الرياض السعودية-
استقبل سرادق العزاء "بمدينة المبرز" الذي أقيم لشهداء الصلاة الذين سقطوا الجمعة الماضي جراء العمل الإرهابي في مسجد الإمام الرضا بحي محاسن بمدينة المبرز بالاحساء، مساء أمس حشوداً من المعزين من الاحساء وخارجها، وكان وكيل المحافظة خالد البراك قد قدم واجب العزاء، كما قدم إلى مقر العزاء وفد من أهالي منطقة القصيم الذين قدموا لتقديم واجب العزاء لذوي الشهداء، وضم الوفد عبدالله سليمان التويجري والد الانتحاري عبدالرحمن الذي فجر نفسه خلال الهجوم على المسجد الذي أدى لاستشهاد أربعة مواطنين، وكان في استقبال الوفود عضوا لجنة التشييع حجي النجيدي ويوسف الطريفي.
وألقى التويجري خلال العزاء كلمة قال فيها: لا شيء في الدنيا أصعب من أن يكون حلمك الذي سعيت إلى الحصول عليه سببا في إحداث جرح غائر في جوفك.. المصاب مصاب الجميع.
ليال مرت وكأنها عمري الذي قارب نصف قرن، كنت فيها أتمنى الصباح وحين ينبلج أتمنى الليل وما زلت باقياً على تلك الحال حزناً على ما حدث.
جئتكم حاملاً معي حزني وحزن والدتي وزوجتي لأشارككم مشاعر الفقد وألم الصدمة الرهيبة، خمسون عاماً هي مسيرتي في الحياة عانيت فيها كما يعاني كل واحد منا من المصائب، لكنها لا تعدل حزني وألمي وصدمتي هذه الأيام.
إنا لله وإنا إليه راجعون، أحسن الله عزاءكم وجبر مصابكم، وأخلف علينا وعليكم خيراً، مصابكم مصابنا، وقبل ذلك وبعده هو مصاب الوطن، حسبنا الله ونعم الوكيل على من غرر وغلغل ذلك الفكر في أبنائنا وحسابه عند ربه، سنظل جميعاً نحن وأنتم مع قيادتنا تظللنا راية التوحيد لتقصم ظهر كل من أراد بالمسلمين سوءاً، حفظ الله علينا وعليكم ديننا وأمننا وبلادنا وقادتنا.
ثم ألقيت كلمة أهالي القصيم جاء فيها "نحن هنا ليس لأننا من القصيم أو نمثل المنطقة، نحن وأنتم وأهلنا في كل مكان، نمثل هذا البلد المبارك الأمين الوفي بكل طوائفه وتنوعاته.. المملكة بلاد حباها الله تنوعاً في كل شيء، وهذا التنوع هو عامل ثراء وقوة وليس عامل تنازع وفرقة كما يريد له الأعداء، هذا الحادث لم يقع في الاحساء وحدها، بل وقع في كل الوطن، وبلادنا بكل مناطقها مستهدفة، أما لماذا الأحساء فلأنها والله الأرض التي قدمت منذ سنوات أبرز نموذج للتعايش والوحدة والتنوع.
ما حدث في هذه الأيام نجد آثاره وصداه في كل أنحاء الوطن في الرياض، في مكة، في القصيم، في جازان، في نجران، في كل أرجاء الوطن الغالي.
إن أمننا وقوتنا في وحدتنا، والكل يذكر أننا تربينا ونشأنا في كل مناطقنا ونحن لا نعرف هذه اللغة الطائفية، ولا هذا التصنيف الدخيل على مجتمعنا، فكلنا يجمعنا هذا الوطن الكبير، كل إرهابي منبوذ مطرود في كل مجتمع، وكل ضال لا يمثل إلا نفسه ولو كان ابننا أو أخانا فهذا الوطن فوق الجميع، والجميع ضد من يحاول الإخلال به.. لا نعزيكم لوحدكم، نحن نعزي أنفسنا يا أهل الاحساء، ونقتدي بكم ويقتدي بكم الوطن بأكمله، فأنتم أهل التعايش والوفاء والتنوع، وبمثلكم تزدهر الأوطان آمنة مطمئنة، أسأل الله أن يحفظ لهذه البلاد أمنها وقيادتها واستقرارها وشعبها.