هل يولد الإنسان خبازًا أو سباكاً أو ميكانيكي سيارات. هل المهن السائدة اليوم فطرية.. في كل مرة أسمع هؤلاء الذين يشتكون ويطالبون بالسعودة. أتساءل هل إحلال السعودي مكان غير السعودي هي مجرد إحلال إنسان مكان إنسان آخر. فك هذا وركب هذا؟
قصة الأجنبي الذي يعمل في بيتك طويلة ومعقدة وأهدرت بسببها أموالاً كثيرة. هذا الأجنبي الذي يعمل في بيتك سباكاً, جاء إلى البلاد في معظم الحالات معدوم المهارات ولكن غياب الاشتراطات والتشريعات جعلته يتعلم بتخريب صغير في بيتك ثم بتخريب مماثل في بيتي ثم بتصحيح الخطأ في بيت جارك وهكذا حتى عرف كيف يركب أنبوباً في أنبوب أو يوصل سلكين بشطرطون. هل المطلوب من السعودي الذي نرغب فيه أن يحل محله أن يتعلم بنفس الطريقة. يحوس بيتك ثم يحوس بيتي ثم يصحح اخطاءه في البيت الثالث.
تضخمت كلمة السعودة حتى كادت تتحول إلى إيديولوجيا عنصرية. ترجمت إلى حرب على الأجنبي ولم تترجم إلى إعداد المواطن ليكون منافساً للأجنبي ثم يحل محله. كم مركز تدريب على الأشغال الكهربائية في الرياض. لا أعلم بيد أني لم أشاهد أعلاناً واحداً يبيع خدمات التدريب على المهن الأساسية كالسباكة والكهرباء وخياطة الملابس والطبخ على سبيل المثال. نحن نعيش في العصر الحديث. كل مهنة تتطلب تدريباً وإعداداً وشروطاً وترخيص عمل من جهة من الجهات الرسمية. هذا كله غير موجود في المملكة. استطيع الآن أن ألبس بنطلون وأحمل في يدي سيفون وأجلس في محل بيع أدوات سباكة. عندما اتعاقد معك سيسعفني خيالي أن أحل مشكلتك وإذا لم أوفق وسببت مشاكل في بيتك أقصى ما تستطيعه معي أن تقول (فارقنا يا أخي). على المدى الطويل سوف أتعلم. هل المطلوب من السعودي أن يسير على نفس النهج.
ثمة قانون يفرض السعودي على سوق العمل تحت مسمى نطاقات. هذا القانون يرى أن المؤهل الوحيد الذي يجب أن يحمله السعودي هو بطاقة الأحوال. صار صاحب المنشأة يوظف السعودي بهذا المؤهل تكملة عدد. نتيجة طبيعية. غياب المرحلة الأساسية التي يتوجب أن يمر بها السعودي جعل كلمة السعودية مادة لكل من يريد أن ينافق المجتمع أو يعبر عن انعزاليته. بدون تدريب ما فيه سعودة. التدريب لا يكسب المرء مهارة بل يكسبه الثقة بالنفس والاعتزاز بالمهنة أيضاً.
إذا أردنا اقتصاداً مزدهراً علينا أن نطالب بتأهيل السعودي وتدريبه لا توظيفه فقط.
عبدالله بن بخيت- الرياض السعودية-