اقتصاد » علاقات واستثمارات

ما أهداف دول الخليج من التعاون مع الأطراف الفاعلة في بريكس؟

في 2024/09/12

يوسف حمود - الخليج أونلاين- 

تحاول دول الخليج تنويع اقتصاداتها بعيداً عن الاعتماد على النفط، وتعمل على خلق وظائف وفرص لمواطنيها، فوجدت من الشراكات الواسعة مع الدول المختلفة طريقاً نحو تحقيق أهدافها ورؤيتها، مركزة بشكل رئيسي على الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الرقمي والسياحة المستدامة والأبحاث والابتكار.

والثلاثاء 10 سبتمبر 2024، عقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض سلسلة اجتماعات منفصلة مع نظرائهم في 3 من كبار دول تحالف "بريكس"؛ روسيا والهند والبرازيل، واجتماعاً منفصلاً بين الأمين العام للمجلس، جاسم البديوي، مع لي تشيانغ، رئيس مجلس الدولة الصيني يوم الأربعاء 11 سبتمبر.

هذه الاجتماعات تأتي في إطار حرص الدول الخليجية على استكشاف وفتح آفاق جديدة وتعزيز علاقاتها الاستراتيجية مع الدول والمنظمات في العالم بما يخدم مصالحها.

الجانب الاقتصادي

وطغى الجانب الاقتصادي على الاجتماعات حيث جرى التأكيد على أهمية التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا، ما يسهم في دفع ‏عجلة التنمية، لا سيما في مجالات التكنولوجيا المالية والبيانات الضخمة.

وكشف الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، عن إقرار خطة العمل المشترك بين مجلس التعاون الخليجي والهند للفترة 2024 - 2028، التي سوف تسهم في تعزيز الروابط بين الجانبين، وفتح آفاق جديدة للتعاون في مختلف المجالات، مشيراً إلى أن الاجتماع يعكس الرغبة في تعزيز العلاقات التاريخية، والشراكة في مختلف المجالات بين الجانبين.

كما أشار إلى أن العلاقات مع البرازيل واسعة النطاق، "وقد بلغ حجم التبادل التجاري السلعي لدول مجلس التعاون معها نحو 21,9 مليار دولار أمريكي، ونطمح لزيادة هذا الرقم"، مشيراً إلى أن هذا الاجتماع "يعكس رغبة وقناعة الجانبين بأهمية تعزيز الحوار والعلاقات المشتركة بين الجانبين".

وأوضح الأمين العام لمجلس التعاون أنه جرى توقيع مذكرة تفاهم بشأن مشاورات حول القضايا ذات الاهتمام بين الجانبين، ويجري حالياً العمل على مشروع خطة العمل المشتركة للفترة 2024 - 2028.

كما أكد البديوي أن جلسة المباحثات الخليجية الصينية "تناولت بحث سبل تعزيز أوجه التعاون بين الجانبين، انطلاقاً من العلاقات المتينة والمصالح المشتركة بينهما، وترجمة لمخرجات القمة الأولى الخليجية الصينية المنعقدة في المملكة العربية السعودية (ديسمبر 2022)".

وأضاف، في بيان صادر عن المجلس، أنه تم خلال جلسة المباحثات "مناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، أبرزها استعراض آخر مستجدات مفاوضات التجارة الحرة بين دول المجلس والصين".

تعزيز العلاقات

يؤكد عبد العزيز العنجري، المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز "ريكونسنس" للبحوث والدراسات الكويتي، أن التعاون بين دول الخليج وروسيا والهند والبرازيل والصين يأتي في إطار تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية.

ويشير إلى أن أبرز القطاعات التي يبحث الجانبان تعزيزها "الطاقة، والتكنولوجيا، والصناعات التحويلية، حيث تمثل هذه الدول أسواقاً كبيرة وفرصاً استثمارية واعدة".

وفي ذات الوقت يعتقد، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أنه "لا يمكن إغفال الجانب الجيوسياسي، الذي يعكس رغبة دول الخليج في تحقيق توازن في علاقاتها الدولية، لا سيما مع تزايد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، وتراجع نفوذ أوروبا".

وأضاف: "هذا التحول يأتي أيضاً في سياق التذبذب المستمر في السياسة الخارجية الأمريكية، والذي تصاعد منذ عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، حيث شهدت المنطقة شعوراً متزايداً بعدم الاستقرار نتيجة التحولات المفاجئة في المواقف الأمريكية، مما أدى إلى إحساس بأن الولايات المتحدة لم تعد شريكاً يمكن الاعتماد عليه بالكلية".

وأكمل: "لذلك فإن دول الخليج لم تعد تسعى إلى تعزيز اعتمادها شبه الأحادي على واشنطن، بل تحاول توسيع شبكة علاقاتها مع قوى دولية أخرى لتأمين مصالحها الاستراتيجية وتنويع حلفائها في ظل عالم متعدد الأقطاب".

دول الخليج و"بريكس"

ما كان لافتاً من الاجتماعات المتتالية أنها انعقدت مع أكبر الدول فاعلية في تكتل "بريكس"، والتي سبق أن خطت دول خليجية خطوات متفاوتة بشأن الانضمام إلى التكتل، الذي يضم كلاً من الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، والتي تسجل معدلات نمو عالية، خاصة في قطاعات الزراعة والتعدين وعلم الصواريخ.

وخلال القمة الـ15 للتحالف في جوهانسبرغ (أغسطس 2023)، أعلن رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، موافقة مجموعة "بريكس" على انضمام السعودية والإمارات ودول أخرى.

كما أنه كان من أبرز معالم هذا التوجه الخليجي التوسع الكبير في الشراكة مع الصين وروسيا، والانضمام لمنظمات تحاول تقليص هيمنة الغرب عالمياً والقضاء على القطب الواحد، ومن أبرزها "شنغهاي" و"بريكس".

كما تأتي التحركات أيضاً في الوقت الذي بدأت فيه الصين وروسيا بالتوسع بقوة في المنطقة العربية وخاصة مع دول مجلس التعاون الخليجي على جميع الأصعدة، سواء اقتصادياً أو سياسياً أو عسكرياً.

ودخلت الصين وروسيا إلى المنطقة من بوابة الاقتصاد في ظل الفرص الاستثمارية والتجارية الثمينة التي يمكن أن يستفيد منها الجانبان، قبل أن تتوسع إلى صفقات عسكرية مع بعض دول الخليج، وصولاً إلى تمتين العلاقات السياسية.

اخترنا لكم