متابعات-
تحظى الأسرة الخليجية باهتمام كبير في دول مجلس التعاون الخليجي، باعتبارها محور المجتمع وعماده ونواته الصلبة، وذلك من خلال تعزيز دورها وتطوير قدراتها المتنامية.
وتحرص دول الخليج على إحياء فعاليات يوم الأسرة العالمي في 15 مايو من كل عام، حيث تقام العديد من الفعاليات والأنشطة؛ لتأكيد أهمية الأسرة والعمل على تماسكها، كما خصصت العديد من الدول الخليجية يوماً خاصاً للأسرة؛ من أجل تكريمها والاحتفاء بها.
وخضعت المجتمعات الخليجية كما هو حال غيرها من المجتمعات، لتغيرات كبيرة شملت جوانب اقتصادية واجتماعية وثقافية وغيرها، وكل ذلك انعكس على بناء الأسرة ووظيفتها.
وتواجه الأسرة العربية والخليجية العديد من التحديات، أبرزها تمرد الجيل الجديد على السلطة الأسرية، وتزايد الانحرافات السلوكية والعنف، وانتشار المخدرات نوعاً ما، والانفتاح السريع على العالم الخارجي بفضل التكنولوجيا، وهذا يحتّم ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على القيم الأصيلة، وتلقين الأجيال القادمة القيم والعادات التي تنبع من تراثنا العريق.
يعرِّف المعالِج النفسي والمدرب الدولي، يونس المرشد، العنف الأسري بأنه استخدام القوة والتهديد مع الأفراد أو في البيت أو بالمجتمعات الخارجية، مما يسبب للأسر أضراراً نفسية جمة. كما أنه يعتبر وسيلة للتأثير على الآخرين وفرض السيطرة عليهم، وهذا بسبب عدم سيطرة الشخص على ذاته في كثير من الحالات.
ويعتقد أن العنف الأسري من الممكن أن يكون كلاماً لفظياً، أو قد يكون ضرباً، أو نقداً، أو تصغيراً وتحقيراً للذات.
ويبين "المرشد" في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن هنالك أضراراً جسدية وأخرى نفسية، وكلتاهما تُضعف المهارات الاجتماعية، وتزيد من العزلة والانخفاض الإنتاجي.
كما يوضح المعالج النفسي طرق القضاء على العنف الأسري أو الحد منه، وذلك بنشر الوعي في المجتمع، إضافة إلى ضرورة أن يتم التعامل والتعاون مع رجال الدين في المجتمع الخليجي.
يضاف هذا كله إلى أهمية دراسة حالات العنف، والجوانب النفسية التي تؤثر فيها؛ وذلك للحد من حالات العنف ومحاربتها، وكذلك توفير فرص العمل للفئة من 18 إلى 60 سنة، لأن البطالة أحد أسباب حالات العنف الأسري المنتشر في كثير من دول المنطقة، وفق المتحدث.
السعودية
وفي السعودية تُعايش المملكة دول العالم الاحتفال باليوم العالمي للأسرة، مُعمِّقة مفهوم تماسك هذا الكيان والحفاظ على هويته وقِيمه وتحسين مستوى الحياة الأسرية بمختلف جوانبها، إلى جانب تعزيز دور الأسرة في عملية التنمية، من خلال تطوير تفاعلها مع المؤسسات المجتمعية لأداء مسؤولياتها كاملة في المجتمع.
وتشير وكالة الأنباء السعودية، في 13 مايو 2022، إلى تنوع الجمعيات الخيرية الداعمة للأسرة في المملكة، إضافة إلى إنشاء مجلس شؤون الأسرة، وذلك امتداداً لحرص الدولة واهتمامها بتركيبة الأسرة السعودية وأفرادها؛ لكونها النواة الأولى والأساسية للمجتمع، والتي يعول عليها كثيرون في بناء مجتمع سليم وفاعل؛ قادر على مواجهة التحديات والتحولات.
