المدينة السعودية-
أكد عدد من الدعاة والمختصين أن التفاخر والإسراف والتبذير صورة حية من صور كفران النعمة، مطالبين في ذات السياق بتوعية المجتمع عبر وسائل الإعلام بكل أنواعها، ومحاسبة مروجي هذا السلوك عبر أي وسيلة كانت بوصفه سلوكا شيطانيا حذر منه القرآن الكريم، كما يتضح في قوله تعالى: «إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين».
أما المستشار في الديوان الملكي، عضو هيئة كبار العلماء معالي الشيخ عبدالله المطلق أعتبر ما يحدث وما أنتشر بين الناس من كفر النعم وأن من يقوم بمثل هذه الأعمال أنما هم أخوان لشياطين قائلا بعض الناس الان يشتغل مع الشيطان والله تعالى قال « وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا»
فمن يضع الهيل ويدوسونه الناس بإقدامهم أو المرأة التي تنثر الفلوس وتدعسها من ترقص بإقدامها هذا كله من كفر النعم فربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا فالحمد لله هذه الأمور قليلة جدا لكن الناس يستنكرونها وينشرونها .
وقال للأسف هناك بعض النساء في الأعراس يرمون على بعضهن البعض وهن يرقصن مبالغ مالية قد تصل إلى عشرة الاف ريال ويدعسون عليها بالإقدام على فئات الخمس مائة ريال والخمسمائة هذه راتب شغالة والبعض للأسف تدوسه تحت قدميها، نخشى أن يكون هذا من كفر النعمة فالأشخاص هولا الذين يظهرون في هذه المقاطع قبل خمسين أو سبعين سنه ونحن منهم كنا نتمنى الأكل،فهولا نسو والبعض منهم لا يدري ، فهذه النعم اذا شكرت بقيت واذا كفرت طارت وزالت الله عز وجل يقول « لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ» ويقول « وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ» وقال « سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ « ترانا رأينا ناس أتتهم الله عز وجل فلوس لم يتوقعوها وبذروها ولعبوا فيها وبعد ذلك وجدناهم في السجون والناس تجمع لأبنائهم صدقات، لماذا حدث بهم ما حدث لأنهم امتنعوا عن الزكاة ولم يعطوا أقاربهم، فلقد حدثني أحد الأشخاص أن هناك شخص ثري يذبح الذبائح ويبذر وينفق على شعراء الرد وزواجه كلفة مليون ريال وأخته لا يوجد في ثلاجتها الا الماء لم يكلف نفسه ويعبي ثلاجة أخته بخمسمائة ريال، بعد ذلك طارت النعمة فعليكم بالزكاة وصلة الأرحام وبر الوالدين وعدم الإسراف والتبذير، فلقد كان أكرم الناس محمد صلى الله عليه وسلم يقول سلمان عن كرم النبي عليه السلام كان لا يبخل بموجود ولا يتكلف مفقود فهذا هو الكرم ، جميعا متفقين على أن الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله من أكرم الناس فإذا أتيت للغداء معه ترى على مائدته القارات الست ناس من أمريكا وأوربا والسعودية وإفريقيا وكل مكان كل هؤلا يأكلون ذبيحة واحدة، فهل الذين يهايطون الآن أكرم من بن باز، فالكرم ليس في الإسراف إنما في الواجب فلقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم برئ من البخل من أدى الزكاة وقرى الضيف وأعطى في النائبة» إذا حصلت الثلاث هذه برئ الإنسان من البخل.
طالبت عضو مجلس الشورى، الدكتورة ثريا إبراهيم العريض، بتوعية المجتمع خاصة الأجيال القادمة وقالت للحفاظ على هذه الثروات وعدم تكرار ما يحدث الآن من إسراف وتبذير علينا توعية الأجيال القادمة وتخصيص مناهج دراسية لمعالجة هذا الأمر والحث على المحافظة على النعمة والثروات الغذائية وغيرها من المكتسبات، كما أننا نحتاج إلى تنمية التكاتف داخل الأجيال القادمة ومحاربة التباهي بالثروات والتبذير فيما لا يقبل، فالإسراف مرفوض حتى وإن كان الشخص هو من يتحمل هذه التكاليف.
