنظور الخارجي فإن الاتحاد الأوروبي بعد الأزمة الروسية والأوكرانية، يبحث عن بديل لمصادر الطاقة والحالة التي تعيشها بعض الأدوات الاستثمارية، إضافة إلى عدم اليقين لبعض الاقتصاديات المتقدمة والبحث عن فرص أكثر أماناً وعائداً".

ويضيف، في حديثه لبرنامج تلفزيوني بقناة "الشرق" السعودية، أن تلك العوامل التي يمر بها الاتحاد الأوروبي "يربطنا ويقودنا للعوامل الداخلية، التي تتمثل في أن السعودية تتمتع بحالة استقرار سياسي وأمني، وهذا أهم جانب من جوانب الاستثمار الذي يبحث عنه الأوروبيون".

ويؤكد أن افتتاح هذه الغرفة التجارية هدفه الرئيس "البحث عن الفرص من قبل الطرفين، فبينما المملكة لديها مشاريع تتعلق بالتقنيات المتقدمة والطاقة المتجددة فإن أهم الأسواق في هذا الجانب هو الاتحاد الأوروبي، كما أن بعض المشاريع تتطلب الخبرات وهو ما لدى الاتحاد الأوروبي".

وفي المقابل، يرى أن المملكة "منفتحة على العالم وعملت مجموعة من المزايا التنافسية الخاصة لاستقطاب الاستثمار الأجنبي"، مشيراً في ذات الوقت إلى أن "حجم الاستثمارات والتدفق الذي قدم من آسيا كان واحداً من عوامل افتتاح هذه الغرفة، لأنه لفت الانتباه للشركات في الجزء الغربي من العالم من مخاطر توغل الشركات الآسيوية في السعودية والشرق الأوسط".

وأكمل: "هناك تنافس كبير بين الشركات الآسيوية والأوروبية، ولذلك أوروبا تبحث عن التقارب بشكل أكبر مع السعودية والخليج بشكل عام"، لافتاً إلى أن المملكة عملت على تطوير مستمر للوائح والتشريعات المتعلقة بالاستثمار.

البحرين تلي السعودية

وستكون البحرين ثاني دولة خليجية تؤسس فيها غرفة تجارية أوروبية بناء على توصيات المنتدى الاقتصادي للاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي الذي عُقد في البحرين في نوفمبر الماضي.

ونقلت صحيفة "الأيام" البحرينية عن سفير ألمانيا لدى البحرين، كليمنس هاتش، قوله إن وجود غرف تجارية في دول مجلس التعاون سيشكل نقطة انطلاق للمضي قدماً نحو اتفاقية التجارة الحرة ما بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي.

وحول ما إذا كان وجود غرفة للتجارة الأوروبية في البحرين ودول الخليج يشكل تقدماً يخدم العودة إلى مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة المتوقفة منذ سنوات، قال: "نحن بحاجة إلى إيجاد الظروف التي من شأنها أن تقودنا إلى اتفاقية التجارة الحرة. والأهم من ذلك هو أن وجود غرف تجارية في دول الخليج سيكون نقطة انطلاق للمضي قدماً نحو اتفاقية التجارة الحرة ما بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي".

وفي مايو من العام الماضي، كشف الاتحاد الأوروبي النقاب عن شراكة استراتيجية مع مجلس التعاون؛ بهدف توسيع وتعميق تعاون الكتلة الأوروبية، المكونة من 27 عضواً، مع دول المجلس الست.

وفي يونيو من العام الماضي أيضاً، وافق الاتحاد الأوروبي على تأسيس شراكة استراتيجية بين دوله الـ27 وبلدان مجلس التعاون الخليجي.

وتعوّل الدول الغربية على دول الخليج الغنية بالنفط، وخصوصاً السعودية، أكبر منتج للخام في العالم، لتجاوز أي نقص محتمل لإمدادات الطاقة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.