ويعد المجلس إلى جانب أنه معزز لمكانة الأسرة السعودية، نقلة نوعية في مسيرة العمل الاجتماعي والتنموي بالمملكة، حيث يضطلع بتنظيم وتنسيق مختلف الجهود التي تبذلها القطاعات الحكومية والأهلية في الشأن الأسري، والإشراف عليها.
الإمارات
وشهد مجتمع الإمارات تحولات كبيرة وسريعة، خلال العقود الخمسة الماضية، ازدادت وتيرتها في السنوات الأخيرة، وكانت لهذه التحولات أسبابها الداخلية والخارجية، كما كانت لها آثارها الواضحة على بنية المجتمع بمستوياتها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكانت "الأسرة" من أكثر المؤسسات، التي تأثرت بهذه التحولات، وفق صحيفة البيان الإماراتية.
وتلفت الصحيفة، في تقرير نشرته في مايو 2021، إلى أن مشاركة الإمارات دول العالم احتفالها باليوم العالمي للأسرة، تأتي تأكيداً للدور الفاعل والمحوري للأسرة؛ لكونها لَبِنة أساسية في كيان المجتمع ونسيجه، لتسليط الضوء على ما توفره الدولة من رعاية، لضمان استقرار الأسر وحمايتها.
وتؤكد الإمارات حرصها على مواصلة العمل على الحفاظ على تماسك الأسرة وضرورة حماية أفرادها، خصوصاً في عصر العولمة والفضائيات المفتوحة، واعتماد بعض الأسر على العمالة المساعدة، والاستعانة بالأجنبيات في تربية الأبناء، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه أمام دخول أنماط مختلفة من الثقافات الوافدة على أبنائنا.
قطر
وإلى جانب احتفائها بيوم الأسرة العالمي خصصت قطر يوم 15 أبريل من كل عام ليكون يوماً للأسرة القطرية، في تأكيد لأهمية الأسرة بالمجتمع ودورها الحيوي والفعال في أمنه واستقراره، بحسب صحيفة "الراية" القطرية.
وتلفت الصحيفة، في 10 أبريل 2022، إلى أن الأسرة القطرية ومنذ المراحل الزمنية النفطية التي مر بها المجتمع القطري، كان لها دور وبصمة قوية في وحدة المجتمع وتماسكه، من خلال قوة بنيتها الداخلية، فرغم التحديات الاقتصادية والسياسية والثقافية، فإنها ساهمت بدور كبير في تعزيز القيم التعليمية والثقافية والاجتماعية بين جميع أفرادها.
وتؤكد أنه مع التحديات الثقافية والانفتاح الاقتصادي، تعتبر الأسرة القطرية المنصة التربوية والدينية والثقافية والاجتماعية الأولى بالمجتمع ونقطة الانطلاق في تعزيز القيم ومواجهة بوادر الانفتاح بلغة التعليم وثقافة أفرادها، وما زالت الأسرة هي المُعلم الأول ونقطة التجمع ما بين القيم وآليات التعليم الحديثة ومواجهة التحديات كافة بكل معالمها.
ونظم معهد الدوحة الدولي للأسرة، في نوفمبر الماضي، "المنتدى الخليجي الأول للسياسات الأسرية"، بالتعاون مع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء العمل ومجلس وزراء الشؤون الاجتماعية بدول مجلس التعاون لدول الخليج.
وبينت صحيفة "الشرق" القطرية، أن المنتدى الذي عُقد افتراضياً، هدف إلى تسليط الضوء على السياسات الأسرية المتبعة في دول مجلس التعاون، ومناقشة أبعاد القضايا المُلحَّة التي تواجه الأسر في دول الخليج، وسبل الدعم الذي يمكن أن تقوم به السياسات والبرامج ذات الصلة.
الكويت
كما تحتفي الكويت بيوم الأسرة؛ تقديراً لدور المرأة في بناء الأسرة بالمجتمع الكويتي، وتتخلل الحفل فعاليات تكريم أسر الشهداء، وتملأ أعلام الكويت أرجاء الاحتفالية.
