مصطفى عبد السلام- العربي الجديد-
الكويت تحتل المركز الأول عربياً والرابع عالمياً بعد نيجيريا التي احتلت الصدارة عالمياً بهدر الغذاء.
السعودية تحظى بنصيب الأسد من هدر الطعام في الخليج، بقيمة تبلغ نحو 10.7 مليارات دولار سنويا.
هدر الغذاء يعني هضم حقوق الفقراء والمحرومين وإهدار موارد المجتمع من أموال وثروات وأيدٍ عاملة وموارد وبذور وغيرها.
لو عالج العرب مشكلة هدر الغذاء لحققوا أهداف عاجلة منها تحقيق الأمن الغذائي وهو أحد أبرز أركان الأمن القومي العربي.
كميات كافية لإطعام مليارات الجوعى منهم أكثر من مليار يتضورون جوعاً بالدول الفقيرة ودول تشهد حروباً ونزاعات مسلحة وقلاقل أمنية.
تشير الأرقام غير رسمية إلى أن العرب يهدرون أغذية تتجاوز قيمتها 48 مليار دولار سنوياً، وأن البلدان النامية، وفي مقدمتها الدول العربية، تقدر قيمة الغذاء المهدر فيها بنحو 300 مليار دولار سنوياً، وأن معظم هذا الهدر يتم داخل دول الخليج الثرية العائمة على بحار من الأموال والنفط والغاز والموارد الطبيعية الأخرى، وأن قيمة هذه المبالغ تكفي لإطعام كل الجوعى في كل دول المنطقة وزيادة.
والملفت أن السعودية تحظى بنصيب الأسد من هدر الطعام في منطقة الخليج، فقد بلغت قيمة الهدر حسب الإنفاق الاستهلاكي، نحو 10.7 مليارات دولار في السنة، حسب أرقام رسمية صادرة عن البرنامج الوطني السعودي للحد من الفقد وهدر الغذاء.
والذي أكد أيضا أن نسبة فقد وهدر الغذاء بلغت في المملكة نحو 33.1% في عام 2019. وتعد الخضراوات الأعلى نسبة في الفقد والهدر، تليها اللحوم الحمراء ثم الفواكه والأرز.
وفي قطر بلغت كمية الطعام المهدر سنويا 1.4 مليون طن، بمعدل 636 كيلوغراماً للفرد الواحد، مقابل 115 كغم للفرد في الدول المتقدمة و11 كغم فقط في الدول الفقيرة.
ولا يتوقف الأمر عند كمية الهدر في قطر، بل إن 14% من الغذاء يتم إتلافه ورميه في مقالب الزبالة بسبب مشاكل تتعلق بسوء التخزين أو انتهاء الصلاحية، وهذه النسبة تعادل 20 مليون كغم، وهذه الأرقام صادرة عن برنامج أصدقاء الطبيعة القطري واستندت إلى وثائق منظمة الأغذية والزراعة العالمية "فاو" وتقارير الأمم المتحدة.
وفي الإمارات قدّرت أرقام غير رسمية حجم هدر الطعام بأكثر من 10 مليارات درهم (أكثر من 2.7 مليار دولار) سنوياً، وأن 30% من هذا الهدر يقع في شهر رمضان من كل عام.
وفي الكويت تهدر الأسر 400 ألف طن طعام سنوياً بمتوسط 95 كيلوغراماً للفرد الواحد، حسب تقرير مؤشر هدر الأغذية لعام 2021، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) والمنظمة الشريكة (WRAP).
كما أن ما يهدره الفرد في الكويت من الأطعمة سنوياً يتساوى مع ما يهدره المواطن القطري والعماني والإماراتي، بينما يهدر السعودي 105 كيلوغرامات، والبحريني 132 كيلوغراماً، لتحل الكويت في المركز الأول عربياً والرابع عالمياً بعد نيجيريا التي احتلت الصدارة عالمياً بهدر الفرد 189 كغم سنوياً، ورواندا 164 كغم، واليونان 142 كغم.
وفي البحرين كشفت آخر إحصائية لهدر الطعام قبل جائحة كورونا عن أن كمية هدر الطعام تصل إلى 400 ألف كيلوغرام يومياً، بما يعادل 146 ألف طن سنوياً، وتبلغ قيمة هذا الهدر 95 مليون دينار.
وتتكرر أرقام هدر الطعام في دول عربية وفقيرة الموارد مثل السودان والأردن وتونس وغيرها.
لو عالج العرب مشكلة هدر الغذاء لحققنا عدة أهداف عاجلة، منها تحقيق الأمن الغذائي، وهو أحد أبرز أركان الأمن القومي العربي، وعالجنا أزمة الجوع الخطيرة التي تنتشر في العديد من الدول العربية، خاصة عقب تفشي كورونا والسياسات التقشفية الحادة التي تطبقها حكومات دول المنطقة بتعليمات من صندوق النقد الدولي للحصول على قروض خارجية ضخمة.
وملأنا كذلك بطون ملايين الفقراء الخاوية بالطعام الكافي والصحي، وعالجنا كذلك أزمة الفقر المدقع المتفاقمة وصعوبة حصول الفرد على وجبة غذاء في اليوم.
قد يرى البعض أن تلك مبالغة شديدة، وأن أزمات الفقر والجوع ونقص وسوء التغذية في المنطقة وحول العالم أكبر من أن يتم حلها عبر التعامل مع أزمة واحدة هي هدر الغذاء، لكن هذا غير صحيح.
فنظرة إلى الخسائر الناتجة عن جريمة الهدر تلك، خاصة في شهر رمضان وداخل دول الخليج تحديداً، قد تصعقك الأرقام لضخامتها.
وقد لا تصدّق حجم الوجبات الصالحة للتناول التي يتم إلقاؤها في مقالب المهملات عقب تناول إفطار وسحور شهر رمضان.
فالأرقام تشير إلى إهدار ثلث الأغذية المنتجة كل عام عالمياً، وهو ما يرقى إلى خسارة تقدّر بنحو تريليون دولار، وفقاً لتقرير أصدرته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) بالتعاون مع الإيكونوميست.
وكمية الطعام المهدرة عالمياً تقدر بنحو 1.6 مليار طن سنوياً، بينما يقدر إجمالي الهدر للأغذية الصالحة للأكل نحو 1.3 مليار طن.
وهذه كميات كافية لإطعام مليارات الجوعى، منهم أكثر من مليار يتضورون جوعاً في الدول الفقيرة وتلك التي تشهد حروباً ونزاعات مسلحة وقلاقل أمنية.
هدر الأغذية والطعام عموماً يعني هضم حقوق الفقراء والمحرومين، وقبلها إهدار موارد المجتمع من أموال وثروات وأيدٍ عاملة وموارد وبذور وغيرها.
ورمضان هو شهر الإحساس بالجوعى والفقراء والمحرومين، وهو شهر الحد من الإسراف وترشيد الاستهلاك، فإهدار الطعام والتبذير حرام شرعاً، والذين يهدرون الطعام ويلقون كميات كبيرة منه في مقالب المهملات إنما يخالفون تعاليم الإسلام، والآية الكريمة تقول "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين".