بصراحة شديدة، بعض بنود نظام المساعدات الاجتماعية الحالية تساعد على تفكيك الأسر، وتشجع على استسهال اتخاذ قرار الطلاق، والأرقام واضحة وتنشر باستمرار، جميعها تؤكد ازدياد حالات الطلاق السريع بين المواطنين والمواطنات في الدولة، وبشكل أصبح يمثل ظاهرة تحتاج للدراسة والتمحيص، ومن ثم التنظيم والتدخل!
وجه الربط بين زيادة نسبة الطلاق بعد زواج قصير وبين نظام المساعدات الاجتماعية يتمحور في نقطة واحدة، ربما لا تكون هي الأساس لكنها بكل تأكيد عامل مساعد ومشجع للمرأة كي تنفصل وتطلب الطلاق عند مواجهة المشكلة الأولى، فالمطلقة تدخل فور طلاقها ضمن الفئات المستحقة للإعانة الشهرية إن كانت لا تعمل، وتالياً ومن باب الراحة والاستسهال تترك المرأة عملها، وتدخل في مشكلة مع زوجها لتنفصل عنه، وتحصل على مساعدة شهرية من الدولة وهي جالسة في المنزل.. معادلة مغرية تستحق التضحية بالزوج والعمل!
قد يعتقد كثيرون أن في هذا الربط مبالغة، ولا توجد هناك امرأة تضحي بزواجها وعملها من أجل مساعدة مالية شهرية، وبالتأكيد تعميم هذا الأمر خطأ بليغ وفادح، ولا شك أن هناك أسباباً أخرى لحالات الطلاق، لذلك دعونا نتفق مع وجهتي النظر، هناك من المطلقات من لا يهتممن بأمر الضمان الاجتماعي، ولديهن دوافع مختلفة لطلب الطلاق، ولكن علينا أيضاً أن نترك العواطف والمشاعر، ونتجه للغة الأرقام التي غالباً ما تكون دقيقة، وتعطي مؤشرات واقعية أكثر صحة من الكلام العاطفي العام، وتؤكد وجود فئة من المطلقات استسهلت الانفصال.
لغة الأرقام تقول إن عدد المطلقات ممن هن دون 35 عاماً بلغ منذ بداية العام الجاري حتى نهاية الشهر الماضي 50 حالة، أي بواقع 10 حالات شهرياً، وهو رقم مخيف جداً، يهدد تكوين الأسرة الإماراتية، وتركيبتها، والأكثر غرابة من الرقم المرتفع أن جميع هؤلاء «الشابات» المطلقات كن على رأس عملهن قبل الزواج، وتركن العمل بعد الطلاق، ليدخلن في فئة الضمان الاجتماعي، ويحصلن على مساعدات شهرية من الحكومة!
شابات في سن الإنتاج والعمل في دولة تحتاج إلى جهد كل مواطن ومواطنة كي يسهموا في دورة الإنتاج والتنمية والتطوير، دولة تحتاج إلى كل ساعد كي تستمر مسيرة البناء والنهضة، ومع ذلك هناك طاقات معطلة، أو تتعمد تعطيل نفسها، وتلجأ إلى الاتكالية، للحصول على مال شهري مقابل الجلوس في المنزل دون عمل!
لن تبخل الدولة على مواطنيها أبداً، وأموال المساعدات الاجتماعية تتضاعف بشكل دوري، والحكومة تسعى جاهدة لإسعاد الجميع، لكن هذا لا يعني استغلال القانون، فزيادة شريحة فئات الضمان الاجتماعي بشكل كبير، ودخول فئات هي أقل حاجة من غيرها، لاشك أنه يشتت الحكومة في التركيز على الحالات المستحقة فعلياً، وهو أمر لا يخلو من اعتداء من لا يستحق على أموال من يستحق!
أرجو أن نحصر الحديث في فئات بعينها تستغل المساعدات الاجتماعية، وألا يفهم كثيرون بتعمد وبقصد أو من غير قصد، أن المطلوب وقف نظام المساعدات، أو قطعه عن الفئات المستحقة، بالتأكيد هناك من سيروج لذلك، فهناك مستفيدون غير حقيقيين ليس من مصلحتهم فتح هذا الموضوع، وهناك متربصون للحكومة والدولة يريدون إيغار القلوب والصدور ضدها بمناسبة وبغير مناسبة، ومثل هذه القضية فيها كثير من العاطفة ويسهل التدليس والكذب فيها.
لن يطالب أحد بوقف أو قطع المساعدات، بل جميعنا نطلب تطوير النظام بحيث تتم زيادة وتنمية المستحقين الحقيقيين، وإبعاد كل من يثبت تزويره أو خداعه أو استغلاله للقوانين المنظمة لهذا القطاع، بغرض كسب مال إضافي من مصدر سهل.
وتالياً فإن دخول فئة المطلقات الشابات اللاتي تقل أعمارهن عن 35 عاماً، وتركهن وظائفهن، لشريحة الضمان الاجتماعي أمر لا يجب تركه عاماً، بل يجب تقنينه وفقاً لكل حالة على حدة، وعلى وزارة تنمية المجتمع السعي أولاً لإرجاع المطلقة إلى وظيفتها، أو البحث لها عن وظيفة قبل إعطائها الإعانة الشهرية، فالوظيفة أفضل لها وللمجتمع وللدولة، لا مانع أبداً من إعطائها المساعدة الاجتماعية لكن لفترة معينة إلى حين الحصول لها على وظيفة مناسبة، حينها تستطيع الوزارة أن تركز على فئات أكثر حاجة وأكبر سناً وأكثر عوزاً!
سامي الريامي- الامارات اليوم-