وأكدت الوكيلة المساعدة للتنمية الاجتماعية بوزارة الشؤون والأمينة العامة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة، هناء الهاجري، في نوفمبر الماضي، أن المادة "9" من الدستور الكويتي تحفظ للمرأة والأسرة بشكل عام، حقوقها.
وقالت الهاجري: "الدستور يبين اهتمام الدولة منذ الستينيات بكيان الأسرة، حيث إن قانون العنف الأسري الصادر أخيراً، وضع آلية لتشكيل لجنة وطنية للحماية من العنف الأسري، تختص برسم سياسات حماية الأسرة ومواجهة العنف الأسري بكل أشكاله، والتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني، وإعداد البرامج التوعوية والتثقيفية".
ولفتت إلى أن "القانون دعا إلى إنشاء صندوق لرعاية ضحايا العنف الأسري، عبر مبلغ مالي تخصصه الحكومة وبعض التبرعات التي تأتي من قبل الأفراد والمؤسسات".
البحرين
من جانبها تحتفل البحرين سنوياً بيوم الأسرة العالمي؛ تقديراً وتكريماً للأسرة ولدورها البارز في شتى مجالات التنمية وتطور المجتمعات، حيث يبدأ هذا الاهتمام بصحة الأم وبصحة الآباء والأبناء بشكل عام.
وتشير وكالة أنباء البحرين، في تقرير نشرته في مارس 2022، إلى أن الاحتفال باليوم العالمي للأسرة يهدف بالدرجة الأولى إلى إبراز أهمية الأسرة، حيث يتطلب الأمر منح أكبر قدر ممكن من المساعدة والحماية اللازمة للأسرة؛ لتستطيع مواصلة تحمُّل مسؤولياتها والقيام بها على أكمل وجه في المجتمع، وبما يساهم في أن يصبح الأفراد عناصر فاعلة ومنتجة بالمجتمع.
سلطنة عمان
وتؤكد سلطنة عُمان أهمية دور الأسرة في تربية الأجيال وتنشئتهم تنشئة صالحة، واستمرار تعزيز المنظومة القيمية في المجتمع العماني؛ لتؤدي أدوارها من أجل بناء الوطن.
وتبين صحيفة "الوطن" العُمانية أن الاهتمام بالأسرة يحمل مدلولات توضح أهميتها وأنها المحور الأساسي في تربية الأبناء، والتركيز على المبادئ والقيم الأخلاقية ومراعاتها للمنهج التربوي السليم؛ لما لها من تأثير في تنظيم العلاقات وترسيخ المبادئ والعادات والتقاليد الأصيلة.
ويصف الباحث العُماني حبيب الهادي، الأسرة الخليجية بأنها أسرة متماسكة منذ القدم، وأن المجتمعات الخليجية مجتمعات مترابطة ومتقاربة، تحكمها القيم والعادات والتقاليد، وهي مرتبطة جداً بها.
ويعتقد "الهادي" في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أنه بعد طفرة البترول في دول الخليج، حصلت عدة تغيرات داخل المجتمع الخليجي، فانتقلت الأسرة الخليجية من الريف إلى المدينة، ولكن رغم ذلك ظلت دول الخليج بشكل نسبي، محافِظة على التراث والعادات والتقاليد.
ويبين أنه اختلاف نسبي من دولة إلى أخرى، حيث إن الأسر في سلطنة عمان، إضافة إلى السعودية، ظلت أكثر ارتباطاً من غيرها من دول الخليج.
أما عن حديثه عن العنف الأسري، فيصفه "الهادي" بأنه من مفرزات وإرهاصات الحداثة، مطالباً الأسر بضرورة تنمية القيم وغرسها في هذا الجيل الجديد، مع أهمية أن يكون هناك سعي حثيث نحو التربية والتعليم، وأن على الجميع إيجاد مخارج لهذه الإشكاليات.