علي سعد الموسى- الوطن السعودية-
من أجمل الأخبار التي قرأتها هذا الأسبوع خبر احتمال إسناد ملاحقة ومحاسبة المتورطين في مقاطع (الهياط) إلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هي الجهة الوحيدة التي تستطيع لجم وتحجيم هذا السرطان الاجتماعي، ولنا دليل في نجاحها الخارق في مطاردة حالات الابتزاز، ولولا الهيئة وبكل تجرد لكانت آلاف الأسر السعودية في كارثة مجتمعية قاتلة. نحن وبصوت مرتفع لا نريد أن نكون مع هذه (القلة) المريضة مثل القرية التي "كفرت بأنعم الله"، ولا الأخرى التي "أمرنا مترفيها"، ثم نجد أنفسنا في وجه العقاب الإلهي الذي تحدثت به تلك الآيات القرآنية الكريمة.
هؤلاء المرضى في غيبوبة مكتملة عما يحدث – مثلا - لأبطالنا على ثغور المعارك، وهم يبتكرون طرق تجهيز وجباتهم الناشفة السريعة، مثلما هم في جهل مطبق لما يحدث من ألبسة الجوع والخوف لإخواننا في دول الجوار المباشر على اتجاهات البوصلة الأصلية والفرعية.
وكل ما أخشاه أن هؤلاء المرضى قد استنفدوا كل الطرائق التقليدية في مشروع (هياطهم) المريض والمتخلف، وسيأخذوننا من بعد إلى ابتكاراتهم المستفزة التي تتعدى أفكار القدر والصحن وشكل المائدة، هذا ما كان بالتحديد في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وخذ من الأمثلة: مريض من هؤلاء ينثر أكوام (الهيل) في ممرات الضيوف إلى منزله، وآخر يحرق أغلى سياراته في وداع ضيوفه، وثالث يتبختر باستلامه شهادة من مطبخ بصفته الزبون الأعلى خلال العام، ثم يظهر في المقطع الشهير وكأنه يستلم شهادة الدكتوراه من هارفارد أو كامبردج.
وخذوا على مسؤوليتي: نحن دخلنا الموجة الجديدة من ابتكارات هؤلاء المرضى، ومع الوقت ستصبح هذه الموجة تقليدية نمطية، وسيقود هؤلاء المرضى مجتمعهم إلى موجات خيالية لا يمكن لي ولا لكم تصورها، وكلنا سيدفع الثمن باهظا مكلفا إن لم نبدأ مع هؤلاء قرارا حازما، ثم نقف جميعا في دعم القرار ومساندته؛ مثلما هو في الجملة الأولى في صدر هذا المقال.
هؤلاء المرضى هم أكبر (ماكينة) تشويه لصورة المجتمع السعودي، وإلا ماذا سنقول لإخواننا المحاصرين في مضايا السورية وهم يواجهون الموت جوعا لليوم الأربعين، بينما مريضنا هنا وبالبلدي الشعبي ينحر عشرة خراف لضيوفه الخمسة، ثم يقسم أغلظ الأيمان على كل ضيف أن يجلس وحده على صحن من (مفطحين)؟! هذا وهو ينتمي إلى الفكر التقليدي من الموجة الأولى لهذا المرض؛ فماذا سنقول من تبرير لذات الإخوة في الدم والدين واللسان وهم يشاهدون هذه المقاطع المحزنة من ابتكارات (الهياط) وموجاته اللاحقة؟!.
ختاما وإن صح الخبر؛ سأقول لإخوتي من رجال الهيئة: الكفر بالنعمة هو ذروة المنكر فاضربوا على أيدي هؤلاء بيد صارمة لأنهم من يقودنا إلى المستنقع.