فالمباهاة في مناسباتنا الخاصة والعامة لن تضيف لنا السعادة ولن تخلق للعروسين السعادة أو الاستقرار، فالبذخ والإسراف يسبب التنافر مابين المجتمعات عامة والعروسين خاصة. وقالت العريض انفتحت علينا وسائل الاتصال، ولم نعد نعلم ما هي الحقيقة وما هو التمثيل ولا أعلم ما صح هذه المقاطع فكثير من التسجيلات يعتبرونها أصحابها طريفة، وهي في قمة السخافة وتنشر فكرة سيئة وربما هم لم يفكرون فيما نشروه وما هو تأثيره الاجتماعي والاقتصادي.
وأشادت ببرامج حفظ النعمة داخل المملكة، وعلى رأسها جمعية إطعام، وقالت هذه البرامج مفيدة للمجتمع وللبيئة فهي تحفظ النعمة وتطعم المحتاجين وتحافظ على البيئة من أضرار هذه الأطعمة لأنها عندما ترمى خارج المدن تسبب مشكلات صحية كثيرة. فجمعية إطعام قابلتهم ووجدت لديهم مشروع رائع، خاصة أنه يرتبط مباشرة في عملية الإسراف والتبذير التي تخالف تعليمات ديننا الحنيف، فكيف لنا نسرف ونبذر وحولنا من يموت من الجوع. وقالت الإعلام تناول هذه القضية من أجل التوعية ومحاربة هذه التصرفات غير الصحيحة حولت القيمة الإيجابية إلى قيمة غير صحيحة. وأن هناك بعض الدراسات العلمية لحفظ النعمة لدى جمعية إطعام عن كيفية حفظ الفائض من الأطعمة وكيفية إصالة لمستحقيه بطريقة صحيحة وجيدة فهناك هواتف موزعة يستفيد منها المستحق ومن لدية فائض الطعام .
فيما أكد الأستاذ بجامعة أم القرى الدكتور سعيد بن مسفر القحطاني، أن الموائد لم تعهد تقدم للبطون وإنما للعيون وقال نحن في رغد من العيش فإذا لم نشكر هذه النعم سنتمناه في وقت آخر، ولشكر النعمة علينا أولا الاعتراف بها والإقرار والتحدث بها ثم صرفها في مرضاة الله تعالى وعدم الإسراف والتبذير الذي نلاحظه في كثير من الناس فإن الناس بلغت بهم النعمة حد البطر خاصة في المناسبات والعزائم وحفلات الزواج لم يعد الناس يقدمون أكلا للبطون، وإنما يقولون الزاد للعيون أي للرياء، فالبعض أصبح يضع صينية طويلة ويضع عليها جملا وحوله خروف أو خروفان ودجاج ويجلس على هذا الصحن مالا يزيد عن عشرة رجال يأكلون منه القليل جدا ولا يقبل أن يجلس أحد يأكل بعدهم، مما يجعل باقي الأكل يرمى في براميل النفايات، الله يغار على هذه النعمة وغيرنا يموت جوعا ونحن ليس ببعيد عما يحدث في سوريا، سوريا الجريحة، التي تنزف قلوبنا علينا بلد المزارع والفواكه والخيرات أصبح الناس فيها يموتون جوعا، ولقد بلغنا أن الناس هناك يأكلون القطط فمن يأكل القطط نحن من شدة الشبع لم نعد نأكل الخرفان.
وقال نحن على مستوى المناسبات وعلى مستوى الأسر أيضا أصبحنا نرمي النعم في النفايات، فأكياس الزبالة تجد فيها الرز واللحم والدجاج والخبز والفواكه بكل أسف لأن الأسر لدينا لا تطبخ على قدرها، فينا من يأكل ربع البرتقالة والموز والخبز ويرمي بالباقي وهكذا.
