ستكمالا لمقال معاناة المعاقين وإجابة عن السؤال المطروح ماذا ينقص المعاق في مجتمعنا؟
قدمت السلطة التشريعية في الدولة العديد من اللوائح الخاصة القانونية برعاية وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة بهدف حماية وتحقيق الدمج الاجتماعي الكامل. ولكن أوجه القصور عديدة والكثير منها يرجع إلى آلية تطبيق وتنفيذ العديد من القرارات ونقص المراقبة والمتابعة للخدمات المقدمة لذو الاحتياجات الخاصة.
التهميش الحالي في قضية متابعة حقوق المعاقين في بعض القطاعات كالمجلس الصحي السعودي الذي ينقسم لتسعة لجان منها: لجنة الطب المنزلي، لجنة داء السكري...غيره، ألا يستحق ذوو الاحتياجات الخاصة لجنة تهتم بأوضاعهم الصحية!
عدم وجود هيئة للمعاقين مستقلة تساعد على تنظيم وحفظ حقوق المعاقين من الضياع والتشتت، فهناك فجوة بين الجهات الحكومية في عدم وضوح اختصاصات كل جهة بالنسبة للأسر.
ما زلنا في مرحلة متأخرة من التوعية الأسرية وتوعية المجتمع بالنظرة تجاه المعاق، بدأ من الأسر فليست جميع الأسر مدربة على التعامل مع المعاق وتقبله، الأدوار متشابكة والنقص فيها، فمثلا وزارة الإعلام لا تركز باستمرار على قضايا المعاقين ومشاكلهم، وتنشئة ثقافة تحترم صاحب الاحتياجات الخاصة، قارن مدى الاهتمام بالقنوات الرياضية وتعددها، وكم عدد البرامج المختصة بالمعاقين؟!
قصور أداء مراكز التأهيل والاكتظاظ وضعف الرقابة فيها وتعرض نزلائها للتعنيف، الزيادة في أعداد المعاقين لم يرافقه زيادة في مراكز التأهيل الشامل، وفي تدريب العاملين بجودة عالية.
الحقوق ليست حبرا على ورق، أما مراكز الرعاية النهارية بلغ تعددها 12 مركزا حكوميا فقط!! وغير الحكومية التابعة للقطاع الخاص واللجان الأهلية 120 مركزا، وقد زادت المراكز الخاصة بعد القرار (291) 1433 بالموافقة على اللائحة التنظيمية لمراكز تأهيل المعوقين غير الحكومية بهدف تشجيع القطاع الأهلي على المشاركة في رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة.
البعض يرى أن تقديم المعونة المالية أمر كاف، والقرارات الجديدة التي أطلقتها وزارة التعليم كالقسائم التعليمية ستحل المشاكل التعليمية والقسائم التعليمية هي دفع الرسوم الدراسية للطلاب المستحقين للدراسة في المدارس الأهلية، مع العلم أن عدد المدارس الأهلية الحالية التي تخدم التربية الخاصة قليل جدا ولا يكفي حتى أعداد المستحقين للقسائم. مرحلة الدمج التعليمي تسبقها مرحلة التهيئة والمراكز المختصة قليلة جدا ولا يغطيها قرار القسائم التعليمية.
التعليم من أعقد المشاكل لتعدد الفئات واختلاف قدرات ذوي الاحتياجات، والقسائم التعليمية تقتصر على فئات قابلة لتعلم، أما من ابتلى بنسبة ذكاء دون 50% فلن يجد مكانا، الفئة الأقل ذكاء تحتاج إلى برامج التهيئة لتدريبهم مهارات حياتية أساسية تساعدهم في الانخراط في المجتمع وتمكنهم من الاعتماد على أنفسهم وتلبية احتياجاتهم.
أما الدمج في المدارس الحكومية لفئات ذوي الاحتياجات الخاصة التي تفوق نسبة ذكاءهم 50% فقد خطت وزارة التعليم خطوات جيدة فيها وتحتاج المزيد من التطوير من ناحية البرامج والمناهج والكوادر وتجهيز البيئة المناسبة لهم.
قدمت الشؤون الاجتماعية مبادرات في رؤية 2030م كتعديل نظام المعاقين واللائحة التنفيذية، ووضع استراتيجية وطنية لذوي الإعاقة، نتمنى أن تحمل الاستراتيجية بين طياتها تطبيقا حقيقيا يعطي ذوي الاحتياجات الخاصة فرصة كاملة للمشاركة في الحياة الاجتماعية الطبيعية.
إفساح الطريق لإجراءات أكثر شمولية وشفافية تراعى التوزيع المناسب للخدمات المقدمة، فالمعاق في الرياض ليس كالمعاق في منطقة نائية.
بعض الأمور البسيطة تشكل فرقا في التعامل تخيل مستشفيات تحد من الانتظار الطويل للمراجعين المعاقين، تخيل مصاحف بلغة برايل في المساجد، تخيل رئاسة الحرمين توفر خدمات تساعد المعاق بالتنقل بكل سهولة، تخيل أن تعدل البلديات من أوضاع الشوارع والحدائق، حتما سنكون في كوكب آخر، والكوكب الآخر هو كوكب الدول المتطورة التي قدمت العديد من الأفكار على أساس التخطيط وفق مبدأ (مدينة للجميع).
هل تصدق أن ثمانية مناطق وقعت مع مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة بأنها مناطق صديقة للمعاق! لا أعلم حقيقة هل هناك منطقة سرية محجوبة عن الأعين! يتمتع فيها المعاقون بوظائف مناسبة ووسائل ترفيه وتسوق ومدارس وجامعات توفر مصاعد كهربائية وممرات مناسبة وملاعب رياضية وأندية مجهزة لهم.
الحقيقة المرة أن ممارسة الأنشطة اليومية بالنسبة لكثير من ذوي الاحتياجات الخاصة صعبة للغاية بسبب أننا نجيد كتابة اللوائح والتوصيات ونتناسى التطبيق.
آلاء لبني - مكطة السعودية-