هلال خاشان | جيوبوليتيكال فيوتشرز - ترجمة الخليج الجديد-
في يناير/كانون الثاني الماضي، قال أستاذ علم اجتماع سعودي إنه يتمنى أن يشجع صناع القرار في المملكة (الملك وولي عهده) على الزواج بين الأشخاص الذين ينتمون لقبائل وطوائف مختلفة للمساعدة في الاندماج بين مكونات المجتمع. واعتبر أن دور القبيلة كركيزة للدولة انتهى، وأن الشعب السعودي لم يعد يهتم بأصول المواطنين لأن التركيز تحول من الهوية القبلية إلى بناء الأمة.
ولكن كان رد الفعل على هذا الكلام عنيفًا، فقد جادل النقاد بأن القبيلة هي خط أحمر في المجتمع السعودي ولا ينبغي استبعادها من الحياة العامة، واتهموا هذا الأكاديمي بمحاولة إثارة الفتنة وطالبوه بالانضباط، ودفع الغضب مستشارًا حكوميًا في الشؤون الأمنية إلى حثه على التوقف عن استفزاز المجتمع السعودي بشأن مكونه الأكثر أهمية.
وبالرغم أن السعوديين عززوا هوية وطنية تتجاوز القبيلة (كجزء من مشروع التحول الوطني لعام 2030) فلا يوجد سبب للاعتقاد بأن العائلة المالكة السعودية تريد القضاء على القبلية، بل يعتقدون أن إلغاءها يمكن أن يؤدي إلى دعوات للإصلاح السياسي ربما تصل إلى إنهاء حكم "آل سعود".
وبالنسبة لـ"آل سعود"، فإن القبائل قوة مفيدة، فهي تقسم المجتمع إلى فصائل تتنافس على حصة أكبر من العطاءات الحكومة، و طالما بقيت القبائل تركز على بعضها البعض، سيظل "آل سعود" واثقين من أنهم لن ينقلبوا عليهم.
في يناير/كانون الثاني الماضي، قال أستاذ علم اجتماع سعودي إنه يتمنى أن يشجع صناع القرار في المملكة (الملك وولي عهده) على الزواج بين الأشخاص الذين ينتمون لقبائل وطوائف مختلفة للمساعدة في الاندماج بين مكونات المجتمع. واعتبر أن دور القبيلة كركيزة للدولة انتهى، وأن الشعب السعودي لم يعد يهتم بأصول المواطنين لأن التركيز تحول من الهوية القبلية إلى بناء الأمة.
ولكن كان رد الفعل على هذا الكلام عنيفًا، فقد جادل النقاد بأن القبيلة هي خط أحمر في المجتمع السعودي ولا ينبغي استبعادها من الحياة العامة، واتهموا هذا الأكاديمي بمحاولة إثارة الفتنة وطالبوه بالانضباط، ودفع الغضب مستشارًا حكوميًا في الشؤون الأمنية إلى حثه على التوقف عن استفزاز المجتمع السعودي بشأن مكونه الأكثر أهمية.
وبالرغم أن السعوديين عززوا هوية وطنية تتجاوز القبيلة (كجزء من مشروع التحول الوطني لعام 2030) فلا يوجد سبب للاعتقاد بأن العائلة المالكة السعودية تريد القضاء على القبلية، بل يعتقدون أن إلغاءها يمكن أن يؤدي إلى دعوات للإصلاح السياسي ربما تصل إلى إنهاء حكم "آل سعود".
وبالنسبة لـ"آل سعود"، فإن القبائل قوة مفيدة، فهي تقسم المجتمع إلى فصائل تتنافس على حصة أكبر من العطاءات الحكومة، و طالما بقيت القبائل تركز على بعضها البعض، سيظل "آل سعود" واثقين من أنهم لن ينقلبوا عليهم.
