تقول دراسات عدة إن أمية الآباء لا تعود بالنفع على أبنائهم على مستوى بناء الشخصية، وكذلك التعليم والانخراط في أعمال مفيدة للمجتمع، كما أنها تكون عاملا خطيرا يشير إلى إمكانية انخراط الأبناء لاحقا في الجريمة، وذلك حسبما كشفته نتائج دراسة صادرة عن كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز للقيم الأخلاقية، التابع لجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، حيث بينت نتائجها أن 43 % من آباء مرتكبي الجرائم أميون.
القيم الأخلاقية
تقول الدراسة -التي حصلت «الوطن» على نتائجها من إدارة العلاقات العامة في الكرسي- إن 6% فقط من عينة المجرمين ملتزمون دينيا، حيث تناولت الدراسة الفوارق النفسية والاجتماعية والاقتصادية بين عينة من الأسوياء، وعينة من مرتكبي الجرائم في كل من جدة والرياض والدمام، وبيان أهمية تلك العوامل في تكوين أو إضعاف أو ترسيخ القيم الأخلاقية. وبينت الدارسة التي قام بها أستاذا علم النفس المساعدان بكلية التربية بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور يزيد الشهري والدكتور سيد أحمد الوكيل، في مقارنتها حول الالتزام الديني بين الأسوياء والمجرمين أن 57.2% من الأسوياء ملتزمون، يقابلهم 6% فقط من عينة مرتكبي الجرائم ملتزمون، وأن نسبة 72.7% منهم غير ملتزمين، والبقية ملتزمون إلى حد ما. كما أظهرت الدراسة ارتفاعا في المستوى التعليمي لدى عينة الأسوياء، حيث بلغت نسبة الجامعيين 53.3%، بينما بلغت نسبة من حصلوا على تعليم عالٍ لدى مرتكبي الجرائم 6.7% فقط.
قيم وصفات
خلصت الدراسة إلى أن الأسوياء أكثر تمتعا بالقيم الأخلاقية المتمثلة في الأمانة والصدق والإخلاص والتعاون والالتزام والمشاركة وتحمل المسؤولية، لأنهم أكثر انضباطا وانصياعا لمجموعة القواعد والمعايير والضوابط والأنشطة التي تتوافق والسلوك الأخلاقي السائد في المجتمع، وهذا المستوى المرتفع من القيم الأخلاقية يحميهم من الوقوع في براثن الجريمة والجنوح والانحراف، كما ينم عن ضمير يقظ هو محصلة للعوامل النفسية والاجتماعية التي يتمتعون بها، إضافة إلى مؤسسات التربية التي وجدوا فيها، والمتمثلة في الأسرة والمدرسة وجماعة الرفاق ووسائل الإعلام والمؤسسات الدينية. وعلى النقيض تماما، فإن عينة مرتكبي الجرائم يعبرون عن اضطراب تام في أنواع وأنماط القيم الخلقية، علاوة على ضعف في ضميرهم الخلقي، مما حدا بهم للوقوع في الجريمة والاضطراب السلوكي غير المقبول اجتماعيا.
عوامل مؤثرة
يرى الباحثان أن القيم الأخلاقية تنشأ تحت تأثير العوامل التربوية والنفسية والاجتماعية والأسرية، وتبين من خلال استمارة البحث أن نسبة 50.7 % من عينة مرتكبي الجرائم وضعهم المادي ضعيف، بينما بلغت نسبة الدخل الضعيف لدى الأسوياء 22 %. كما بينت الدراسة أن الغالبية العظمى من آباء عينة الأسوياء
76.7 % قد حصلوا على تعليم «ابتدائي أو متوسط أو ثانوي أو جامعي»، حيث بلغت نسبة المؤهلين جامعيا 25.3 %، فيما بلغت نسبة الأمية لدى آباء عينة مرتكبي الجرائم
43.3 %، وتعادلت نسبة الأمية لدى أمهات العينتين، وذلك بواقع 37 %، يقابلها 62% من أمهات الأسوياء ممن حصلن على مؤهل تعليمي «ابتدائي، متوسط، ثانوي، جامعي» منهن 18.7 % حاصلات على الشهادة الجامعية، فيما كانت نسبة أمهات عينة المجرمين الجامعيات 9.3 % فقط.
توصيات مهمة
توصلت الدراسة إلى أهمية دور الأسرة في غرس وترسيخ القيم منذ الطفولة، وأكدت أنه يجب على الأسر الحرص على تنمية الضمير الخلقي، وكذلك بالتركيز على التنشئة الاجتماعية وأهميتها في ترسيخ القيم الأخلاقية، وعلى ضرورة إدراج القيم بعناصرها المختلفة المناسبة لجميع المراحل الدراسية في المناهج، وعلى ضرورة عمل برامج إرشادية وعلاجية لترسيخ هذه القيم في نفوس الجانحين ومرتكبي الجرائم، لأن في ذلك علاجا لهم ووقاية لباقي أفراد المجتمع من الوقوع في براثن الجريمة والانحراف.
الوطن السعودية-