الخليج أونلاين-
يفتح مؤشر الأغذية المهدرة في برنامج الأمم المتحدة للبيئة، الذي صدر أخيراً، الباب على كمية ما تهدره الدول الخليجية من الطعام سنوياً، والتي على الرغم من أنها شهدت تراجعاً اقتصادياً منذ أعوام بسبب انخفاض أسعار النفط، وما تلاها من تأثيرات جائحة كورونا، لكنها ما زالت تسجل نسباً عالية في هدر الطعام عالمياً.
التقرير الأممي أفاد بأن 900 مليون طن من الطعام ترمى في النفايات عبر العالم سنوياً، مشيراً إلى أن هذه الكمية من الأغذية يمكنها أن تملأ 23 مليون شاحنة من 40 طناً، ولو اصطفت طولاً لأحاطت بالأرض سبع مرات".
وذكر التقرير أن 17% من الأغذية المعدة للاستهلاك في المتاجر والبيوت والمطاعم مآلها إلى صناديق النفايات، مبيناً أن نسبة 60% من تلك الأغذية المهدرة مصدرها البيوت.
ما هو هدر الطعام؟
وفقاً لمنظمة الغذاء والزراعة (فاو) فإن هدار الطعام أو فقدان الغذاء هو عبارة عن طعام يتم التخلص منه أو فقدانه دون أن يكون قد تم تناوله.
تتعدد أسباب هدر أو إضاعة الطعام، وتحدث في مراحل عدة كالإنتاج والمعالجة وتجارة التجزئة والاستهلاك.
ويتراوح إجمالي الطعام المُهدر ما بين ثلث ونصف الأغذية المنتجة، ويقع هدر وفقدان الطعام في جميع مراحل سلسلة الإمداد الغذائي وسلسلة القيمة.
وتحدث معظم الخسائر أثناء الإنتاج في البلدان محدودة الدخل، بينما في البلدان المتطورة يُهدر الكثير من الطعام في مرحلة الاستهلاك.
ويذهب الطعام المهدر إلى مدافن النفايات أو يُعاد إلى سلسلة الإمدادات الغذائية، أو يوضع في استخدامات أخرى غير منتجة للطعام.
السعودية تتصدر
دول الخليج، وبحكم عادات وتقاليد شعوبها، اعتادت على إعداد وتقديم وجبات الطعام بكميات أكبر بكثير من حاجة الأشخاص، سواء في المناسبات أو في الوجبات الاعتيادية اليومية.
وكانت تلك العادات وراء تصدرها نسب الإهدار عالمياً، حيث تأتي المملكة العربية السعودية في صدارة دول العالم بهدر الطعام، وفق ما ذكرت دراسة سابقة أعدتها مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية.
نسبة هدر الغذاء في المملكة تبلغ أكثر من 33%، أي نحو 8 ملايين طن سنوياً، وفق تصريحات لوزير البيئة والمياه والزراعة السعودي عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي، وفق ما ذكرت "وكالة الأنباء السعودية" (واس)، في أبريل الماضي.
ووفق "واس" فإن دراسة رسمية أعدتها المؤسسة العامة للحبوب (حكومية) أفادت بأن المواطن السعودي يهدر ما يقارب من 184 كيلوغراماً من الطعام سنوياً، وهي نسبة تفوق ضعف المعدل العالمي.
لكن تقديرات أوردتها الهيئة العامة للإحصاء السعودية رفعت تقدير حجم ما يهدره المواطن السعودي سنوياً إلى 427 كيلوغراماً من الطعام.
وتكلف فاتورة الهدر الغذائي في المملكة 50 مليار ريال سنوياً (نحو 13 مليار دولار)، وفق تقديرات صادرة عن وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية.
وبحسب الوزارة فإنه يهدر سنوياً بالمملكة 917 ألف طن من الدقيق، و557 ألف طن من الأرز، و22 ألف طن من اللحوم، و13 ألف طن من لحوم الإبل، و41 ألف طن من لحوم الأبقار، و444 ألف طن من لحوم الدواجن، و69 ألف طن سنوياً من الأسماك، ونحو 600 ألف طن من الخضراوات.
الإمارات الرابعة عالمياً
الإمارات التي تعتبر من بين الدول التي تتصدر العالم في هدر الطاعم تأتي ثانياً بعد السعودية خليجياً.
