طه العاني - الخليج أونلاين-
تحظى صناعة الملابس في المملكة العربية السعودية باهتمام كبير، لكونها واحدة من أهم القطاعات الاقتصادية التي شهدت تطوراً ملحوظاً على مدار السنوات الأخيرة.
ومثّل موسم عيد الفطر المنصرم والأعياد والمناسبات الأخرى فرصة حيوية لهذا القطاع، حيث يزداد الطلب على الملابس بشكل كبير، مما ينعكس إيجاباً على إيرادات السوق بشكل عام.
إيرادات مليارية
يُنظر إلى صناعة الملابس باعتبارها واحدة من المحركات الأساسية للنمو الاقتصادي في المملكة، مدعومة بزيادة الاستثمارات والتوسع في السوق المحلي، إضافة إلى تبني أحدث التقنيات في عمليات الإنتاج والتسويق.
وحققت إيرادات سوق الملابس في السعودية عائدات ضخمة، حيث وصلت إلى مستويات تفوق 20 مليار دولار في 2023، وتعتبر هذه الإيرادات مؤشراً قوياً على قوة هذا القطاع واستقراره في السوق المحلي.
ومن المتوقع أن يستمر نمو سوق الملابس في المملكة بمعدل يبلغ 3% حتى عام 2030، وذلك نتيجة للزيادة المستمرة في الطلب على الملابس وتوسع قاعدة العملاء، إضافة إلى التحسن المستمر في بيئة الأعمال والاستثمار في البنية التحتية للتجارة والتسويق.
وتتصدر الملابس النسائية نسبة كبيرة من المبيعات في هذا السوق، حيث من المتوقع أن تبلغ مبيعاتها نحو 8 مليارات دولار في عام 2024، ما يمثل نحو 40% من إجمالي قيمة الصناعة.
ويشغل هذا القطاع ما يقرب من 230 ألف شخص في المملكة، حيث تشكل النساء 66% منهم، ومن المتوقع أن يتضاعف حجم سوق الملابس ليصل إلى 1.5 مليار قطعة بحلول عام 2030.
ويُعتبر موسم العيد فترة حيوية لسوق الملابس الجديدة والموضة في المملكة، حيث يتجه كثيرون إلى شرائها للاحتفال بهذه المناسبة الدينية والاجتماعية.
وتعتبر الإيرادات الناتجة عن موسم العيد من أهم المعايير التي تُقيم بها حالة سوق الملابس في المملكة، حيث يتوقع في كل عام أن ترتفع الإيرادات ارتفاعاً كبيراً خلال هذه الفترة، مما يسهم في تعزيز نمو هذا القطاع وزيادة الاستثمارات فيه.
سوق واعد
ويقول الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي إن التقديرات تشير إلى أن قطاع الألبسة في السعودية سينمو ويتطور بنسبة 48%، وسيصل إلى نحو 24 مليار دولار مع العام 2025، وذلك مقارنة مع ما بلغه حجم الاستيراد في العام 2021 بنحو 7.3 مليارات دولار.
ويبين خلال حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن قطاع صناعة الألبسة المحلية في السعودية أسهم بما نسبته 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، وبما يعادل نحو 13 مليار دولار، فضلاً عن وجود عديد من العلامات التجارية العالمية التي فتحت لها أسواقاً في المملكة.
وأضاف العبسي أن "الشيء المهم الذي نستنتجه مما سبق ذكره أن صناعة الألبسة لها سوق واعد ونامٍ، ويتوقع له استمرار النمو والتطور لعدة أسباب؛ منها الدعم الذي يتلقاه هذا القطاع الإنتاجي المهم".
ويتابع المحلل الاقتصادي بالقول إن هيئة الأزياء السعودية، التي عملت على برنامج أسموه "100 علامة سعودية"، أعلن عنه عام 2021، يقدم فرصاً إرشادية وتوعوية حول التطوير المهني والتمازج بين العصري والتقليدي في صناعة الألبسة والعلامات التجارية.
