هدى الغامدي- اليوم السعودية-
"قرقع قرقع قرقيعان.. يا أم قصير رمضان.. عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم".. هكذا ستعلو هذه العبارات في شوارعنا وسيرددها الأيام بالقادمة الأطفال فرحين مبتهجين بأهازيج توارثوها جيلاً بعد آخر، تعبيراً عن الفرحة بمنتصف شهر "رمضان".. حيث يجوبون الحارات والطرقات ويطرقون الأبواب بسعادة كبيرة في ألفة ومحبة لا تنتهي بجمع الحلوى والمكسرات.
القرقيعان تقليد سنوي يُحتفل به في معظم بلدان الخليج العربي، وغيرها من الدول الإسلامية، في منتصف شهر رمضان، فهي توحي بأجواء رمضانية رائعة، ويحرص الكثير من الأهالي أن يصنعوا الفرحة في قلوب الأطفال، حيث تستعد العديد من الأسر بمختلف شرائح المجتمع سواء الطبقة المخملية أو متوسطة الحال للاحتفال بهذه المناسبة منذ وقت مبكر، من خلال شراء مستلزمات هذه الليلة من مكسرات وحلوى تغلف تغليفاً خاصاً يتمكن من خلالها الأطفال من حملها على صدورهم، إلى جانب شراء ملابس تراثية تناسب الاحتفالية التي تبدأ عقب صلاة المغرب، بالتجول والمرور على المنازل وهم يرددون العديد من الأهزوجات خصيصاً لهذه المناسبة.
سمي القرقيعان بهذا الاسم في السعودية والكويت، أما في البحرين، فيطلق عليه قرقاعون أو القرنقشوه في عمان، ومع تعداد المسميات تعددت أصولها وجذورها اللغوية، فقيل إن القرقاعون أو القرقيعان هو مصطلح شعبي يُطلق على السلة الكبيرة المصنوعة من سعف النخيل، والتي تُملأ بداخلها المكسرات، ثم تُوزع على الأطفال.
ويقال إن "القرقيعان" هو لفظ عامي مأخوذ من قرع الباب، وذلك لأن الأطفال يقرعون أبواب البيوت في هذه المناسبة، فيما يعتقد آخرون أنها مشتقة من "قرة العين"، وهو ما فيه سرور الإنسان وفرحه، وفي مراجع أخرى يقال إن سبب تسمية قرقيعان بهذا الاسم يرجع إلى استخدام الأطفال في الماضي بعض الأواني مثل الطاسة والقدر «الأواني المنزلية» للقرع عليها.
ويمثل "القرقيعان" صورةً رمضانية رائعة حفظت جانباً إنسانياً واجتماعياً مهماً لا يزال صامداً من الموروثات الشعبية والتراثية، عند احتفالية الأطفال في ليلة منتصف شهر "رمضان"، وهم يجسّدون دور "البطولة" بمختلف أعمارهم عندما يجتمعون -سواء أكانوا أقارب أم جيرانا- على شكل مجموعات يجوبون بعدها البيوت وهم يرتدون ملابس شعبية نسجت خصيصاً لهذه المناسبة في بعض مدن المملكة ودول الخليج، ويحملون معهم أكياساً يجمعون فيها الحلوى والمكسرات التي تُهدى إليهم من الأهالي.
وأكد باحثون اجتماعيون على أن هذه المناسبات والاحتفالات تنعكس بآثار اجتماعية ونفسية إيجابية على جميع أفراد الأسرة والمجتمع من حيث تقوية الأواصر والترابط بين الأقارب والجيران كما تغرس في نفوس الأطفال حب الشهر الفضيل من حيث ارتباطه بالفرح لديهم، مما يزيد من أهمية الحفاظ على هذا الموروث الشعبي.