كامل جميل - الخليج أونلاين
مشكلة كبيرة تواجه سعوديين يعيشون في خارج المملكة يصعب على الرياض حلّ مشاكلهم نظراً لعدم قانونية أوضاعهم، وغالباً هي خارج إرادتهم، لكن جهات سعودية رسمية مجتمعة تحاول التوصل إلى حلول بالقدر الممكن معهم.
المعنيون هم سعوديون ولدوا من زواجات غير قانونية أو غير موثقة، يكون أحد الوالدين غير سعودي، لينتهي المطاف بأسرة سعودية خارجة عن قوانين التجنيس.
وجود عدد من الأسر السعودية في الخارج، ممن تتوفر لديهم مبررات قوية لبقائهم هناك وعدم مقدرتهم للعودة للمملكة، وأسر تقطعت بهم السبل؛ مشكلة كانت حاضرة عند سعوديين معنيين بالشأن الإنساني سعوا جاهدين لإيجاد حلّ لها، وكان ذلك في مارس 2003، حين تقدمت بعض الشخصيات باقتراح إنشاء صناديق خيرية لمساعدة ورعاية المحتاجين منهم.
بعد دراسة توصيات اللجنة المشكلة لهذا الغرض صدرت موافقة ملكية بإنشاء جمعية خيرية لرعاية الأسر السعودية في الخارج، يكون مقرها الرئيسي مدينة الرياض، ويكون لها فروع خارج المملكة تحت مظلة السفارات.
كما ترعى تحت مظلتها الجمعيات أو الصناديق الخيرية الموجودة حالياً لدى هذه السفارات وذات النشاط المشابه لتقوم بمساعدة هذه الأسر بشكل منظم ودقيق وموحد.
وعليه ظهرت "جمعية أواصر الخيرية" التي تتحمل هذه المهمة. ووفق ما ذكر رئيس الجمعية، توفيق السويلم، في حديث لقناة "الإخبارية"، الاثنين (12 سبتمبر 2022)، جاءت فكرة جمعية أواصر الخيرية لتصحيح أوضاع الأسر السعودية المتروكة في الخارج بدون وثائق أو رعاية صحية، مؤكداً: "لا يوجد دولة تقدم مثل هذه المعونة سوى المملكة".
وأوضح أن بعض السعوديين يتزوجون في الخارج زواجاً شرعياً، لكنه غير موثق بشكل رسمي، وينجبون أولاداً ويتركون هذه الأسر والأولاد الذين أنجبوهم بلا وثائق رسمية ولا معونة مادية وبلا تعليم.
وأشار إلى أن هؤلاء الأولاد يتجهون إلى الانحراف السياسي أو الأخلاقي والثقافي؛ ما يجعل الاتهامات تتوجه إلى السعودية بأن هؤلاء سعوديو الأصل.
أهداف الجمعية
وفق ما تذكر الجمعية فهي تسعى إلى تحقيق عدة أهداف؛ ومنها تقديم الرعاية المالية والاجتماعية والصحية للأسر السعودية المنقطعة في الخارج المشمولة برعاية الجمعية.
وتشمل أهدافها العمل على توفير مستلزمات ومتطلبات إعادة هذه الأسر إلى المملكة بالنسبة للراغبين منهم، والتنسيق مع الأجهزة الحكومية المختلفة لمتابعة ذلك بدقة.
كما تهدف إلى العمل على دراسة ظاهرة الزواج العشوائي من الخارج، وأسبابها والآثار المترتبة على هذه العلاقة "غير المتوازنة"، وإيجاد حلول فعالة من خلال تثقيف المجتمع بأضرارها.
وتستهدف أيضاً رفع الدراسات والبحوث التي تم إعدادها عن ظاهرة الزواج العشوائي من الخارج وأسبابها إلى الجهات الحكومية المختصة.
وأيضاً تعمل على المساعدة في إنهاء جميع الإجراءات النظامية، واستصدار المستندات والهويات الشخصية لأفراد هذه الأسر ومتابعتها داخل أروقة المصالح الحكومية دون تحملهم عناء أو مشقة.
