خلف الحربي- عكاظ السعودية-
تبدو مسألة إجراء اختبارات القياس للأزواج الجدد في غاية الطرافة، فالزواج ليس علما مثل الكيمياء والفيزياء والرياضيات بحيث يمكن لمصححي الاختبار تحديد الأجوبة الصحيحة من الخاطئة بقدر ما هو تجربة متعددة المراحل تتداخل فيها التفاصيل اليومية الصغيرة وتحديات الحياة الكبرى حتى تصبح أخطاء الزوجين في بداية التجربة أوتادا تثبت خيمة (العشرة) بينما التصرفات التي يفترض أنها صحيحة قد تتحول إلى عوائق حقيقية أمام استمرار التجربة بسبب تناقض الشخصيات داخل مؤسسة الزواج واختلاف الظروف المحيطة بكل حالة ما يوجد في بعض الأحيان حاجة ما للمناورة أو المراوغة أو المداهنة.
باختصار كل تجربة زوجية في هذا العالم لها (باسوورد) خاص ورقم سري لا تستطيع وزارة الشؤون الاجتماعية ولا حتى الاستخبارات العامة فهم ألغازها، صحيح أن ثمة قواعد عامة متعارف عليها تطرح كوصفة لنجاح العلاقة الزوجية ولكنها ليست قاعدة أساسية فكم من تجربة زوجية كانت مريرة في بداياتها ثم ترسخت مع مرور السنوات وكم من تجربة كانت أحلى من العسل في عامها الأول ثم تحولت إلى سلسلة من المعارك الدائمة التي لا ينهيها إلا موت أحد الزوجين.
ثم فلنفترض جدلا أن الزوجين نجحا في اختبار القياس الزوجي وحصل كل واحد منهما على درجة الامتياز فمن يختبر أهالي الزوجين ؟ فقد يكون رأس البلاء أم الزوجة أو أم الزوج أو الأبوين، ومن ذا الذي يعلم بالظروف المالية أو الاجتماعية التي قد تصادف الزوجين بعد عدة سنوات وتكون سببا في فشل هذا الزواج عمليا رغم نجاح الزوجين في اختبار القياس التحريري.
في الغالب لا شيء أكثر رقة من الرجل في فترة الخطوبة ثم سرعان ما يتحول إلى جنكيز خان بعد ستة أشهر من الزواج ولا شيء أكثر تواضعا من المرأة قبل ليلة الزفاف ثم سرعان ما تتحول إلى الملكة أحلام بعد ساعتين من زيارة أمها لها في عش الزوجية.
لا أعرف ما إذا كان هذا الاختبار الجديد مدفوع الثمن أو مجانيا ولكن إذا كانت ثمة رسوم على هذا الاختبار العجيب فمن المؤكد أن مسألة القياس قد تحول إلى تجارة رائجة وسيأتي اليوم الذي تكون هناك اختبارات قياس للأب في كيفية تعامله مع أولاده ولسيدة المنزل في كيفية التعامل مع الخدم .. والحسابة بتحسب!.