متابعات-
تُعد العلاقات بين سلطنة عُمان وإندونيسيا مثالاً للتعاون الإقليمي والدولي الفعّال، حيث تتطلع الدولتان إلى تعزيز شراكاتهما في قطاعي الطاقة والمعادن، لما لهذين القطاعين من أهمية استراتيجية في الاقتصاد العالمي.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات بين عُمان وإندونيسيا تطوراً ملحوظاً في مجالات متعددة، ومن أهمها الطاقة والمعادن، حيث تم التركيز على الاستثمار في مشاريع البنية التحتية والموارد الطبيعية بهدف تحقيق التنمية المستدامة والمساهمة في التحولات الاقتصادية للدولتين.
تعزيز التعاون
تسعى سلطنة عمان إلى توطيد علاقاتها مع إندونيسيا في قطاعي الطاقة والمعادن، من خلال استكشاف الفرص المثلى للتعاون في هذه المجالات.
ومن هذا المنطلق عقد وزير الطاقة والمعادن العماني سالم بن ناصر العوفي، اجتماعاً مع نظيره الإندونيسي عارفين تصريف؛ لمناقشة سبل تعزيز التعاون بين البلدين.
وناقش الوفدان من سلطنة عمان وإندونيسيا، خلال لقائهما، سبل تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الطاقة والمعادن.
وتعمل سلطنة عمان على ترسيخ دورها الريادي المستقبلي في هذين القطاعين على المستوى العالمي، مع التركيز على الطاقة النظيفة، بما يتماشى مع أهداف رؤية "عمان 2040".
وخلال الزيارة قام وزير الطاقة والمعادن العماني بجولة تفقدية لعدد من الشركات البارزة في قطاع الطاقة، للاطلاع على ابتكاراتها والمشروعات المتميزة التي تعمل عليها.
وتضمنت الزيارة عقد عدة لقاءات مع المسؤولين الإندونيسيين، إلى جانب تقديم عروض مرئية للجانب الإندونيسي، ركزت على تعزيز فرص التعاون وتبادل الخبرات في مجالات الطاقة والمعادن.
ويأتي التعاون في مجال الطاقة كأحد المحاور الرئيسية التي تربط بين عُمان وإندونيسيا، ففي 2024، أعلنت عُمان نيتها الاستثمار في قطاع الطاقة الإندونيسي، وذلك من خلال مشروع بناء مصفاة نفط جديدة في بونتانج، شرقي كاليمنتان، بتكلفة تصل إلى 10 مليارات دولار.
ويُظهر هذا المشروع التزام عُمان بالمساهمة في تحسين البنية التحتية للطاقة في إندونيسيا، ويعكس أيضاً سعي البلدين لتعزيز العلاقات الاقتصادية بما يتماشى مع تطلعاتهم التنموية.
وتُعد هذه الخطوة جزءاً من استراتيجية عُمان لتنويع استثماراتها في الخارج وتعزيز وجودها في الأسواق الآسيوية المتنامية، بينما تسعى إندونيسيا من جانبها إلى جذب الاستثمارات الأجنبية لتحسين قطاعها النفطي وتلبية الطلب المحلي المتزايد على الطاقة.
سوق هام
ويقول الباحث حارث سيف الخروصي إن علاقة عمان و إندونيسيا قديمة منذ عهد التجار العرب الأوائل الذين نشروا الإسلام في إندونيسيا وعمان، وهما دولتان مسلمتان، كما أنهما تتشابهان من ناحية السياسة؛ لوجود ميل وتوجه نحو السلام والاستقرار.
ويضيف خلال حديثه مع "الخليج أونلاين" أن بداية العلاقة الدبلوماسية الرسمية كانت في عام 1978، وشهد التبادل التجاري بينهما حينئذ نمواً متزايداً، حيث كانت إندونيسيا تصدر إلى عمان الخشب والورق، وبالمقابل تصدر عمان الكيماويات والمشتقات النفطية.
ويرى الخروصي أن إندونيسيا من الممكن أن تكون سوقاً هاماً وكبيراً لكثير من المنتجات العمانية، خاصة في مجال المعادن مثل النحاس، وفي مجال الطاقة مثل النفط والغاز الطبيعي.
قطاعا الطاقة والمعادن
تحرص وزارة الطاقة والمعادن في سلطنة عمان على تعزيز الابتكارات والبحوث العلمية في مجالات الاستكشاف والتنقيب عن المعادن، إضافة إلى دعم تبادل ونقل الخبرات في هذا المجال.
وتتطلّع الوزارة إلى تطوير وتنظيم قطاع التعدين عبر تحديث وإعداد الخرائط الجيولوجية والجيوفيزيائية والجيوكيميائية، والاستمرار في عمليات التنقيب عن مختلف أنواع المعادن، واستكشاف استخدامها في المجال الصناعي بشكل شامل، وفقاً لوكالة الأنباء العمانية.
كما ترتكز جهود الوزارة على تحقيق أقصى استفادة من الموارد المتاحة بهدف تنويع مصادر الدخل القومي وزيادة الإنتاج، مع ضمان تأمين احتياطات معدنية كبيرة، وفقاً لما نشرته منصة الطاقة المتخصصة، في 10 أغسطس الجاري.
ويشمل قطاع التعدين في سلطنة عمان خامات معدنية فلزية رئيسية مثل النحاس، والكروم، وخام الحديد، والمنغنيز، إضافة إلى خامات غير فلزية مثل الرخام، والحجر الجيري، والجبس، والطين، والسليكا، والدولوميت، والحجر الرملي، والكاولين، ومنتجات الكسارات المتنوعة، حسب الوكالة العمانية.
وفي تصريحات نقلتها منصة الطاقة المتخصصة عن وزير الطاقة العماني، أكد أن القطاع يعتبر واعداً، حيث تعمل الوزارة على تطويره لزيادة القيمة المضافة وتعزيز العوائد.
كما أشار إلى أن الوزارة تولي اهتماماً كبيراً بالتعاون مع المؤسسات العلمية والأكاديمية في السلطنة لدعم البحوث والدراسات الجيولوجية في مجال علوم الأرض.
والجدير بالذكر أن قطاعي الطاقة والمعادن في سلطنة عمان يمثلان ركيزة أساسية في رؤية "عُمان 2040"، التي تلتزم بتنويع مصادر الدخل وتعزيز النمو الاقتصادي الوطني، وفقاً لما ذكرته منصة الطاقة المتخصصة.
وفي نوفمبر الماضي، وقّع وزير الطاقة والمعادن العماني اتفاقية مع الجامعة الألمانية للتكنولوجيا في عُمان (جيوتك)، لتعزيز التعاون في مجال استكشاف المعادن في السلطنة.
وتهدف هذه الاتفاقية إلى تحديث وتطوير قاعدة البيانات الجغرافية والجيولوجية للبلاد، إضافة إلى دعم الابتكار وتطوير الصناعات التعدينية.
كما تتجه السلطنة إلى تعزيز التعاون في المسوحات والدراسات الجيولوجية، ودعم الجهود المشتركة في استكشاف المعادن الفلزية وغير الفلزية.