وحول سبب توسع سوق الألبسة يعيد العبسي الأسباب إلى القدرة الشرائية المتميزة نتيجة ارتفاع الدخل للفرد في السعودية، إضافة إلى حجم مشتريات الحجاج والمعتمرين، فعلى سبيل المثال فإن مشتريات المعتمرين في شهر رمضان الماضي تقدر بنحو 200 مليون سعودي (ما يعادل 53.3 مليون دولار).
استيراد وتصدير الملابس
أصبح قطاع استيراد الملابس من القطاعات الحيوية في الاقتصاد السعودي، وتشير الإحصاءات إلى أن المملكة واحدة من أكبر المستوردين في العالم، حيث تعتمد اعتماداً كبيراً على الاستيراد لتلبية احتياجات سوق الملابس المتنوعة، وذلك نظراً للتنوع الثقافي والديموغرافي في البلاد.
وتصل قيمة استيراد الملابس في السعودية إلى نحو 604 ملايين دولار سنوياً، مما يجعلها تحتل المرتبة الـ27 عالمياً بين أكبر مستوردي الملابس المستعملة في العالم.
وتأتي هذه الواردات بشكل أساسي من الصين (366 مليون دولار)، والإمارات (69.2 مليون دولار)، وباكستان (46.5 مليون دولار)، والهند (37.2 مليون دولار)، وإسبانيا (9.6 ملايين دولار)،
وتعتبر هذه الأرقام مؤشراً قوياً على حجم الطلب على الملابس في السوق السعودي، والتي تتنوع بين الملابس الرسمية والرياضية والترفيهية.
وتعود أسباب اعتماد المملكة على الاستيراد إلى عدة عوامل؛ منها تنوع الطلب في السوق السعودي، حيث يبحث المستهلكون عن ملابس متنوعة تناسب احتياجاتهم واختلاف أذواقهم.
كذلك يفضل كثير من المستهلكين في السعودية شراء الملابس من العلامات التجارية العالمية المعروفة، مما يزيد من الحاجة إلى الاستيراد.
كما تزداد شهرة التسوق عبر الإنترنت في السعودية، ويتجه كثير من المستهلكين إلى شراء الملابس من المتاجر الإلكترونية العالمية، مما يزيد من حجم الاستيراد.
في المقابل تصدّر السعودية ملابس مستعملة بقيمة تبلغ نحو 50.7 مليون دولار سنوياً، مما يضعها في المرتبة الـ69 بين أكبر مصدري هذا القطاع عالمياً، وتحتل رقم 53 بين المنتجات الأكثر تصديراً في المملكة.
وأما الوجهات الرئيسية للصادرات السعودية في هذا القطاع فتشمل الولايات المتحدة بقيمة 25.6 مليون دولار، والإمارات بـ 5.2 ملايين دولار، والكويت بـ 4.7 ملايين دولار، والمكسيك بـ 4.6 ملايين دولار، والأردن بـ 1.4 مليون دولار.
بعض التحديات
وتواجه عمليات الاستيراد والتصدير لسوق الملابس في المملكة تحديات متعددة، منها التكاليف العالية للشحن والجمارك، مما يؤثر على تكلفة الملابس النهائية ويزيد من أسعارها.
كما تتأثر أسعار العملات والتقلبات الاقتصادية تأثراً كبيراً على قطاع الاستيراد والتصدير في المملكة، مما يجعل من الصعب تحديد الأسعار بشكل دقيق، ويزيد من التحديات التنافسية.
وتتبع المملكة سياسات بيئية صارمة تقتضي الامتثال لمعايير محددة في مجال الاستيراد، مما يتطلب من الشركات القيام بإجراءات محددة لضمان التزامها بالتشريعات البيئية.
ولكن مع استمرار توسع السوق السعودية وتزايد الطلب على الملابس، من المتوقع أن يستمر حجم الاستيرادات والصادرات في الارتفاع في السنوات القادمة، وذلك فيما لو حرصت الشركات والمتاجر على الاستعداد لتحديات السوق وتطوير استراتيجيات جديدة لتلبية احتياجات المستهلكين بشكل فعال ومواكبة التطورات في القطاع.