مجتمع » ظواهر اجتماعية

البطالة السعودية ترتفع رغم إجراءات التوطين والإصلاح

في 2017/07/31

الخليج الجديد-

لم تفلح مساعي السعودية في التوطين وإجراءات الإصلاح الاقتصادي، في خفض نسب البطالة، التي كشفت الأرقام الرسمية ارتفاعها بشكل ملحوظ خلال الربع الأول من العام الجاري.

وأظهر التقرير الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء (GaStat)، ارتفاعا في معدل البطالة بين السعوديين، ليصل إلى 12.7%، بواقع 7.2% بين الذكور، و33% للإناث.

وبلغ عدد الباحثين عن عمل بلغ 906.552 فردا، يمثل الذكور منهم 219.017 فردا، ويمثلن الإناث منهم 687.535 امرأة، وفق بيانات السجلات الإدارية لدى الأجهزة الحكومية.

ويسلط ارتفاع عدد العاطلين الضوء على التحدي الضخم الذي تواجهه المملكة من أجل الوفاء بتعهدات بتوفير فرص عمل لمواطنيها وسط تباطؤ اقتصادي طويل.

المفاجأة أن نصف السعوديين الباحثين عن عمل يحملون الشهادة الجامعية، إذ بلغت نسبتهم 50.3%.

فيما أشارت النتائج إلى أن 11.6% من العاطلين السعوديين سبق لهم العمل، وأن 31.6% من العاطلين السعوديين الذين سبق لهم العمل تركوا عملهم بسبب التسريح من صاحب العمل.

وأوضحت نتائج النشرة للربع الأول من عام 2017 أن جملة المشتغلين من واقع بيانات السجلات الإدارية في المملكة بلغت 13.889.137 فرداً في مقابل 13.944.732 للربع الرابع من عام 2016.

وبينت النتائج من واقع بيانات السجلات الإدارية أن أعلى نسبة للسعوديين الباحثين عن عمل كانت في الفئة العمرية 25-29 عاماً، وذلك بنسبة بلغت 34.8%.

وأظهر المسح أن 9.4% من المتعطلين السعوديين سبق لهم التدريب، وبلغ معدل المشاركة الاقتصادية لإجمالي السكان السعوديين 15 عاماً فأكثر 40.3%، بينما بلغ إجمالي تأشيرات العمل الصادرة 314.492 تأشيرة 3.9% للقطاع الحكومي و49.5% للقطاع المنزلي و46.6% للقطاع الخاص، قام القطاع الخاص باستخدام 10.9% منها و87.9% لم تستخدم وتم إلغاء 1.1%.

تحديات

وتتعارض هذه الأرقام، مع خطط الدولة الهادفة إلى خفض معدل البطالة بين مواطنيها إلى 9% بحلول 2020 عبر برنامج الإصلاح الاقتصادي «التحول الوطني»، وإلى 7% في 2030، طبقا لما كشفت عنه «رؤية السعودية 2030».

وتسعى الدولة عبر «التحول الوطني» إلى توفير 450 ألف وظيفة للسعوديين، وإحلال 1.2 مليون وظيفة بالمواطنين بحلول 2020.

وتطبق السلطات أيضا رسوما جديدة وقيودا على القطاعات لتشجيع توظيف السعوديين في الوقت الذي تقلص فيه اعتماد السعودية على العمالة الأجنبية التي يبلغ حجمها 11 مليون فرد.

وأظهر بحث لشركة «جدوى» للاستثمار أن الاقتصاد السعودي أضاف نحو 433 ألف وظيفة سنويا في المتوسط خلال السنوات العشر الماضية، لكن الأجانب شغلوا معظم تلك الوظائف الجديدة.

وتضررت إيرادات السعودية، أكبر مُصدر للنفط في العالم، بتراجع أسعار الخام ما أدى إلى خفض الإنفاق الحكومي الذي دفع بدوره العديد من شركات القطاع الخاص لتسريح عمالة سعودية وأجنبية.

وأعلنت الرياض نهاية العام الماضي، موازنة 2017 بإجمالي نفقات تبلغ 890 مليار ريال (237.3 مليار دولار)، وبعجز مُقدر قيمته 198 مليار ريال (52.8 مليار دولار).

وتشتكي وزارة العمل من عدم تعاون بعض الجهات معها في «سعودة» بعض الوظائف المشغولة بغير سعوديين مثل الجامعات والمؤسسات والهيئات العامة التي لا تملك الوزارة صلاحيات التوظيف على وظائفها.

ولا تواكب المبادرات التعليمية في المملكة أهداف «السعودة»، فضلا عن وجود اعتبارات اجتماعية تناهض خطط إلحاق النساء في بعض القطاعات.

كما أن العديد من القطاعات المستهدفة في برنامج «السعودة» الكاملة، تُقدم وظائف منخفضة المهارة والتي يرفضها السعوديون تمامًا وينظرون لها بدونية؛ ما يعني وجود حاجة ماسة إلى تبنى برامج توعوية ضخمة لتعديل الثقافة المجتمعية تجاه العمل.

