صحيفة "وول ستريت جورنال"- ترجمة منال حميد -
قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن الانقسامات الإقليمية تعرقل مساعي واشنطن لإنشاء تحالف عربي يواجه الخطر الإيراني في الشرق الأوسط، هذا بالإضافة إلى مغادرة بعض المسؤولين الرئيسين في إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ممن كانوا يقودون هذا المشروع.
"ميسا"، أو النسخة العربية لحلف الناتو، لم يعد متوقَّعاً أن يجمع البلدانَ على اتفاقية، على غرار اتفاقية حلف شمال الأطلسي، التي تنص على أن أي هجوم على أي من أعضائها يعتبر هجوماً على جميع الأعضاء الآخرين، بحسب الصحيفة.
وتقول الصحيفة إن جهود إدارة ترامب اليوم باتت أقل طموحاً، ولا ترقى إلى إنشاء تحالف مشترك على غرار "الناتو"، وصار الحديث مقتصراً على إبرام صفقات تجارية وإنشاء مراكز تدريب عسكرية مشتركة.
وتنقل عن مسؤولين في الشرق الأوسط قولهم إن التخلي عن فكرة إقامة ناتو عربي والطموحات التي رافقته، أضعف حماسة بعض اللاعبين الرئيسين.
وبحسب مسؤول خليجي تحدث للصحيفة، فإن كثيراً من الإثارة والحماسة اللتين رافقتا الفكرة في بدايتها بدأ يقل مع مرور الوقت.
وتشير الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة تخطط لعقد اجتماع في واشنطن، يوم الأربعاء المقبل، يضم اللاعبين الرئيسين، لمناقشة إنشاء مراكز التدريب والتحديات العسكرية الأخرى.
وفي وقت نقلت فيه الصحيفة عن مسؤولين سعوديين قولهم إن كبار قادتها لن يتمكنوا من حضور هذا الاجتماع، ما زالت الرياض تواجه عاصفة الغضب الدولي، بسبب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بمبنى قنصلية بلاده في إسطنبول بالثاني من أكتوبر الماضي.
وبحسب مسؤول خليجي آخر يشارك في اجتماعات إنشاء التحالف العربي، فإنهم بانتظار مزيد من الزخم بخصوص إنشاء هذا التحالف، في وقت وصف فيه مسؤول بالخارجية الأمريكية جهود إنشاء التحالف بأنها تشبه "طائرة تُبنى في أثناء طيرانها".
وترى الصحيفة أن الولايات المتحدة حققت بعض النجاح في إنشاء تحالف غير رسمي بالشرق الأوسط لمحاربة إيران، حيث استضاف وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الأسبوع الماضي، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وخصومه العرب، لأول مرة منذ عقدين.
الأزمة الخليجية تعقّد الأمر
وتنقل الصحيفة عن مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية قوله إن "ميسا" يكتسب مزيداً من الزخم بمرور الوقت، في مسعى لتعزيز الاستقرار بالشرق الأوسط.
الانقسامات بين الدول الخليجية، قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى، أدت إلى تعثر الجهود الرامية إلى إنشاء هذا التحالف، فقد أكدت الدوحة أنها لا يمكن أن تتبنى مثل هذه الفكرة في الوقت الذي تتعرض فيه لحصار تفرضه دول خليجية أخرى، في حين أن هناك دولاً عربية ما زالت تقاوم فكرة ضم "إسرائيل" إلى هذا التحالف، وفق ما تقوله الصحيفة.
وبحسب مسؤول رفيع في الخارجية الأمريكية، فإن "هناك ضغوطاً قوية من الإسرائيليين للانضمام إلى هذا التحالف، لكن بعض الدول حذرتنا من أن يكون هذا التحالف باباً خلفياً تغلغل منه (إسرائيل) في المنطقة.. لذا علينا أن نكون حذرين بشأن ذلك".
وعندما أطلق المسؤولون في إدارة ترامب فكرة إنشاء تحالف لمواجهة إيران، كانوا يأملون أن يصبح حجر الزاوية في ائتلاف واسع النطاق لمواجهة خطر طهران، لكن ليست كل دول الشرق الأوسط تعمل على هذه المبادرة، وليست كلها تراها مركز تهديد محورياً، كما تقول الصحيفة.
وتتابع "وول ستريت جورنال"، قائلةً إن مغادرة اثنين من المسؤولين المشرفين على التخطيط لمشروع إنشاء الناتو العربي، وهما: كيرستن فونتنروز ، المسؤول الكبير في البيت الأبيض ومدير شؤون الخليج بمجلس الأمن القومي؛ وأنتوني زيني، الجنرال البحري المتقاعد الذي استغله ترامب لقيادة محادثات بناء التحالف ومبعوثه لحل الأزمة الخليجية- أدت إلى عرقلة جهود إنشاء التحالف.
وسبق أن قال زيني إن فكرة إنشاء الناتو العربي "كانت طموحة للغاية، ويبدو أن علينا التقليل من مستوى الطموحات لدينا، لم يكن هناك أي شخص على استعداد للقفز والمشاركة في تحالف على غرار الناتو؛ وهو ما دفعنا إلى التركيز على توقعاتٍ أكثر واقعية مثل تعزيز التعاون الإقليمي في مجال الطاقة والتجارة".
وقال مسؤول خليجي تحدث للصحيفة، إن الرؤية الأصلية التي تلقيناها في البداية تختلف كثيراً عما تجري مناقشته حالياً، "لقد فقدت الفكرة قوتها".