سارة العكاش- الوطن السعودية-
«الممنوع مرغوب». جملة ترتاد مسامعنا بشكل دائم. حقيقةٌ وُجِدت منذ القدم، كثيرا ما نسمع بها في الوسط الاجتماعي، بل إنها أصبحت في بعض الأحيان قانونا يجب السير عليه.
والسؤال هنا: لماذا كل ممنوع مرغوب؟
ماذا تفعل لو وجدت لوحة مكتوبا عليها «ممنوع الدخول»؟ هل تقترب وتختلس النظر من بعيد حتى تعرف لماذا كتب عليها ممنوع الدخول، أم تتجاهل الموضوع؟
فدائما نجد عبارات: ممنوع الدخول.. ممنوع الاقتراب.. ممنوع التصوير.. ممنوع الوقوف... إلخ، ومع ذلك نجد أنفسنا ندخل ونقترب ونصور ونقف، هل هو حب استطلاع أم أنه مجرد فضول؟
بيّنت دراسة كندية جديدة أن اهتمام الأشخاص بالأشياء يزداد عند منعهم عنها وحرمانهم منها، وذلك بسبب تغير في مستوى اهتمام الدماغ بهذه الأشياء ونظرته إليها. فالرغبة بفعل الممنوع ناتج عن تفكير الإنسان بشيء معين يرتبط ببرمجته الأساسية، سواء أكانت من الأبوين أم من المجتمع أم الإعلام أم ذاته نفسها. كما أن الإنسان تحكمه مجموعة من القوانين التي تجعله أمام طريق مغلق لبعض استفساراته، لذا عندما يصادف -على سبيل المثال- «المواقع المحظورة، الكتب الممنوعة» تجده لا يستطيع تجاهل الموضوع، كونه لا يعرف السبب، ويبدأ بالتساؤل: لماذا هذا ممنوع؟، ولا يكف حتى يخترق الموقع المحظور ويشتري الكتاب الممنوع.
فالنفس تلعب دورا مهما في كسر هذا الحاجز، ومجرد التفكير فيه تجعله مرغوبا ويبدأ بكسر القواعد، خاصة إذا كان الممنوع ليس لديه سند قوي.
ذكر الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- في مقابلة له مع المذيعة نيكول تنوري في «حكايتي مع غازي القصيبي»، أن منع بعض رواياته كانت خدمة جليّة له، فمنعها جعلها أكثر رواجا. لأنه بمجرد ما يمنع العمل يحرص الناس على قراءته، وأن هناك أركانا خاصة للكتب الممنوعة في مصر وبيروت ولندن، وعلّق قائلا: «أكاد أتمنى أن يمنع كل شيء».
المقصد مما سبق، أن المنع «غير المنطقي» لا يفقد رغبة الإنسان في الممنوع بل يزيدها، وتوسيع دائرة الحدود أمر مطلوب، فكلما ضاقت اتسعت دائرة الرغبات، وأصبحت بلا حدود.
وهذا ينطبق عموما على جميع الأصعدة، سواء كانت خطابية أو تربوية أو دينية... إلخ.
فكثرة القوانين والخطوط الحمراء في مسائل طبيعية أو ربما تعد حقا مكتسبا، هو أمر خانق ومسألة تحتاج إلى إعادة نظر.
نحن لسنا بحاجة إلى تعريض قائمة الممنوعات، بل بحاجة إلى مراجعة القوانين، وإعادة تصنيف الممنوع والواجب والمسموح، تبعا لاحتياجات هذه الحقبة. والأهم حذف بعض القيود اللا منطقية لتصبح القوانين مرنة ومشجعة للالتزام بها وتطبيقها.