الحياة لسعودية-
اليوم، سيبتهل المصلون في السعودية، بأن يحفظ الله المساجد والمصلين من أعمال الإرهاب والتفجيرات، وأن يستعيد الجمعة سمعته كيوم يتقرب فيه المسلم إلى الله، وفرصة للتواصل العائلي، وأيضاً الاسترخاء والتنزه والتسوق.
فبعد التفجيرات التي شهدتها البلاد في يوم الجمعة، لا يخفي سعوديون شعورهم بالقلق، وربما «التوتر»، ويستحضرون الحال الذي لازمهم بعد تفجيرات استهدفت المساجد، اعتباراً من مطلع شهر شعبان من العام الماضي، حين فجر انتحاري حزامه الناسف خلال صلاة الجمعة في مسجد ببلدة القديح (محافظة القطيف)، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 20 شخصاً، وإصابة العشرات.
وفي الجمعة التالي، كان الهدف مسجداً في حي العنود بمدينة الدمام، إلا أن الانتحاري فشل في اقتحام المسجد. وأدى الانفجار إلى استشهاد شبان كانوا يتولون حراسة المسجد، إضافة إلى مقتل الانتحاري. وتوالت الانفجارات التي استهدفت المساجد فيما بعد، وإن لم يكن توقيتها يوم الجمعة، فكان تفجير جامع قوة الطوارئ في عسير في آب (أغسطس) الماضي، فمسجد المشهد في نجران في تشرين الثاني (أكتوبر) الماضي.
وبعد نحو أربعة أشهر، عاد يوم الجمعة إلى الواجهة، حين شن إرهابيان قبل أسبوع هجوماً على مسجد محاسن في محافظة الأحساء، بإطلاق النار على المصلين وتفجير أحد الانتحاريين حزامه الناسف. فيما فشل الانتحاري الثاني في تفجير حزامه، وتمكن المصلون من الإمساك به.
وعلى رغم أن عدد المصلين في المساجد لم يتأثر بالتفجيرات، إلا أن المخاوف من حدوث أعمال إرهابية تتنامى عند السعوديين والمقيمين، بالتوازي مع تشديد الإجراءات الأمنية، وبخاصة نقاط التفتيش وانتشار الدوريات الأمنية، العلنية والسرية، في الأحياء السكنية وبالقرب من المساجد، ما أحال الجمعة من يوم «استرخاء وهدوء»، إلى يوم «قلق وتوتر». تنظيم «داعش» الإرهابي، الذي أعلن مسؤوليته عن التفجيرات الأربعة الأولى، توعد فور وقوع التفجير الأول، بأن تكون هذه النوعية من العمليات «متتالية»، بحسب ما جاء في بيان أصدره حينها. كما كشفت وزارة الداخلية السعودية خلال شهر تموز (يوليو) الماضي، عن إحباط مخطط لاستهداف ستة مساجد في المنطقة الشرقية، كل يوم جمعة، اعتباراً من منتصف شهر شعبان الماضي (بعد أسبوعين من تفجير مسجد العنود)، وتتواصل حتى الجمعة الأخير من شهر رمضان. بالتزامن مع عمليات اغتيال تستهدف رجال أمن من العاملين على الطرق.
وكشف المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي في تصريح بثته «وكالة الأنباء السعودية» حينها، عن إحباط مخطط لعملية انتحارية باستخدام الأحزمة الناسفة، يستهدف الجامع التابع لقوات الطوارئ الخاصة في الرياض، والذي يستوعب ثلاثة آلاف مصلٍ، وذلك يوم الجمعة التاسع من رمضان الماضي، استغلالاً لوجود المنسوبين لأداء الصلاة فيه، بهدف إيقاع أكبر قدر من الضحايا.
ولم تكد تمضي ساعات على التفجير الأول الذي استهدف مسجداً في القطيف، حتى بادرت الأجهزة الأمنية إلى تعزيز الحماية حول مساجد البلاد عموماً، التي يقترب عددها من 100 ألف مسجد، وذلك بالتنسيق مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد. كما بادر القائمون على المساجد والجوامع إلى تطبيق احتياطات أمنية، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، من بينها وضع حواجز خرسانية حول المسجد، ومنع إيقاف السيارات بمحاذاة أسواره مباشرة. وذهبت مساجد أبعد من ذلك، حين أخضعت المصلين إلى التفتيش عند المداخل.
ويرجح أن الإجراءات الرسمية والأهلية ساهمت إلى حد كبير في الحد من الخسائر، فباستثناء تفجير مسجد قوة الطوارئ في عسير (15 شهيداً)، فإن عدد الشهداء في العمليات التي وقعت بعد تفجير القديح لم يزد على أربعة في كل عملية (أربعة في الدمام، ومثلهم في الأحساء، واثنان في نجران)، إضافة إلى الاتنحاريين منفذي العمليات.