تقدر إحصاءات وزارة الشؤون البلدية والقروية التي وردت في «الإستراتيجية الوطنية العمرانية» أن 88% من السعوديين سيقطنون المدن بحلول عام 2025 واصفة ذلك بأنها أعلى نسبة تحضر في العالم بعد أن كانت لا تتجاوز 77% عام 1992 وأن عدد سكان السعودية سيرتفع إلى 29 مليونا عام 2020.
فإذا كانت مدننا بوضعها الحالي مكتظة بسكانها الذين ما زال أكثر من 50% منهم لا يملكون مساكن خاصة؟! ومزدحمة بشوارعها التي لا تزال السيارة الاختراع الوحيد الذي يسير فيها حتى تحوّل التنقل من وإلى المدارس والجامعات وأماكن العمل إلى كابوس يومي يتخلله المعدل الأعلى للحوادث على المستوى العالمي
مواضيع أخرى
إيران إلى الزوال
بخسائر في الأرواح قدّرها بعض الباحثين بـنحو 90 ألفاً وأضعافاً من المصابين والمعاقين خلال العقدين الأخيرين؟! ولم تكتمل بعد بناها التحتية بما في ذلك تغطية شبكات مياه الشرب والصرف الصحي وتصريف السيول.
وما زالت معظم مباني المؤسسات التعليمية والصحية مستأجرة، وما زالت الخدمات البلدية تقدم بأساليب بدائية لا تعرف في قاموسها إعادة التدوير ولا تطبيق جدولة زمنية ملزمة لجمع النفايات ولا ضبط سلوكيات المسرفين في رميها بفرض الغرامات والعقوبات المناسبة، ولم يتوفر فيها بعد ما تستحقه من حدائق عامة ومواقع ترفيهية ومكتبات وممرات وجسور للمشاة تناسب كافة فئات المجتمع، ولا يوجد فيها تطبيق فعال للقوانين التي تضبط الفوضى السلوكية في قيادة السيارات وفي ارتياد الأماكن الحكومية والخاصة والعامة وفي احترام حقوق الآخرين مواطنين ومقيمين فضلاً عن احترام حقوق الحيوان.
فإذا كان هذا هو الوضع المؤلم لواقع مدننا حالياً فكيف سيكون حالنا وحالها بعد 5 أو 10 أو 20 عاماً؟ ما لم تنفذ الخطط التنموية كما يجب.
فلكي تتحول المدن السعودية إلى مدن صديقة لقاطنيها باعثة في نفوسهم مزيدا من روح الانتماء والتآلف والعطاء والإبداع فإنها لا محالة بحاجة لحلول جذرية تعالج مشكلاتها معالجة جراحية كاملة مهما كانت مؤلمة، والأمل معقود بلا شك على قادة هذه البلاد وفقهم الله في تحقيق رؤية 2030 التي نأمل أن تنقل مدننا وساكنيها النقلة النوعية التي يستحقها وطن بحجم المملكة العربية السعودية حماها الله من كل مكروه.
د. أحمد أبو عمرو الغامدي- عكاظ السعودية-