نبيلة حسني محجوب- المدينة السعودية-
لماذا يسافر أو يهاجر؟! قبل الإجازات، لا تستطيع أن تجد مقعداً في طائرة مغادرة على أي خطوط؟
تقرر أيضاً كثير من الأسر قضاء إجازاتها في الداخل، ربما لقلة ذات اليد، أو لارتباط أحد أفرادها بعمل أو دراسة، أو لمجرد الملل من تعبئة الحقائب وإفراغها بعد أيام، أو لأنها ترغب في ممارسة التجربة، وتشجيع السياحة الداخلية، فماذا يحدث؟
تصطدم بارتفاع الأسعار، الأماكن والخدمات لا تساوي القيمة المدفوعة، لا توجد وسائل للترفيه غير المطاعم والمولات، التي تهدر المال والصحة دون مردود ثقافي، رياضي، معرفي.
البيئة الجغرافيه السياحية سلسة ومطيعة ومرحبة لاجتذاب السائح من كل بقاع الأرض، لكن للأسف، البيئة الاجتماعية، وتسلط المؤسسات المختلفة لفرض «أتاوة» على المرافق السياحية، يمكن أن يكون موظفاً صغيراً «مراقب بلدية» مثلاً، لكنه يتخذ من مهمته سوطاً مسلطاً على تلك المرافق، أو الإغلاق والتشهير هما العقوبة المناسبة لمن لا يعرف كيف « يدهن السير « فتتوقف عجلة العمل، والتوقف معناه خسارة مضاعفة، مادية، وتشويه سمعة المحل.
التوجس والخوف من مجرد الاشتباه، في زوج وزوجة، أو أخ وأخت، الحوادث لا تحصى، وضحاياها لفَّهم الصمت، بالاضافة للمحتسبين،الذين ابتكروا الدعاء في المساجد على كل من ينتقدهم وهم من مواطنيهم.
أي مرفق سياحي عندما يقارن بما يتوفر في أي دولة يذهب لها السعوديون، تنحاز المقارنة للخارج - للأسف - الأسعار هنا أعلى، الخدمات أقل، لأن الرسوم والرشاوي والإتاوات، تدفع المستثمر السعودي أو الأجنبي لوضع كل هذا في الاعتبار، أي نفقات تضاف الى فاتورة المستهلك، حتى قيمة الإعلانات التي أصبحت لدينا باهظة التكاليف، ولا يمكن مقارنتها بمصر مثلاً، لأن القائمين عليها أكثرهم غير سعوديين ومن جنسية واحدة تعرف من أين تؤكل الكتف.
المرفق السياحي مهما كان حجمه، لا يوفر المتعة التي يجدها السائح في أي دولة؛ عربية، إسلامية، خليجية، لا تجتمع المتعة مع الخوف والتوجس، من إمكانية حدوث مشكلة، لا يعني هذا أن السائح السعودي خارج الوطن لا تقابله مشكلات، يجد ،ولكنها محدودة، وحسب سلوكه الشخصي وتصرفاته.
استمتاع السائح بالمكان مع أهله وأبنائه متعة لا توازي ما يدفعه من أموال مضاعفة هنا، وهناك يأخذ بقدر ما يعطي وربما أكثر لإرضاء السائح واستقطابه مرة ومرات، وليس غريباً أن مليون سعودي مهاجر، ليس لأنه يفتقد الوطنية ولكنه يفتقد أشياء كثيرة يتمنى أن يجدها في وطنه كي لا يتحمل كربة الغربة.
قيمة إيجار في شاليه لمدة ثلاثة أيام توفر متعة السفر لمدة أسبوع، في أماكن تتوفر فيها العديد من المتع حتى داخل الفندق، تجد الأطفال في المسابح وسط الحدائق الجميلة، الكافتيريات التي لا تبالغ في الأسعار، دور السينما والمسارح والحفلات الموسيقية، حتى المقاهي الصغيرة والفقيرة تجد فيها نوعاً ما من المتعة كالعزف على العود، أو مطرب يؤدي بعض الأغنيات أو دي جي، وأنت تحتسي فنجان قهوة لا يساوي شيئاً.
لا أريد أن أسرد تجاربي الشخصية المريرة ضمن محاولاتي اقتناص إجازة تقضيها العائلة في مكان تتوفر فيه مقومات المتعة والمرح للصغار والكبار
ثم نكتشف أننا دفعنا الكثير وأحاطت بنا المنغصات الصغيرة تفتك بمتعتنا، مثلاً في إجازة نصف العام الدراسي عندما يصفو الجو في جدة ونريد الاستمتاع بالأجواء الربيعية في البحر، يداهمنا البعوض ليلاً والذباب نهاراً، هذا نموذج للمنغصات الصغيرة، وماخفي كان أعظم؛ الازدحام، الطرقات المغلقة، التحويلات العشوائية، تجبر المواطن على البقاء في البيت، أو السفر للخارج، وهذا يعني خروج المليارات من الاقتصاد المحلي.
مهرجانات التسوق، كلها أموال تصب في خزائنهم، طالما أن البضاعة مستوردة والعامل مقيم، والمصيبة إذا كان المستثمر غير سعودي كأننا ساهمنا بتشجيع المواطن على وضع أمواله في جيوبهم بكل راحة.
لكل وقت أذان ، ولكل عصر معطياته، والأجيال التي تفتح وعيها على عصر مختلف وتقنيات حديثة، وتتقن التواصل والتخاطب مع أشخاص حول العالم، تحتاج إلى مرافق سياحية تليق بها وتناسب تطلعاتها.