فشل حركة الإصلاح
يزور السعوديون دبي لأسباب عديدة أهمها معرفة كيف ينبغي أن تكون بلادهم. وعندما يقارن السعوديون من ذوي العقول المتفتحة قادتهم بقادة المجتمعات الحديثة، فإنهم يستنتجون أنهم يعيشون في عالم من القرون الوسطى يهيمن عليه حكام أميون أو شبه متعلمين.
ولا يقبل بعض السعوديين المتعلمين تعليمًا عاليًا الواقع السياسي للمملكة التي تسيطر عليها قيادة تورّث الحكم وتقوم على حكم القبيلة، كما يستاؤون من هيمنة العائلة المالكة لأنها تتطلب ولاء الناس وطاعتهم غير المشروطة.
وأثار احتلال الجيش العراقي للكويت في عام 1990 والوصول اللاحق للقوات الأمريكية إلى المملكة حركة الإصلاح في السعودية، وردت الحكومة بعنف حيث اعتقلت الإصلاحيين وسجنتهم لسنوات عديدة وقمعت في نهاية المطاف جميع المطالبين بالإصلاح.
وفي أوائل التسعينات، اقترحت مجموعة من الدعاة والعلماء والمفكرين سلسلة من التغييرات في وثيقتين تعرفان باسم "خطاب المطالب" و"مذكرة النصيحة"، لكنهم فشلوا في إقناع الملك "فهد" بإدخال إصلاحات. وحفز ذلك انتقامًا حكوميًا بلغ ذروته في أوائل القرن 21 مع حملة على الحركة الإسلامية الإصلاحية.
وكانت الحكومة تشعر بالقلق من بروز زعيم المعارضة "سعد الفقيه"، الذي قاد حركة الإصلاح الإسلامي في شبه الجزيرة العربية، وغيره من المفكرين البارزين (خاصة "سلمان العودة")، خشية أن يتمكنوا من توحيد القبائل السعودية ضد النظام.
وأدى فشل حركة الإصلاح إلى إعادة انبعاث الحركة القبلية، ومنذ عام 2005، تطالب القبائل بلعب دور في المجتمع والسياسة السعودية، وسمحت ثورة الاتصالات لأعضاء القبائل بالتعبير عن آرائهم واهتماماتهم عبر "تويتر" و"فيسبوك" وأنشؤوا منتديات عبر الإنترنت لتبادل أفكارهم الاجتماعية والسياسية. ولدى القبائل السعودية فروع في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية وسوريا والعراق والأردن وشمال أفريقيا، وأصبح عدد منهم منخرطين بشكل غير مباشر في الحروب الأهلية في العراق وسوريا والحصار الذي قادته السعودية على قطر في عام 2017.
ولم تصل الانتفاضات العربية في العقد الماضي إلى السعودية، لكنها حفزت تكثيف الهوية القبلية مع منع السلطات لظهور منظمات مجتمع مدني عابرة للقبائل ورفضها لفكرة الإصلاح السياسي. ومنذ عام 2015، بذل ولي العهد "محمد بن سلمان" جهودًا كبيرة لتركيز جميع القوى بين يديه.
فشل حركة الإصلاح
يزور السعوديون دبي لأسباب عديدة أهمها معرفة كيف ينبغي أن تكون بلادهم. وعندما يقارن السعوديون من ذوي العقول المتفتحة قادتهم بقادة المجتمعات الحديثة، فإنهم يستنتجون أنهم يعيشون في عالم من القرون الوسطى يهيمن عليه حكام أميون أو شبه متعلمين.
ولا يقبل بعض السعوديين المتعلمين تعليمًا عاليًا الواقع السياسي للمملكة التي تسيطر عليها قيادة تورّث الحكم وتقوم على حكم القبيلة، كما يستاؤون من هيمنة العائلة المالكة لأنها تتطلب ولاء الناس وطاعتهم غير المشروطة.
وأثار احتلال الجيش العراقي للكويت في عام 1990 والوصول اللاحق للقوات الأمريكية إلى المملكة حركة الإصلاح في السعودية، وردت الحكومة بعنف حيث اعتقلت الإصلاحيين وسجنتهم لسنوات عديدة وقمعت في نهاية المطاف جميع المطالبين بالإصلاح.