سنوياً تهدر الإمارات من الطعام ما تتجاوز قيمته الـ10 مليارات درهم (2.7 مليار دولار)، وفق مسؤول في الهلال الأحمر الإماراتي في حديث لصحيفة "الإمارات اليوم" المحلية.
وسبق أن قالت وزيرة الدولة للأمن الغذائي، مريم المهيري، إن الفرد الواحد بالدولة يهدر 179 كيلوغراماً من الطعام سنوياً.
الكويت أيضاً تسجل هدراً في الغذاء بنحو مليون و528 طناً سنوياً، وفقاً للبيانات الصادرة عن إدارة شؤون البيئة.
أما في البحرين فيبلغ حجم الهدر اليومي للطعام نحو 400 طن، بما يعادل 146 ألف طن سنوياً، وتبلغ قيمة هذا الهدر 95 مليون دينار (نحو 251 مليون دولار).
بينما تبلغ كمية هدر الطعام يومياً في شهر رمضان نحو 600 طن، بحسب الرئيسة التنفيذية لجمعية "حفظ النعمة" البحرينية، ثورة إبراهيم الظاعن.
وتبلغ كمية الطعام المهدر سنوياً في قطر 1.4 مليون طن، بحسب برنامج "أصدقاء الطبيعة" القطري، وفي سلطنة عُمان تفيد الإحصائيات بأن قيمة الغذاء المهدر تبلغ 300 مليون دولار سنوياً.
أسباب الهدر
وفقاً لتقرير بريطاني صادر عن "مؤسسة المهندسين الميكانيكيين" فإن أبرز أسباب هدر الطعام تتلخص بأن بعض المواد الغذائية تكون عرضة للتلف بسبب سوء التخزين، والصرامة في الالتزام بموعد الصلاحية، وعروض بيع الجملة، وعادات الاستهلاك السيئة، وترفّع بعض المستهلكين عن الشراء بسبب شكل المنتج.
لكن يبقى خليجياً لطبيعة المجتمع الأثر الأبرز في هدر الطعام، حيث تنفق الشعوب الخليجية أموالاً طائلة على شراء مواد غذائية أكثر من الحاجة، إضافة إلى طبيعة تناول وإعداد الطعام التي تحرص المجتمعات الخليجية على أن تكون بكميات كبيرة، سواء في الولائم والمناسبات أو في الوجبات الاعتيادية.
وما يساعد الخليجيين في هذا الهدر ارتفاع مدخولاتهم بما يتيح لهم قدرة شرائية عالية قياساً ببقية الدول.
نمو استهلاك الغذاء
ازدياد استهلاك الغذاء في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 4.2% سنوياً؛ بما يتماشى مع نمو دخل الفرد ونصيب الفرد من الدخل، هو ما توقعه تقرير صادر عن شركة "ألبن كابيتال" الاستثمارية، صدر في مايو 2019.
وقالت الشركة في تقريرها حول "صناعة الأغذية في دول مجلس التعاون الخليجي"، إن الاستهلاك سيزداد من 48.1 مليون طن متري في عام 2016 إلى 59.2 مليون طن متري في عام 2021، مع بقاء الحبوب الفئة الأكثر استهلاكاً على نطاق واسع.
ويعزى هذا النمو في المقام الأول إلى عوامل مثل الزيادة السكانية.
ووفقاً للتقرير، ستظل السعودية والإمارات خلال الفترة مركزين رئيسيين لاستهلاك الأغذية، مع بقاء حصص السوق في جميع أنحاء المنطقة على حالها، متوقعاً أن يرتفع معدل النمو من 4.2% إلى 37.7 مليون طن متري، و4.4% إلى 10.1 ملايين طن متري في كل بلد؛ تماشياً مع توقعات السكان والناتج المحلي الإجمالي.
وقالت الشركة إن محركات النمو الرئيسية لاستهلاك الغذاء في الخليج ستشمل إضافة 6.5 مليون فرد إلى السكان بين عامي 2016 و2021، والطلب في فئات بما في ذلك الأغذية المعلبة والوجبات الجاهزة والأغذية العضوية والطعام الحلال، والطلب عبر الإنترنت.