وكالات-
في ديسمبر الماضي، كشف تقرير لقناة تلفزيونية عراقية أن شحنة من بضاعة قادمة إلى ميناء البصرة جنوبي البلاد، تحمل مواد مخدّرة، علّق عليها مذيع بالقناة بأن "بإمكانها أن تخدّر الشعب العراقي بأكمله"؛ في تأكيد لأنها كمية كبيرة جداً.
المسؤولون في ميناء البصرة ذكروا أن الشحنة قادمة من دولة الإمارات، ولم يستلمها أحد بعد أن كشفتها الأجهزة الرقابية داخل الميناء.
تلك القصة ليست الأولى التي تشير بأصابع الاتهام إلى الإمارات بأنها باتت بلداً مفتوحاً لتجارة المخدّرات، وممرّاً لهذه التجارة المميتة، فتقارير دولية عدة تحدثت عن وجود دور إماراتي في تجارة المخدّرات بالمنطقة.
يأتي ذلك في وقت تتحدّث وسائل الإعلام الإماراتية بشكل مستمرّ عن القبض على عصابات ترويج ومتعاطين للمخدّرات داخل البلاد، وإفشال عمليات تهريبها، فضلاً عن مخاوف من توسّع شريحة المواطنين المتعاطين للمخدّرات، لا سيما المراهقين والشباب.
لكن وبرغم ما كشفته القناة التلفزيونية العراقية حول شحنة المخدّرات المهرّبة إلى البلاد قادمة من الإمارات، تنفي الأخيرة أن تصنَّف بأنها أصبحت ممرّاً لهذه التجارة.
إذ يقول العقيد سعيد عبد الله توير السويدي، مدير عام مكافحة المخدّرات الاتحادية بوزارة الداخلية الإماراتية: إن بلاده "لم ولن تكون معبراً آمناً للمخدّرات، رغم محاولة التنظيمات الإجرامية استغلال تطوّر قطاعات النقل البحرية والجوية والبرية"، بحسب صحيفة الاتحاد.
- المخدّرات تنتشر بين المراهقين
في أكتوبر 2017، كشف المركز الوطني للتأهيل بدولة الإمارات انخفاض سنّ تعاطي المخدّرات بين المراهقين إلى 13 سنة، وأشار إلى أنه ينفّذ خطة للتوعية من أخطار المواد المخدّرة بين طلاب المدارس.
وطالب مدير إدارة الصحة العامة والبحوث في المركز، علي المرزوقي، بـ "تكاتف الجهات المعنيّة كافة لزيادة التوعية المجتمعية بخطورة تعاطي المخدرات، خصوصاً بين هذه الفئة، وتفعيل دور الأسر في مراقبة أبنائها"، وفقاً لصحيفة الإمارات اليوم.
والمصدر نفسه نقل عن المدير العام للمركز، حمد الغافري، قوله: إن "نتائج دراسات كثيرة أظهرت أن الشباب هم الأكثر عرضة لتعاطي المواد المخدّرة والمؤثرات العقلية".
وأشار الغافري إلى أن "المركز ينفّذ خطة وقائية شاملة للتوعية من مخاطر تعاطي المواد والمؤثرات العقلية بين طلاب المدارس، بالتعاون مع دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي، ووزارة التربية والتعليم، وهيئة التنمية الأسرية، وغيرها".
وفي تأكيد آخر لانتشار تعاطي المخدّرات بين فئات عمرية صغيرة، حذّرت وزارة الداخلية الإماراتية، في وقت سابق، على لسان العقيد سعيد السويدي، من أن "التفكّك الأسري وأصدقاء السوء هي أسباب تجعل الطالب لقمة سهلة لتجّار المخدّرات".
وشدّدت على أن "وسائل التواصل الجديدة أتاحت سرعة التعرّف والوصول للمعلومات عن كل ما يدور في خلد المراهقين، وباتت تمهّد الطريق للمغامرين منهم لتجربة ما هو ممنوع".
- دراسات تكشف سبب إدمان الإماراتيين
دراسات إماراتية متخصّصة اتّفقت على أن الأسباب التي تدفع ببعض الأفراد إلى تعاطي المخدرات والعقاقير غير المشروعة تختلف بحسب الأفراد وخصائصهم الشخصية.
