لخليج أونلاين-
الصيف في دول الخليج يحمل عند قدومه تهديداً للسكان من خطر الغرق القديم المتجدد؛ حيث أن اللجوء إلى الشواطئ والمسابح الخاصة، سمة عامة للسكان خاصة أن المنطقة تعد من بين أكثر مناطق العالم ارتفاعاً في درجات الحرارة.
حوادث الغرق التي ترتفع بشكل كبير في موسم الصيف تحذر منها الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية دولية مختلفة، ولتسجيل أعداد مرتفعة في حالات الوفيات نتيجة الغرق خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوماً عالمياً أطلقت عليه "اليوم العالمي للوقاية من الغرق"، حددت له يوم 25 يوليو.
هذا العام يعتبر الأول للاحتفاء بالمناسبة، وتُعد هذه الفعالية العالمية فرصة لتسليط الضوء على التأثير المأساوي والعميق للغرق على العائلات والمجتمعات ولتقديم حلول للوقاية منه.
ووفق تقارير دولية، لقي نحو 2,5 مليون شخص حتفهم غرقاً بين 2009 و2019، ورأت منظمة الصحة العالمية أن خفض هذه الحصيلة الثقيلة كان ممكناً إلى حدّ بعيد باتخاذ بعض التدابير البسيطة.
وخلال العام 2019 وحده، لقي 236 ألف شخص حتفهم غرقا، وفق إحصاءات المنظمة الأممية التي لا تأخذ في الحسبان حوادث الغرق نتيجة فيضانات أو عمليات انتحار، ولا تحسب في حساباتها من يموتون غرقاً على مراكب النقل، كالمهاجرين الذين يلقون مصرعهم في البحر المتوسط.
أرقام مجهولة
دول الخليج الستة تعاني من ظاهرة الغرق التي تتكرر كل صيف، وتتحدث وسائل الإعلام عن انتشال جثث غرقى أو إنقاذ آخرين كانوا على وشك الموت غرقاً، لكن "الخليج اونلاين" لم يستطع الوصول إلى أرقام رسمية تؤكد أعداد ضحايا الغرق في الخليج.
بينما أفادت إحصائية من سلطنة عُمان، صادرة عن الهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف المتعلقة بحوادث الغرق، أنه خلال 2019 وقع 369 حادث غرق، مقارنة بـ 225 حادثاً في عام 2018، بزيادة قدرها 144 حالة.
عدم وجود إحصائيات رسمية معلنة خاصة في دول الخليج، أكدتها الكاتبة الكويتية د. هند الشومر، حيث خصصت مقالاً بعنوان "اليوم العالمي للوقاية من الغرق" نشرته صحيفة "الأنباء" تطرقت فيه إلى أهمية وجود أرقام رسمية لحوادث الغرق.
وقالت حول قرار الأمم المتحدة تخصيص يوم عالمي للوقاية من الغرق، إنه "يشجع جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على تضمين الغرق في سجلات التسجيل المدني والإحصاءات الحيوية وجمع جميع بيانات الوفيات الناتجة عن الغرق في التقديرات الوطنية".
ودعت الكاتبة الكويتية "الجهات المعنية بالوزارات والمجتمع المدني وجمعيات النفع العام ووسائل الإعلام للتحضير من الآن لليوم العالمي للوقاية من الغرق".
واعتبرت من المهم نشر "المعلومات والإحصاءات عن ضحايا الغرق وأعمارهم وجهود الجهات المعنية بالإنقاذ والإسعاف والتشريعات والقوانين وتحليل الوضع الحالي بموضوعية؛ لنتمكن من وضع الخطط المبنية على المعلومات الدقيقة ضمن خطط التصدي والتأهب للحوادث والكوارث".
شواطئ بلا منقذين
في دول الخليج تتوسع بشكل كبير مواقع الترفيه على الشواطئ حيث يقبل السكان والعوائل خاصة في الأوقات التي تشهد درجات حرارة ورطوبة غير مرتفعة، لكن مواطنون خليجيون يلقون باللائمة على الجهات المختصة في عدم توفير وسائل الأمان على الشواطئ.
وفقاً لما أوردته صحيفة "الراية" القطرية، في يونيو 2021، دعا مواطنون قطريون وزارة البلدية والبيئة إلى العمل على توفير عدد من المنقذين في شواطئ العائلات والشواطئ التي تشهد إقبالاً كبيراً.
وأكدوا أن حالات الغرق في الشواطئ يتم إنقاذها من قِبل الزوار. واقترحوا توظيف مُنقذين يجوبون الشاطئ على السكوترات البحرية لتسهيل عمليات الإنقاذ.