وفي أوائل التسعينات، اقترحت مجموعة من الدعاة والعلماء والمفكرين سلسلة من التغييرات في وثيقتين تعرفان باسم "خطاب المطالب" و"مذكرة النصيحة"، لكنهم فشلوا في إقناع الملك "فهد" بإدخال إصلاحات. وحفز ذلك انتقامًا حكوميًا بلغ ذروته في أوائل القرن 21 مع حملة على الحركة الإسلامية الإصلاحية.
وكانت الحكومة تشعر بالقلق من بروز زعيم المعارضة "سعد الفقيه"، الذي قاد حركة الإصلاح الإسلامي في شبه الجزيرة العربية، وغيره من المفكرين البارزين (خاصة "سلمان العودة")، خشية أن يتمكنوا من توحيد القبائل السعودية ضد النظام.
وأدى فشل حركة الإصلاح إلى إعادة انبعاث الحركة القبلية، ومنذ عام 2005، تطالب القبائل بلعب دور في المجتمع والسياسة السعودية، وسمحت ثورة الاتصالات لأعضاء القبائل بالتعبير عن آرائهم واهتماماتهم عبر "تويتر" و"فيسبوك" وأنشؤوا منتديات عبر الإنترنت لتبادل أفكارهم الاجتماعية والسياسية. ولدى القبائل السعودية فروع في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية وسوريا والعراق والأردن وشمال أفريقيا، وأصبح عدد منهم منخرطين بشكل غير مباشر في الحروب الأهلية في العراق وسوريا والحصار الذي قادته السعودية على قطر في عام 2017.
ولم تصل الانتفاضات العربية في العقد الماضي إلى السعودية، لكنها حفزت تكثيف الهوية القبلية مع منع السلطات لظهور منظمات مجتمع مدني عابرة للقبائل ورفضها لفكرة الإصلاح السياسي. ومنذ عام 2015، بذل ولي العهد "محمد بن سلمان" جهودًا كبيرة لتركيز جميع القوى بين يديه.
القبيلة كقوة مدمرة
لا يوجد سبب للاعتقاد بأن القبائل ستثور ضد النظام، وبالرغم أن القبائل السعودية لها هويات اجتماعية واقتصادية وثقافية منفصلة لكنها غير سياسية، ومع ذلك لا تزال قادرة على التأثير في على المجتمع.
تُظهر القبلية السعودية ميولًا عنصرية، ولا تقدر العمل، وتعامل الممتلكات العامة باستخفاف، كما تتسم بثقافة الشك وعدم الثقة، والتعصب تجاه الآراء المختلفة والتعددية الدينية، والهيمنة الذكورية في العلاقات الأسرية.
بالنسبة لمعظم السعوديين، فإن أهم انتماء لديهم هو روابط الدم العائلية، تليها المناطق التي تنحدر منها قبائلهم، وليس أمكنة إقامتهم، كما يرفضون التفاعل مع السعوديين الآخرين بدون الاعتبارات القبلية.
وينظر النجديون إلى سكان الحجاز كأحفاد الحجاج الذين جاؤوا إلى الأماكن المقدسة في مكة والمدينة لأداء الشعائر الدينية واختاروا البقاء هناك، كما أنهم لا يثقون في شعب المنطقة الشرقية، ويعتبرونهم شيعة رفضوا العقيدة الإسلامية الصحيحة.
وتشكل القبائل تحديًا لمشروع "رؤية 2030" السعودية والتي تهدف إلى تعزيز العمل الجاد وتشجيع المواطنين على خدمة البلاد وتوفير فرص عمل للجميع. لكن القبائل لا تقدر العمل الجاد، حيث ترى أن مستوى المعيشة العالي حقا مكتسبا لا يتطلب العمل من أجل تحصيله.
وبالرغم أن القبائل نقطة ضعف في التحول الوطني للمملكة، لكن العائلة المالكة السعودية لن تواجههم لتجنب زعزعة استقرار البلاد.