وأوضحت تلك الدراسات أن الأشخاص الذين ينجذبون لتعاطي المخدّرات عادة ما يكونون من أولئك الذين يملكون رغبة في المغامرة، أو الذين يعانون من القلق والاكتئاب النفسي، وعدم الثقة بالنفس، والتقليل من قيمة الذات، أو من الذين يعانون من عدم وجود حافز، والفاشلين دراسياً، والذين يميلون لعدم احترام التقاليد والقوانين والأعراف، وضعيفي الوازع الديني، والباحثين دوماً عن اللذة الحسية.
وتوصّلت إحدى الدراسات إلى أن أهم الأسباب المؤدّية إلى تعاطي المخدّرات للمرة الأولى هي الفضول والرغبة في التجربة، والإحساس بالفراغ والملل، والإهمال الأسري.
واتفقت الدراسات على أنه من النادر تعاطي المخدرات لأول مرة بمعزل عن الآخرين، وأن نحو 88% من المدمنين تعاطوا المخدّرات للمرة الأولى بوجود آخرين، وفي الغالب أصدقاء السوء.
ولفتت الدراسات الانتباه إلى أن نسبة كبيرة من المدمنين لم ينهوا تعليمهم الثانوي؛ بسبب ترك أعداد كبيرة منهم المدرسة في سنّ مبكّرة سعياً للحصول على عمل يتمكّنون من خلاله توفير ثمن المخدّرات.
وأضافت أن بعضهم يلجؤون إلى طرق غير مشروعة، قد يكون من بينها اللجوء إلى الاتّجار بالمخدّرات لزيادة دخلهم المالي مع إلحاح زيادة الجرعة في إحدى مراحل التعاطي.
- اعتراف حكومي بوجود تجارة مخدرات ضخمة
في نهاية مارس 2018، أعلن الفريق ضاحي خلفان تميم، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، رئيس مجلس مكافحة المخدّرات على مستوى الدولة، أن حصيلة ضبطيات المخدّرات والمؤثرات العقلية، خلال 2017، بلغت 61.6 طناً.
وأوضح أن هذه الكمية ضُبطت من قبل أجهزة مكافحة المخدّرات والشركاء في المنافذ الرسمية والحدود البرية والسواحل البحرية بالدولة.
ويرمي خلفان كرة الاتهام بانتشار المخدّرات في بلاده على العمالة الوافدة، خاصة الباكستانيين؛ حيث شنّ مؤخراً هجوماً على العمالة الباكستانية مطالباً بمنع دخولها إلى الإمارات.
وقال في تغريدات على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي، تويتر: "يشكّل الباكستانيون تهديداً خطيراً للمجتمعات الخليجية لما يجلبونه من مخدّرات معهم إلى دولنا، يجب التشديد عليهم بإجراءات صارمة في المنافذ".
يشكل الباكستانيون تهديدا خطيرا للمجتمعات الخليجية لما يجلبوه من مخدرات معهم إلى دولنا..يجب التشديد عليهم بإجراءات صارمة في المنافذ... pic.twitter.com/LTCj5OW98m
— ضاحي خلفان تميم (@Dhahi_Khalfan) April 1, 2018
وفي حين حذّر أرباب العمل من تشغيل الباكستانيين، دعاهم إلى إيجاد بدلاء من جنسيات أخرى، معتبراً أن إيقاف استقدام الباكستانيين أصبح ضرورة وطنية.
تصريحات خلفان تشير إلى خوف كبير من مستقبل المخدّرات على الإمارات، خاصة الأجيال القادمة، لا سيما أنه طرح رقماً ضخماً للمواد المخدّرة التي جرى ضبطها في المنافذ الحدودية.
ويبقى السؤال حائراً يبحث عن جواب مناسب حول الكميات التي ينجح المهرّبون بإدخالها إلى الإمارات سنوياً حتى باتت ترعب الإماراتيين، خاصة أن خلفان كشف إحباط عمليات دخول 61.6 طناً من المخدّرات عبر المنافذ الحدودية، فقط في خلال عام واحد، في حين تُطرح الاستفهامات عن فشل "دولة السعادة" -كما تسمّي نفسها- في السيطرة على الأمر أمنيّاً واجتماعياً.