إجراءات سعودية

ولمواجهة الظاهرة، قرر وزير العمل السعودي «علي الغفيص»، في يناير/كانون الثاني الماضي، حظر فصل السعوديين من العمل بشكل جماعي، وإيقاف الخدمات عن المنشـآت المخالفة.

وفي محاولة لتوظيف السعوديين، أصدرت الحكومة السعودية العديد من القرارات مؤخرا، تضيق بها الخناق على العمالة الأجنبية في البلاد بغرض إحلالها بمواطنين.

وبين هذه الخطوات، فرض السعودية رسوم شهرية على العمالة الوافدة، بواقع 400 ريال (106.7 دولاراً) خلال 2018 لترتفع إلى 600 ريال (160 دولاراً) في 2019 وتصل إلى 800 ريال (213.3 دولارا) في عام 2020.

فضلا عن فرض رسوم على المرافقين للعمالة الوافدة في السعودية بنحو 100 ريال (26.7 دولاراً) عن كل مرافق شهرياً اعتباراً من يوليو/تموز 2017، ترتفع 100 ريال شهرياً كل عام حتى تصل 400 ريال (106.7 دولار) شهريا عن كل مرافق في 2020.

وضمن الإجراءات الحكومية، وقعت وزارة العمل والسعودية، 24 أبريل/نيسان الماضي، مذكرة تفاهم مع هيئة النقل العام في البلاد لتوطين مكاتب تأجير السيارات.

وأصدر وزير العمل السعودي في 20 أبريل/نيسان، قراراً وزارياً بقصر العمل بالمراكز التجارية المغلقة (المولات) في المملكة، على السعوديين والسعوديات فقط.

وكانت المملكة أصدرت قراراً مماثلاً العام الماضي، بقصر العمل في مراكز الاتصالات على المواطنين فقط، وفرضت عقوبات بحق أرباب العمل المخالفين.

التوطين

وقررت وزارة العمل السعودية، في مارس/أذار الماضي، رفع نسب التوطين في الشركات العاملة في البلاد بهدف خفض نسبة البطالة بين السعوديين.

وسيبدأ تطبيق القرار الجديد اعتبارا من 3 سبتمبر/أيلول المقبل؛ ويختلف تعديل النسب بحسب أحجام المنشآت ونوع النشاط.

ووضع التنظيم الجديد لنسب التوطين للأنشطة الاقتصادية في برنامج «نطاقات»، قطاع التشييد والبناء كأكثر القطاعات المطالبة بتعديل نسب توطين العمالة للحصول على مزايا النطاق البلاتيني.

وعلى الرغم من ذلك، لا يزال التوافق غير قائم بين الحكومة والقطاع الخاص بشأن «السعودة»؛ بغض النظر عن ما يتم نشره من أرقام لالتزام القطاع الخاص بـ«السعودة»؛ فغالبيتها «وهمية».

و«السعودة الوهمية»، وهي حيلة يلجأ إليها بعض أصحاب المؤسسات والمنشآت الخاصة من إلحاق عدد من السعوديين بكشوف العمل بالمؤسسات أو ما شابه، لعدم الوقوع تحت طائلة القانون الذي يقضي بتعيين واستمرار عدد معين من السعوديين بالأعمال الخاصة التجارية بالمملكة كشرط للاستمرار.

فأصحاب العمل يفضلون العمالة الأجنبية على السعودية؛ فالأولى أقل تكلفة وأكثر مهارة.

والتحايل على «السعودة» له صور كثيرة، ومن ذلك ما كشف عنه مراقبون بخصوص مسالة «سعودة» قطاع الجوالات مؤخراً؛ حيث قام بعض ملاك المحال من السعوديين بإرسال الجوالات – التي تحتاج لصيانة - إلى عمالة وافدة تعمل في الباطن من منازلها، وهنا تبرز الحاجة مجدداً إلى تأسيس ثقافة مجتمعية إيجابية تجاه العمل.

وبالإضافة إلى ذلك، هناك إعلانات متلاحقة عن مخططات لتعزيز السعودة؛ فوزارة العمل أعلنت، في مارس/آذار 2016، أنها تبحث «سعودة» كاملة أو جزئية لـ6 قطاعات خلال الفترة المقبلة هي العقار، والسياحة، وسائقي الأجرة، وصيانة الحاسب، محال بيع الذهب، ومحال بيع الفواكه والخضروات.

أيضا، وقعت وزارتي «العمل» و«الخدمة المدنية» في السعودية، اتفاقية لتطبيق ما يُعرف بـ«برنامج تنمية وكفاءة» الذي يتضمن جدولا زمنيا لاستبدال العمالة الوطنية بالأجنبية في القطاع الحكومي.

ونتيجة لما تم تطبيقه من تلك الإجراءات، تراجع عدد العاملين الأجانب في القطاع الخاص السعودي بنسبة 0.4% ونحو 36141 عاملًا، بنهاية فبراير/شباط الماضي إلى 8.452.776 مليون عامل، بحسب إحصائيات رسمية.

وبلغ عدد العاملين الأجانب في القطاع الخاص السعودي، نحو 8.488.917 مليون عامل، نهاية يناير/كانون الثاني السابق عليه، بحسب تقرير المؤسسة العامة للتأمينات الإجتماعية (حكومي).