أما الداعية عبدالعزيز بن محمد السهيمي فدعا الناس إلى التكاتف مع بعضها البعض لمحاربة هذه الظواهر وتوجيه أسرهم في المحافظة على النعم وعدم رميها في النفايات، وقال كفر النعمة قد يكون بداية هلاك المجتمعات، أما شكرها فهو بداية لزيادة هذه النعم، فلقد كان النبي عليه الصلاة والسلام كثيرا ما يحذر أصحابة من كفر النعمة وأن النعمة إذا شكرت قرت وإذا كفرت فرت وأن الله سبحانه وتعالى يهمل ولا يمهل وإذا أخذ كان أخذ عزيز مقتدر، فالتاريخ يشهد أنه كم كان من دولة وأمة تعيش في رفاهية ونعيم فلما أسرفوا وكفروا بهذه النعم وكثرت فيه الفتن والشهوات وانتشر الربا سلط الله عز وجل عليهم من أعدائهم من يسلبهم تلك النعمة، التي أنزلها الله عليهم وقد قال الفضيل بن العياض عليه رحمة الله: إن الأمة إذا شكرت ربها وأن العبد إذا شكر نعمة الله تعالى عليه لم تزل، وإذا كفرها زالت بوعد الله سبحانه وتعالى، فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم من أشكر الناس، كان عبدا شكورا معا ماكان يعيش عليه السلام من شغف العيش وقلة ذات اليد والفقر الذي عاشه فيه صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في الصحيحين في حديث ترويه عائشة رضي الله عنها: عندما جات وحضرت إلى النبي عليه الصلاة والسلام قبيل صلاة الفجر فلما نظرت إليه وقد تفطرت قدماه بالدماء من شدة قيامه «صلاة الليل» عليه الصلاة والسلام فقالت عائشة أتفعل ذلك وقد غفر لك ماتقدم من ذنبك وما تأخر فسكت النبي برهه وقال أفلا أكون عبدا شكورا، فكيف لا يشكر العبد ربه على النعم التي هو فيها، فما يحدث كفر لهذه النعم والمسلم يجب أن يكون شاكرا لربه فعلى المسلمين أن يتعاونوا على محاربة مثل هذه المظاهر السيئة.
أكد الداعية الشيخ صالح بن محمد الجبري أن ما نشاهده يدل على وجود أزمة أخلاقية وسوء تدبير وتبذير للأموال في التفاهات، إن لم تكن في المحرمات، وقال من توجيهات الدين الاقتصاد في الإنفاق، بل رتب على ذلك أجورا وثوابا عليه قال تعالى: «لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا» فهذا أمر من الله تعالى بالإنفاق على قدر الرزق، ووعدٌ منه سبحانه للفقير باليُسر بعد العسر إذا أنفق على قدر رزقه. وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا أنفقتِ المرأةُ من طعامِ بيتها، غيرُ مُفْسِدَةٍ، كان لها أجرُهَا بما أنفقتْ، ولزوجها أجرُهُ بما كَسَبَ، وللخازِنِ مثلُ ذلكَ، لا يُنْقِصُ بعضَهُمْ أجْرَ بعضٍ شيئًا».. فحاجة كثير من الناس إن لم يكن كلهم ليست لزيادة الموارد والدخل وكثرته، بل يحتاجون إلى التدبير في المعيشة والاقتصاد فيها. وقال هل من معاني الأخوة في الدين أن تستمتع بما أعطاك الله فيما حُرِّم عليك وأنت ترى مآسي إخوانك المسلمين؟ وقد يكونون من أقاربك أو جيرانك! ولو لم يوجد مسلم على وجه الأرض يحتاج إلى جزء من مالك يسدُّ رمقه ويبقي على حياته لمَا حَسُن بك أن تهدر مالك في غير نفع؛ فكيف والمسلمون في كل يوم يموت منهم العشرات بل المئات من جراء التجويع والحصار والحرمان؟! إن عدم الاهتمام بذلك قد يكون سببًا للعقوبة وزوال الأموال، وإفقار الناس؛ حتى يتمنوا ما كانوا يُلقون بالأمس في النفايات وكم يمر بالناس من عبر في ذلك، ولكن قلَّ من يعتبر؛ فكم من أسر افتقرت من بعد الغنى؟! وكم من دول بطرت شعوبها وأسرفت على نفسها فابتلاها الله بالحروب والفتن التي عصفت بها، فتمنى أفرادها بعض ما كانوا يملكون من قبل؟! والتاريخ مليء بأحداث من هذا النوع؛ فالمعتمد بن عَبَّاد- رحمه الله- كان من ملوك الأندلس، ويملك الأموال الطائلة، والقصور العظيمة، ولما اشتهت زوجته وبعض بناته أن يتخوَّضن في الطين أمر بالعنبر والعود فوضع في ساحة قصره، ورُشَّ عليه ماء الورد وأنواع من الطيب، وعُجِن حتى صار مثل الطين؛ فتخوَّضت فيه أسرته المترفة، وما ماتت تلك الأسرة المترفة حتى ذاقت طعم الفقر وألم الجوع؛ إذ استولى «يوسف بن تاشفين» على مملكة ابن عباد، وكان النسوة اللائي تخوَّضن في العود والعنبر لا يجدن ما يأكلن إلا من غزل الصوف بأيديهن، الذي لا يسد إلا بعض جوعهن،. وهذا أبو عبدالله الزغل من آخر ملوك غرناطة الأندلسية باع أملاكه فيها بعد أن استولى عليها النصارى، وحمل مالًا عظيمًا قُدِّر بخمسة ملايين من العملة المعروفة آنذاك، ورحل إلى إفريقيا، فقُبِض عليه وصودرت أمواله، وسُملت عينيه، ورمي في السجن بسبب بيعه غرناطة للنصارى وتخليه عنها، ولما خرج من السجن لم يجد من يطعمه ويؤويه، فأخذ يستعطي الناس في الأسواق، ويطوف وعلى ثيابه رق غزال مكتوب عليه: «هذا سلطان الأندلس العاثر المجد» لعل من يراه يرحمه ويعطيه بعض المال.
فيما قال الأمين العام الحالي للمجلس الإسلامي العربي في لبنان، السيد محمد علي الحسيني: «إن بعض الناس رحبت وفرحت ولعبت بالثلج وجعلت الرحلة إليه سياحة، وبعض الناس كاللاجئين في لبنان، الأردن، تركيا- حزنوا وخافوا بل ماتوا من الثلج».. وأن البعض يسرف ويبذر ويتفاخر بذلك وإخوانه يموتون جوعا جواره.
وناشد: «لا أقول لكم باسم الدين أو القومية وماشابه بل أقول وأدعو باسم إنسانيتنا ارحموا أنفسكم ولا تبذروا وتسرفوا وانظروا إلى إخوانكم اللاجئين وتذكروا «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».. وطالب:»ساعدوا اللاجئين بما تستطيعون بطعام، بشراب، بمدفأة بثياب، أوبغطاء أو خيمة أو بدواء أو بحذاء و»لا تستحوا من إعطاء القليل، فالحرمان أشد منه». وأوصى بضرورة الإسراع بالتحرك والمبادرة الشخصية حتى لمساعدة اللاجئين وبما عندكم وتذكروا قوله تعالى: «لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم».
وأكد: «بمبادرة إنسانية خالصة قمنا اليوم بزيارة اللاجئين، وتقديم مايسعنا وقدرنا عليه للاجئين، وختمنا الزيارة بابتسامة وكلمة طيبة، ورفعنا أيدينا إلى أرحم الراحمين وسألناه أن يفرج هم كل مهموم، وينفس غم كل مغموم، ويرد كل غريب إلى وطنه سالما، ويصلح حالنا إله الحق أمين».