مجتمع » ظواهر اجتماعية

"وطن بلا مخالف" حملة سعودية لتأمين المجتمع ومواجهة البطالة

في 2017/03/28

جاءت حملة "وطن بلا مخالف"، التي أطلقها ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن نايف، لوضع حد لوجود ما بين 3 إلى 5 ملايين مقيم بصورة غير شرعية، ولما لوجودهم من آثار غير محمودة على المجتمع والأمن.

هذه الحملة هي الثانية التي تباشرها المملكة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، إذ استهدفت الأولى في العام 2013 المقيمين غير الشرعيين، ومن يعملون في غير المهن التي استقدموا لأجلها، وطاول الترحيل خلالها أكثر من 2.5 مليون مقيم غير شرعي، وجرى تصحيح أوضاع نحو ثلاثة ملايين وافد.

ومن المتوقع أن تفضي "وطن بلا مخالف" إلى خروج مليون مخالف على الأقل خلال الأشهر الثلاثة للمهلة.

-إصلاحات وتوطين

وتأتي هذه الحملة ضمن إصلاحات حكومية شاملة لمعالجة مشكلة البطالة بين السعوديين وفق "رؤية 2030"، وفي الوقت الذي تسعى فيه المملكة إلى تخفيض نسبة البطالة من 12% إلى 9% في عام 2020، ورفع نسبة توظيف المرأة إلى 28%، بدلاً من الوافدين الذين يقارب عددهم تسعة ملايين شخص.

وفي المملكة أعداد كبيرة من العمالة الآسيوية والأفريقية والعربية، لكن المعضلة في التوطين تكمن أن الشركات العاملة في مجالات تتضمن أعمالاً حرفية ويدوية لا تجذب السعوديين، ويعمل بها الوافدون لا سيما من الجنسيات الآسيوية.

وزارة الداخلية السعودية أوضحت أن "وطن بلا مخالف" تستهدف أربع فئات من الوافدين؛ وهم كل وافد ليست لديه وثيقة إقامة تثبت هويته، وكل وافد لديه وثيقة إقامة وخالف نظام الإقامة والعمل، وكل وافد دخل السعودية بتأشيرة حج أو عمرة أو عبور ولم يبادر بالمغادرة بعد نهاية صلاحيتها، وكل وافد خالف التعليمات بالحج من دون تصريح.

وأكد اللواء سليمان اليحيى، مدير عام إدارة الجوزات السعودية، إعفاء المقيمين المخالفين إذا بادروا بإنهاء أوضاعهم ومغادرة المملكة خلال مهلة الـ90 يوماً، حيث سيتم إعفاؤهم من الغرامات التي تتراوح ما بين 15 إلى 100 ألف ريال سعودي، وقد تصل إلى مليون ريال في بعض الحالات.

كما أوضح اليحيى، في تصريح صحفي نقلته صحيفة "الجزيرة" السعودية، أن المخالفين المبادرين سيتم إعفاؤهم من الغرامة والعقوبة، وكذلك من الحصول على بصمة "مرحَّل" والتي قد تصل عقوبتها من 3 إلى 10 سنوات حرمان من دخول المملكة، وقد تشمل عدم العودة إلى المملكة إطلاقاً.

-دعوة لحل نهائي

وشهدت حملة "وطن بلا مخالف" ردود أفعال متباينة؛ فقسم من السعوديين اعتبر أنها "ضرورية" لنزع فتيل المخالفين الذين سيتجاوز عددهم أعداد المقيمين، في حين اعتبرها آخرون "فاشلة" وستشبه ما سبقها من الحملات التي لا تستمر لإنهاء ظاهرة المخالفين بشكل كامل، مطالبين بإقرار قوانين تنهي الوجود غير الشرعي.

وكان ممّن تفاعل في هذا السياق، عضو مجلس الشورى السعودي، صدقة فاضل، الذي أكد أن المجلس تقدم بمشروع نظام مكافحة الهجرة الاستيطانية، والذي يخص المقيمين بصورة غير شرعية في المملكة.

وقال فاضل في تصريح لـ"عكاظ": "لاحظت أن هناك أعداداً كبيرة جداً من القادمين إلى المملكة من دول أفريقية وآسيوية يقيمون فيها، وبالأخص بالمدن الكبرى، وتحديداً بالمنطقة الغربية، بصفة دائمة، وليس لديهم أي رغبة أو نية في العودة إلى بلدانهم؛ لأنهم أتوا إلى المملكة لكي يمكثوا إلى الأبد"، مبيناً أن أعدادهم تصل إلى "الملايين".

وشدد على أن "لهؤلاء المقيمين غير الشرعيين سلبيات اقتصادية وأمنية واجتماعية وصحية"، وأن "الحل ليس في تجنيسهم، وإنما تشكيل اللجنة الوطنية العليا التي اقترحتها لحصرهم وتحديد أماكنهم وأعدادهم، ثم النظر في حالاتهم"، على حد تعبيره.

وفي العام 2015 كشف تقرير لوزارة العدل السعودية أن المخالفين في المملكة يرتكبون 54 جناية يومياً، بواقع جناية كل 24 دقيقة، لكن مع ترحيل نحو 40 ألفاً منهم في العام الماضي، أكدت الوزارة في تقرير منفصل أن معدل الجرائم انخفض بنسبة 12.3% في 2016 بعموم المملكة؛ ما يشير إلى تأثير الوجود غير الشرعي على المجتمع السعودي وأمنه.

-مصير من لا وطن لهم

لكن هناك معضلة تتمثل فيمن لا يمكنهم العودة لبلادهم التي تشهد حروباً لا سيما سوريا واليمن، حيث يوجد عشرات الآلاف من مواطني هاتين الدولتين يعيشون ويعملون في وضع "مخالف".

وبشأن هذه الفئة تضاربت الأنباء؛ فهناك من ذكر أنهم بإمكانهم البقاء شريطة تمديد سمة الدخول (الفيزا) التي دخلوا من خلالها شهرياً، وسبق أن سمحت الداخلية السعودية للوافدين من الجنسيات اليمنية والسورية بتمديد زيارتهم حتى انتهاء حالة الحرب في بلادهم، أو تصحيح أوضاعهم وفق نظام العمل السعودي.

لكن هناك من أكد أن الترحيل إلى بلد آمن سوف يكون الحل الوحيد الذي ينتظرهم، بحسب ما اطلع عليه "الخليج أونلاين" من مصادر متعددة.

وكالات-