متابعات
شهد التعاون بين قطر ونيبال تطوراً كبيراً في السنوات الأخيرة، حيث يهدف البلدان إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بينهما، خاصة من خلال تأسيس مجلس أعمال مشترك لدعم المصالح الاقتصادية والتجارية.
وتعد نيبال واحدة من البلدان التي تُشكّل العمالة النيبالية فيها جزءاً هاماً من سوق العمل القطري، مما يعكس مدى الترابط الاقتصادي بين البلدين.
مجلس أعمال مشترك
اتفقت غرفة قطر واتحاد غرف التجارة والصناعة في نيبال على تأسيس مجلس أعمال مشترك مع بداية شهر أكتوبر الجاري، على أن يُعقد اجتماعه الأول بكامل أعضائه في العاصمة كاتماندو قريباً.
وجاء هذا الاتفاق خلال اجتماع بين رئيس غرفة قطر، الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني، ورئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة النيبالية (FNCCI) شاندرا براساد داكال.
وقد تم خلال الاجتماع استعراض أوجه التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين وسبل تعزيزها، إضافة إلى مناقشة مناخ وفرص الاستثمار المتاحة في قطر ونيبال، ودور القطاع الخاص في دعم التبادل التجاري.
وأكدت اللجنة التنفيذية لمجلس الأعمال القطري النيبالي المشترك، أهمية تعيين أعضاء المجلس في أسرع وقت؛ للبدء بتفعيل أنشطته الهادفة إلى تعزيز التواصل بين رجال الأعمال من كلا البلدين، وتسهيل التعاون المستمر لزيادة التجارة والشراكة الاقتصادية.
كما تم تأكيد دور المجلس في تعزيز أنشطة الترويج التجاري، ودعم التعاون في مجالات التجارة والاستثمار ونقل التكنولوجيا والخدمات، إلى جانب القطاعات الصناعية الأخرى، ليكون المجلس بمنزلة منصة رسمية ومنتظمة لمناقشة هذه الأنشطة بين المستثمرين والصناعيين في كلا البلدين.
ومن خلال مجلس الأعمال، تعمل قطر على دعم مشاريع التنمية والبنية التحتية في نيبال، بينما تستفيد من التجارب النيبالية في قطاعات الزراعة والسياحة.
ويسهم هذا التعاون أيضاً في تعزيز الروابط الثقافية والاجتماعية، مع توفير فرص استثمارية واسعة تعود بالفائدة على كلا الاقتصادين.
انعكاسات وفوائد
ويقول الخبير الاقتصادي د. أحمد ذكر الله، إن العلاقات بين قطر ونيبال بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي، وكانت هناك عدة محاولات خلال السنوات القليلة الماضية لدعم وتنمية هذه العلاقات في العديد من المجالات.
ويشير في حديثه مع "الخليج أونلاين" إلى العديد من الزيارات المتبادلة بين الجانبين، على المستوى التجاري والغرف التجارية القطرية التي زارت نيبال، واستقبلت أيضاً وفوداً من رجال أعمال نيباليين، فضلاً عن القمم بين الدولتين، والتي توجت أخيراً بزيارة أمير قطر إلى نيبال، في أبريل الماضي.
ويرى ذكر الله أن قطر تسعى سياسياً إلى اكتساب دول وقوة ناعمة في المرحلة الحالية، لا سيما في البلدان التي تربطها مع قطر أهمية اقتصادية، كنيبال التي لديها فيها نسبة كبيرة من العمالة الخارجية.
ويبيّن أن إنشاء مجلس أعمال مشترك بين البلدين سيكون له تأثيرات اقتصادية، إذ إن نيبال دولة زراعية، ويمكن أن توفر بعض الاحتياجات الرئيسية لقطر، كما أنها دولة تشتهر بإنتاج الآلات الزراعية والملاعب، وعليه سيكون هناك نوع من التبادل المشترك.
ويؤكد ذكر الله أن نيبال تسعى إلى تعزيز موقف العمالة النيبالية الخارجية، والتي تشكل مصدراً مهماً في قطر، كما تشكل مصدراً رئيسياً من مصادر النقد الأجنبي لها.
علاقات راسخة
توسعت العلاقات التجارية بين قطر ونيبال وواصلت النمو، حيث تتنوع صادرات الأخيرة إلى الدوحة لتشمل الملابس الجاهزة والمنسوجات والأسطوانات الممغنطة والخضراوات، فيما تستورد نيبال من قطر مواد مثل البولي إيثيلين والبولي بروبيلين وبعض المنتجات الغذائية.
وبلغت صادرات قطر إلى نيبال عام 2022 نحو 96.5 مليون دولار، يتصدرها الذهب بقيمة 90.9 مليون دولار، وبوليمرات الإيثيلين بقيمة 2.44 مليون دولار، وفحم البترول بقيمة 1.43 مليون دولار.
فيما بلغت واردات قطر من نيبال 1.02 مليون دولار، معظمها من السجاد الفاخر، وعلى مدار السنوات الماضية زاد التبادل التجاري بنسبة تقارب الـ30% قياساً بعام 2017.
وتقع نيبال بين الهند والصين، وهي دولة حبيسة بمساحة تتجاوز 147 ألف كيلومتر مربع، ويزيد عدد سكانها على 30 مليون نسمة، فيما تمتاز بتضاريس جبلية وعرة، إذ تحتوي على أعلى قمة في العالم، قمة إيفرست، بارتفاع يصل إلى 8,848 متراً.
ويعتمد نحو ثلاثة أرباع سكانها على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل، حيث تسهم الزراعة بنحو 35% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما يتركز النشاط الصناعي في تصنيع الآلات الزراعية.
ويشكل القطاع الزراعي والسياحة وتحويلات العمالة النيبالية في الخارج ركائز الاقتصاد النيبالي، إلى جانب قطاعات أخرى كالتعدين والطاقة الكهرومائية.
تضع نيبال شعار "نيبال مزدهرة، نيبال سعيدة" نصب عينيها، موجهة تركيزها نحو التنمية الاقتصادية بالشراكة مع الدول الصديقة، لهذا السبب تفتح أبوابها أمام المستثمرين، وتروج مجموعة واسعة من الفرص الاستثمارية، خاصة في مجالات الطاقة الكهرومائية، والبنية التحتية، والزراعة، إضافة إلى السياحة، والتي تمثل نحو 24% من الدخل القومي النيبالي، نظراً لكونها موطناً لأعلى الجبال في العالم.
وفي يناير الماضي، ناقشت غرفة قطر مع اتحاد غرف التجارة والصناعة النيبالية سبل تعزيز التعاون وفرص الاستثمار المتاحة بين الجانبين، مع تسليط الضوء على القطاعات الواعدة للشراكة بين القطاع الخاص القطري ونظيره النيبالي.
وجاء هذا اللقاء الذي جمع المدير العام المكلف بغرفة قطر علي بوشرباك المنصوري، بوفد نيبالي برئاسة تشاندرا براساد دكال، رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة النيبالية.
وفي أبريل 2018، تم توقيع مذكرة تفاهم بين غرفة تجارة وصناعة قطر وغرفة تجارة نيبال في الدوحة بهدف دعم التعاون الاقتصادي وفتح المجال أمام شراكات استثمارية بين أصحاب الأعمال في البلدين، بما يسهم في تعزيز العلاقات الثنائية وزيادة حجم التبادل التجاري.