منجزات "أواصر"
جمعية "أواصر"، وبحسب ما تُظهر على موقعها الرسمي، توجت أعمالها بعدد من الإنجازات تتمثل بأنها عملت- وما زالت- على توفـير الرعاية الاجتماعية لهذه الأسر، والعمل على حل مشـاكلها، وإجراء البحوث والدراسات لأسباب نشوء المشكلة وطرح بعض الحلول.
وعملت على تكوين لجان فاعـلة ولقاءات متكررة للمتابعة بهدف تقديم رؤى للمجتمع عن مساوئ الزواج العشوائي من الخارج، كما أجرت زيارات داخلية وخارجية لكبار المسؤولين لتعريفهم بالدور الاجتماعي والمهني للجمعية.
زواج المسيار
مشاكل عديدة تواجه أسراً تكونت نتيجة زواج غير مثبت بشكل قانوني، وهو ما يطلق عليه بـ"زواج المسيار".
عملية بحث بسيطة على الشبكة العنكبوتية ستكشف عن وجود عدد كبير من الصفحات القائمة على مثل هذا النوع من الزواج؛ إذ تروجه وتشجع عليه وتقدم له التسهيلات، وكأنه صار أمراً طبيعياً في بيئة يفترض أنها تتعامل بحساسية شديدة مع العلاقات الزوجية تحديداً.
ويقبل بعض السعوديين على هذه التطبيقات بهدف الحصول على زواج من هذا النوع، ولغايات كثيرة خصوصاً من هم في الخارج.
ويعرف العلماء زواج المسيار على أنه عقد الرجل على امرأة عقداً شرعيّاً مستوفياً جميع الأركان والشروط، لكن تتنازل فيه المرأة عن بعض حقوقها؛ كالسكن أو النفقة أو المبيت.
وصدرت عدة فتاوى شرعية أجازته، وبرّره مشرّعوه بـ"رغبة الزوج في إخفاء أمر هذا الزواج عن أهله وأولاده درءاً للمشاكل المحتملة منهم إذا علموا بذلك"، بحسب قولهم.
ورغم انتشار الظاهرة في المجتمع أقرّت وزارة العدل السعودية بأن زواج المسيار غالباً ما ينتهي سريعاً في مدة تتراوح بين 14 - 60 يوماً.
وتؤكّد أن نسبة نجاح هذا النوع من الزيجات لا تتجاوز 20% من مجموع العقود التي تنفّذ في المحاكم، في حين أن معظم زيجات المسيار الناجحة تتحوّل إلى عادية يعلنها الطرفان أو تنتهي ولا يُكتب لها الاستمرار، بحسب ما ذكرت في وقت سابق صحيفة "الوطن" السعودية نقلاً عن مصادر خاصة.
صعوبة التكيف
وفقاً لصحيفة "الوطن" السعودية، يقول أستاذ علم اجتماع الصناعة والتنظيم بجامعة الملك عبد العزيز، مشبب الأسمري: إن "الحياة الزوجية منظومة حياة متكاملة بأبعادها الاجتماعية والثقافية والقانونية والاقتصادية، ومن لا يحسب هذه الأبعاد وآثارها فقد يدفع الثمن حتى بعد الزواج بوقت قصير".
ويضيف: "الحال قد يكون أكثر تعقيداً عندما يترتب على هذا الزواج طفل أو عدد من الأطفال".
وأشار إلى أنه "قد يكون هناك بعض حالات النجاح، وهناك فسحة في الاختيار والمواصفات، ولكن مع الزمن تطغى الجوانب الفكرية والثقافية وطبيعة الاختلاف في سياق الحياة الاجتماعية على الجوانب الأخرى التي قد تمثل جوانب شكلية جمالية أو عقلية فكرية منفتحة، قد لا تتكيف مع سياق الواقع في مجتمع محافظ، وله كيانه الثقافي والاجتماعي، حتى ولو أظهر الزوج أو الزوجة في بداية الأمر تكيفهما مع هذا الواقع".