محمد الوعيل- الرياض السعودية-
إذا كان صحيحاً ما حذّر منه عضو مجلس الشورى، الدكتور صدقة فاضل، من تزايد أعداد السعوديين المقيمين بصورة دائمة في الخارج، فإننا أمام "ظاهرة" جديدة تشكل معضلة اجتماعية، تستحق الوقوف عندها وتأمل أسبابها بشكل صارم، لأنه لا يمكن أبداً قبول أن تكون بلادنا منطقة جذب للملايين من أبناء الدول الأخرى، الباحثين عن فرصة أفضل للحياة، وفي نفس الوقت تكون مؤلمة لأبنائها!.
وفق ما طرحه الدكتور صدقة في عرضه في مجلس الشورى، فإن نحو مليون سعودي (يمثلون 5 في المئة من تعداد السكان) يقيمون خارج المملكة بشكل دائم أو شبه دائم، والأهم أننا لا نملك معلومات كافية عنهم وعن ظروفهم الحياتية، والأخطر أننا لا نعرف الأسباب الحقيقية ل"هجرتهم" إذا صحّ التعبير، وبالتالي توجد احتمالات كبيرة لسقوط بعضهم في فخ الاستقطاب الإرهابي أو الوقوع ضحايا عمليات تضليل فكري تخدم بالأخير مخططات وأجندات غير سويّة أو مشكوك فيها!.
يحدث كل ذلك، وبلادنا تخوض حرباً شرسة وعلى كل المستويات ضد الأفكار والتنظيمات وقوى الشرِّ المحيطة، والتي لا يخفى على احد استهدافها الصريح وربما غير المعلن لنا، أرضاً ووطناً وشعباً.
وهنا لا ينبغي السكوت أمام هذا الرقم الضخم، والذي يعني في نهاية المطاف ضرورة أن تتخذ الدولة الإجراءات الكفيلة لمعرفة الأسباب الحقيقية، ودوافعها الاجتماعية أولاً، ومن ثم مخاطرها التي تمس الأمن القومي السعودي من جهة، إضافة إلى الشعور الوطني الذي يجب في هذه الحالة ألا نترك عملية ضربه في الصميم ونحن نتفرج أو نسكت أو ننتظر حلولاً من السماء.
صحيح، أن مثل هذه الهجرة للخارج، لا تسقط حقوق هؤلاء في الرعاية ومعرفة أحوالهم المعيشية والاجتماعية، ولكنها من جهة أخرى، تضع عبء مسؤولية أخرى على الدولة التي يرعاها رمز هذا الوطن سلمان بن عبدالعزيز الملك الذي يقف على كل كبيرة وصغيرة..
لهذا يكون دور وزارة الخارجية، مع المؤسسات السيادية الأخرى في هذا الوطن، ضرورة قصوى لدراسة الأسباب بشكل علمي ومنهجي وصريح، والشروع في اتخاذ سياسات جريئة ومناسبة لضمان المصالح العليا للوطن وللأفراد، كي لا ندفع ثمناً فادحاً يُضاف إلى الأثمان البالغة التي ندفعها جراء استمراء الصمت وعدم مواجهة بعض المشكلات.
نحن نعرف أن المملكة حريصة على أبنائها، ومن مسؤوليتها القصوى تأمينهم أينما كانوا. ورغم أنه صحيح أنه حسب المعلومات فأكثر هؤلاء (نحو مليون شخص) يقيمون في مصر وبريطانيا والولايات المتحدة ولبنان والمغرب، والإمارات) نسبة قليلة منهم بداعي الاستثمار في الخارج، وهذه يمكن تفهمه بحذر، لكن استمرار وجود مثل هذه الأعداد يحرم الوطن من أغلى أبنائه، ويضع على عاتقنا السؤال الذي يجب الإجابة عنه فوراً: لماذا يترك بعضنا بلده ويقيم في دولة أخرى؟.
من يُجيب وبصراحة؟
*تذكر
تذكر يا -سيدي- أن الوقت الضائع لا يعود.