د.سامي الجمعان- اليوم السعودية-
لم تعد الحماقة والسذاجة مقتصرة على العمليات الإرھابية التي ينفذھا حمقى الأجساد المفخخة بين فينة وأخرى، بل لھا وجه آخر يتجلى بوضوح فيما يعقبھا من حفلات (تويترية) صاخبة ،تتشكل في عدد ھائل من التغريدات التي ينشرھا أرباب المزايدات من أبناء الوطن، أو المحسوبين على الوطن كما يحلو للجميع تسميتھم، وعلى وجه التحديد لا التعميم أولئك الذين اتخذوا من (تويتر) منصة لبث سمومھم وسوء نواياھم، فباتت تعليقاتھم على الأحداث مفخخة بأحقاد مبطنة ،وملغمة بأفكار ُمُشَكِكَة في كل شيء ،ظنا منھم أن عباراتھم ستمر دون تمحيص وتدقيق وتعليق ،إذا نشروھا فوجدت عاليھا عسلا وحرصا على الوطن وادعاء المواطنة، بينما باطنھا السم الزعاف، تنم عنه تلك الكلمات والألفاظ والعبارات، المصاغة بحرفية الباحثين عن ضجيج أكبر ،وصخب مجتمعي أضخم، والحادث الإرھابي الأخير الذي وقع قبل أيام معدودة في (محاسن الأحساء) وكل الأحداث التي وقعت من قبله أسقطت أقنعة العديد من ھؤلاء المزايدين على الوطن وأمنه، المقللين من شأن تلك الجھود الكبيرة المبذولة لاستقراره وأمانه، وكأنھم ينتظرون مثل ھذه الأزمات ليرموا بثقلھم في جانب التشكيك والتزييف والتدليس!!!
مثل ھذه المواقف تدفعنا للسؤال عن الأجندة التي يحملھا ھؤلاء، وعن الھدف الذي يبتغون الوصول إليه، حين يطرحون وفي أوقات حساسة مقولات لا تزيد النار إلا حطبا، ولا الطين إلا بِلةّ، بينما يتوارون عن التعليق أو الشجب أو الاستنكار أو حتى التغريد في أوقات أخرى، قد تكون ھي الأحوج إليھم فيھا، والأشد عوزا لمواقفھم وتغريداتھم أو شجبھم واستنكارھم، الأمر الذي يؤكد قصدية ما يطرحونه، في أوقات لا تناسب طرحھم وبلبلتھم، وحتى لا أضيّق دائرة حديثي فلن أعمد إلى إعطاء أمثلة محددة أو أسماء بعينھا، بل سأترك الفضاء مفتوحا على مصراعيه ،وللقارىء الكريم حق العودة إلى منصات تويتر للوقوف على حقيقة تلك التغريدات المثيرة للجدل والمحركة للرأي العام في أوقات نحتاج فيھا إلى العقلانية والتريث وحسن الظن في الوطن وجھوده الأمنية الكبيرة، فما أن يمر بنا حادث إرھابي فاجع، أو فعلة داعشية شنيعة حتى بدأ ھؤلاء في الضرب دون ھوادة على أوتار حساسة يلمزون ويغمزون ويطنطنون، وتويتر منصة مفتوحة تؤكد قائمة المتصيدين في الماء العكر، الذين يطلون برؤوسھم المليئة بالشك في أشد الأوقات حرجا، ليدلوا بتصريحات التخوين والتشكيك والاتھامات، فيفلسفون بسذاجة و(سماجة) غير مدركين أنھم يقدمون خدمة عظيمة للإرھابيين ومن في حكمھم!! وھاكم الخدمة التي يقدمونھا على طبق من ذھب للإرھاب وأھله!
يتمثل ھذا الھدف في اتساق وتوافق ھذه التغريدات التي يبثھا كل من يدّعي المواطنة والحرص على الوطن مع روح الھدف الذي بنى الإرھاب مشروعه التدميري عليه، ذلك المشروع المؤسس على زعزعة أمننا، والخروج على ولي الأمر، والقائم على ضرب الوحدة الوطنية ،وتفريق الصفوف، وزراعة الفتن والنزاعات، لتأتي تغريدات ھذه الفئة لتكون داعما حقيقيا لتلك الأھداف بصورة أو بأخرى، فالإرھاب إن كان سلاحا، ھو كلمة أيضا، كلمة أريد بھا باطل، ووضعت في غير موضعھا بھدف ضخ طاقة الحقد، وتحريك رماد الكره والضغينة، والمواطنة الصالحة التي يدعيھا البعض ولا يعمل بأخلاقياتھا على أرض الواقع إنما تكون بوقوفك مع الوطن في أزماته، وأن تختار الوقت المناسب لنقده، والوقت المناسب لمآزرته ودعمه، أما أن نذر الرماد في العيون، ونخلط الحقيقة بالظنون، ونستثمر الضربات الموجعة للوطن لنجعلھا أكثر إيلاما فليست من المواطنة في شيء!!!.