مجتمع » ظواهر اجتماعية

السعودية تتجه لإباحة "الشيشة" رغم فتاوى علمائها بالتحريم

في 2018/07/05

عكاظ السعودية-

نقلت صحيفة "عكاظ" السعودية، الأربعاء، عن مصادر خاصّة بها، أن وزارتي الصحة والشؤون البلدية والقروية، توصّلتا لتفاهم حول إمكانية السماح لمطاعم وفنادق مدينة الرياض بتقديم الشيشة للزبائن، إثر مباحثات على مستوى رفيع جرت بين الطرفين في الأسابيع الماضية، وهي خطوة مفاجئة تحدث للمرة الأولى في العاصمة السعودية.

وأضافت المصادر للصحيفة، والتي لم تسمّها واكتفت بوصفها بالمطّلعة: إن "الوزارتين طرحتا 5 شروط وضوابط لتطبيق هذا القرار"، مؤكّدة أن "وزارة الصحة أبدت خشيتها من انعكاسات سلبية قد تطال الصحة العامة، ما فرض على الجانبين دراسة حلّ وسط نتج عنه الاتّفاق على السماح بتقديم الشيشة في مطاعم وفنادق العاصمة وفق قيود وضوابط تحدّ من انتشار ضررها".

فتاوى التحريم

يأتي هذا الإجراء مخالفاً للسياسات التي دأبت عليها بلاد الحرمين الشريفين، والتي تعتبر نفسها دولة إسلامية قائمة على الكتاب والسنة، وتراعي الفتاوى الشرعية في نظامها الاجتماعي، حيث اعتبر كبار علماء السعودية تدخين التبغ محرّماً، وهذا ما أكّدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة، ونصّت فتواها على أن "التدخين وشرب التبغ -على أي كيفيّة- حرام؛ لأن ذلك من الخبائث، وقد قال تعالى في صفة نبينا محمّد صلى الله عليه وسلم: {ويُحِلُّ لهم الطيبات ويحرِّم عليهم الخبائث}".
وأشارت إلى "أنه مضرّ بالقلب والرئتين وبصحة الإنسان عموماً، ومنشأ لأنواع من الأمراض الخبيثة كالسرطان، وقرّر الأطباء خطره على الصحة، وقد جاءت الشريعة الإسلامية بالتحذير مما يضرّ الإنسان عموماً".

وقد استندت اللجنة إلى فتاوى كبار علماء الحجاز بهذا الشأن؛ ومنهم مفتي المملكة الراحل، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، عضو هيئة كبار العلماء، والشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين.

وبناء على هذه الفتاوى دأبت السعودية على محاربة التدخين ومنع تصنيعه على أراضيها، وفرض ضرائب عالية على وارداته، ومنع بيعه على نطاق واسع، وفي عام 2012 كلّفت وزارة الداخلية السعودية هيئة الأمر المعروف والنهي عن المنكر بتأكيد منع التدخين منعاً باتاً في الأماكن المغلقة والمقاهي والمطاعم والمراكز التجارية غير المكشوفة والأماكن المزدحمة، بحيث تقوم الهيئة بمراقبة تطبيق هذا القرار.

وأكّد التعميم منع التدخين في الدوائر الحكومية والمؤسّسات العامة، وكذلك منعه في الأماكن المغلقة والمقاهي والمطاعم والمراكز التجارية غير المكشوفة والأماكن المزدحمة.

الانفتاح على المحرّمات

يأتي الإجراء الجديد في عصر الانفتاح الذي تعيشه المملكة بعد اعتلاء الملك سلمان بن عبد العزيز العرش، في يناير 2015، ومن ثم "صعود" ابنه محمد إلى ولاية العهد، بعد تنحية عمه محمد بن نايف، حيث دخل المجتمع في أتون تحوّل خطير وسريع، تجاوز المحرّمات الدينية والاجتماعية، وبدأ بإنشاء الهيئة العامة للترفيه، التي من أهمّ أهدافها تغيير ثقافة المجتمع السعودي بحجة مشاركة الأوقات الممتعة.

ومن غير المسموح لعلماء الدين انتقاد هيئة الترفيه، ومن يُبدِ اعتراضه فمصيره الاعتقال، فلم يكن يخطر ببال السعوديين يوماً أن يُسمح لهم رجالاً ونساءً أن يجتمعوا في أماكن عامّة ومنتزهات وأسواق.

المملكة الجديدة سمحت أيضاً للمرأة بقيادة السيارة لأول مرة في تاريخ المملكة؛ بأمر ملكي صدر في سبتمبر 2017، وهو القرار الذي أحدث ضجة واسعة في المملكة، حيث كانت هناك فتوى من هيئة كبار العلماء في السعودية تحرّم قيادة المرأة.

رفض اجتماعي

المجتمع السعودي الذي يوصف بأنه محافظ واجه كافة قرارات الانفتاح بالاعتراض والاستهجان، وهو ما واجه به قرار السماح بتدخين الشيشة.
وعبر وسم #الشيشه_بمطاعم_الرياض أعرب المغرّدون في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" عن استغرابهم من القرار، واعتبر بعضهم أنه تراجع إلى الوراء.

واختار مغرّدون أسلوب التهكّم على وعود التقدّم والتطوّر والرقيّ التي بشّرت بها رؤية 2030.

جدير بالذكر أن مجلة إلكترونية سعودية كشفت عن قيام جهة رسمية، لم تسمّها، بالمساعدة على نشر التدخين.
وقالت المجلة في تحقيق نُشر يوم 28 مارس الماضي: إن "إحدى الجهات الحكومية المختصّة ساعدت في انتشار ظاهرة التدخين؛ فسمحت ببيع وتداول الدخان بدون منعه، مما سبّب مشاكل للناس من المواطنين والمقيمين".
وذكر التحقيق أن "تقارير منظّمة الصحة العالمية تؤكّد أن هناك ملايين المدخّنين في المملكة، ومن المتوقّع أن يصل عددهم إلى قرابة نصف سكان المملكة عام ٢٠٢٥"، مشيرةً إلى أن "المدخّنين ينفقون ما يزيد على 15 مليار ريال كل عام على الدخان".