واقترحوا أيضاً تركيب علامات إرشادية في جميع الشواطئ لتحذير الرواد من إهمال متابعة أطفالهم، وإلزامهم بارتداء سترة النجاة وعدم دخول البحر إلا للأشخاص الذين يملكون خبرة لممارسة السباحة، ووضع علامات تحذيرية داخل المياه تبيّن المسافة المسموح بممارسة السباحة فيها.
مواطن إماراتي يدعى عبدالله الشميلي، قال في تقرير لصحيفة "البيان" إن أغلب الشواطئ المفتوحة في الإمارات تفتقر للخدمات الأساسية التي يحتاجها مرتادوها.
وأبرز هذه الخدمات كاميرات المراقبة ومواقف سيارات الإسعاف وأبراج المراقبة الخاصة بالمنقذين.
صيف بلا غرق
نتيجة حالات الغرق التي تشهدها الإمارات في فصل الصيف، أطلق اتحاد السباحة الإماراتي في نهاية مايو 2021، مبادرة "صيف بلا غرق".
تهدف المبادرة إلى نشر الوعي والثقافة الرياضية، كما يحث أولياء الأمور على مراقبة أبنائهم.
ووفق رئيس اتحاد السباحة سلطان السماحي، فإن "المبادرة، سيعمل فيها الاتحاد واللجنة التي تم تشكيلها طوال فترة الصيف، جنباً إلى جنب مع الأهالي، من خلال نشر التوعية باستمرار، والحرص على توجيه الأسر إلى السلوكات الصحيحة من أجل الحفاظ على أرواح أبنائهم، إضافة إلى نشر ثقافة الرياضة، من خلال تعلم السباحة، واتباع الطرق الصحيحة في الذهاب إلى البحر".
الأطفال.. المأساة الأكبر
في بلدان كثيرة، تشكّل حوادث الغرق أحد أبرز أسباب وفيات الأطفال دون الخامسة، بحسب ما قال الطبيب ديفيد ميدينغز الذي يتولى تنسيق تدابير الوقاية من الغرق في منظمة الصحة العالمية.
وأكّد ميدينغز خلال إيجاز صحافي أنه "سبب وفاة يمكن تفاديه بالكامل".
الحال نفسه تعاني منه دول الخليج حيث أن النسبة الأكبر من حالات الغرق ضحاياها الأطفال.
بحسب المسعف والمدرب البحريني جمال سالم العزيز، فإن غرق الأطفال "آخذ في التزايد".
ووفق ما أوردت صحيفة "النبأ" البحريني، أوضح العزيز، سبب غرق الأطفال يعود إلى عدم مراقبة أولياء الأمور وإهمال ملاحظتهم لأطفالهم، وجهلهم بكيفية إنقاذ الأطفال عند الغرق.
ابتكارات خليجية
ظاهرة الغرق التي تقلق الخليجيين كل عام كانت مثار اهتمام مبتكرين خليجيين، حيث اخترع 3 مهندسين بحرينيين من تخصصات مختلفة، ابتكاراً فريداً من نوعه يعتمد على الاستشعارات.
يعمل الجهاز من خلال توفير شبك في قاع المسبح وإذا تم رصد حالة غرق يرتفع الشبك تلقائياً ويرتفع معه الغريق، وبالتالي يثبت الغريق على سطح الماء.
ابتكار خليجي آخر مهم من نتاج الطالبة السعودية جوري يعقوب فاضل، التي تدرس بالمرحلة الثانوية.
جوري ابتكرت ساعة أوتوماتيكية للحماية من الغرق وأسماك القرش عن طريق قياس المؤشرات الحيوية في جسم الإنسان.
بحسب صحيفة "المدينة" السعودية، تقول جوري "جاءتني فكرة الابتكار عندما كنت أبحث عن حلول للحماية من الغرق بعد تأثري بوفاة أحد الأطفال من العائلة ووجدت اختراعاً يسمى (ساعة كينجي)".
لكن هذا اختراع ساعة كيني بحسب جوري "يفتح يدوياً فقمت بتطويره عن طريق تصميم ساعة تحمي من الغرق عن طريق قياس المؤشرات الحيوية في جسم الإنسان وتفتح تلقائياً دون الحاجة إلى فتحها يدوياً لأنه في بعض الحالات يفقد الغريق وعيه ولا يتمكن من فتح الساعة".
وأضافت: إن "الابتكار سيخدم الأطفال لأنهم لا يملكون سرعة التصرف في بعض الأحيان ولن يتمكنوا من فتح الساعة يدوياً بسرعة. وتحتوي الساعة أيضا على مادة طبيعية تقوم بطرد أسماك القرش والمفترسات بعيداً عن مرتدي الساعة".