سارة الرشيدان- الوطن السعودية-
أولى خطوات مكافحة الإرهاب تتمثل في نشر ثقافة الحياة الطيبة التي تعتني بخلق جيل مقبل على الحياة، لا يفكر في الموت ولا يجعله غايته إلا لو اضطر للدفاع عن وطنه لا يمكن أن يكون التعجيل بالقتل والخراب والدمار ثقافة حياة أبدا، إلا لو كان القتل لمفسد في الأرض أو ردا أو دفعا للعائل.
من الذي يكيد للإسلام ويشوه صورته اليوم؟ سؤال يطرحه العقلاء فلا يجدون جوابا منطقيا إلا أنهم المسلمون وحدهم من يفعل ذلك؛ فنظرية المؤامرة أو نظرية وجود محرك خفي لما يحدث، بل كل نظريات العلم لا يمكن أن تنفي أبدا أن القاتل مسلم والمقتول مسلم، والأرض كذلك، والشعار الله أكبر.. وهذا يعطي لغيرنا رسالة واحدة بأن الموت والخراب والدمار الحضاري اليوم مرتبط بالمسلمين!
من حوّل التكبير للحج والنحر للهدي من شريعة يوم عيد المسلمين لوحشية وقتل وإرهاب تعيد نفسها كل يوم عيدنا الأسبوعي؟!
النظرات لرجل غريب يدخل مسجد الحي -خاصة كل جمعة- لم تعد مطمئنة مرحبة؛ بل تحولت لريبة ونظرات متفحصة منذ أصبحت الجمع مختطفة من الإرهابيين.. حتى لفظ إرهاب الذي يقصد به دفع العدو عن العدوان أصبح مقصودا به الظلم والتعدي على المسلم الآخر فمن يرهب المسلم حين يقتل نفسه؟!
الإرهاب الذي يعني القتل والدمار لونه أحمر وشظاياه من البشر قبل أن تكون من الحجر، كما حدث في تفجير الأحساء قبل أسبوع. الذي يخفف المصاب أن تفعيل الموت ونشر الخوف ومحاولة إبعاد الناس عن عبادتهم لم تزدهم إلا إصرارا على المثابرة على العبادة، كما لم يمنع أحد المصلين الأبطال من المساهمة في اعتقال الجاني الثاني الذي حالت رحمة الله دون تفجير نفسه وقتل العشرات.
الجرائم التي تستهدف المساجد تريد أن تلقي في روع المصلين أن المسجد سبب للموت؛ لكن الثقافة التي فشلت في تخويف الناس من الحج وهو فريضة مرة في العمر من المستحيل أن تنجح في عبادة يومية!
أيضا هذه الثقافة الدامية الظاهرة ترافقها حسابات ومواقع للفتنة تشوه الحقائق وتختلق الأكاذيب وتلفقها ضد بعض الخليجيين لغاية واحدة: تشويه الصورة النقية التي عجزوا عن أن يصلوا إلى غيرها عنّا، أعني نحن معشر الخليجيين.
هذه الحسابات خطرها خفي وتحتاج لانتباه ولتعرفنهم في لحن القول، فالأخبار التي يختلقونها لا تجد أرضا تقف عليها ولا طائل منها إلا التحريض.
حسابات داعش أيضا المحرضة لكل ما نملك والمشوهة لعقول السذج والمؤدلجين بأفكار مسمومة نموذج آخر يجب التعاطي معه أسريا ومجتمعيا وما قصص تأثيرهم على الأطفال عبر الألعاب إلا وسيلة من وسائل حربهم لنا.
الموقف المنطقي الانتباه من نقل الأكاذيب التي يروج لها المضللون، وأذكر أن حسابا اتخذ من السياحة رابطا اسمه بالمدينة الأشهر ومن أخبار وقصائد وعبارات توحي بالوطنية نجد خبرا يسيء إلى مدينة أو شخص ولا يحمل أي درجة من الصحة، بل مدير الحساب لا يكلف نفسه عناء الرد على المتسائلين حتى لا يظهر أنه كاذب!
حرب إعلامية يشنها الإرهابيون التابعون لأكثر من جهة وقلوبهم وألسنتهم أعداؤنا، هذه الحرب تحتاج للتصدي بحزم لا يختلف عن حزمنا على الأرض وفي الجو. الحرب على الإرهاب تشمل مواساة المكلومين وأحبابهم وأصحابهم، وأن نؤكد لهم أننا حتى لو صمتنا يوما فقد قلنا وسنقول إن الإرهاب جريمة بحق الإنسانية المسالمة لا تغتفر تنال الراغبين في الحياة والعمل والعبادة المنقطعين لأمور حياتهم.
رحم الله كل من سقط في التفجير الأخير من الشهداء وشفى كل المصابين ورحم الله شهداء الوطن في كل مكان وعزاؤنا أن لهذا الوطن رجاله الصادقين المخلصين.
خطوة أخيرة أراها أولى خطوات مكافحة الإرهاب، قريبة من غرس قيم المواطنة ألا وهي نشر ثقافة الحياة الطيبة التي تعتني بخلق جيل مقبل على الحياة لا يفكر في الموت ولا يجعله غايته إلا لو اضطر للدفاع عن وطنه؛ ولا يشن هجوما أو يبادر للتخطيط له، وما برنامج (فطن) الذي تتبناه وزارة التعليم من عهد وزيرها السابق إلا خطوة في هذا الطريق في سبيل نشر ثقافة الحياة مقابل ثقافة الموت التي غلبت على طرح بعض المشرفين على البرامج في المدارس والمساجد واعتمدت على التركيز على تغسيل الموتى بدلا من إسعاف المصابين، ورواية قصص التوبة المختلقة بدلا من رواية قصص النجاح، والتركيز على عبارات منسوبة لصالحين لا نعرفهم بدلا من التعاطي مع نماذج مشرفة من أبناء الوطن الذين حققوا نجاحات متميزة أو كانوا أساتذة أجيال في فنهم أو علمهم.
الشاب والشابة اللذان فقدا رغبتهما في الحياة وتمثلا الموت بسوداوية؛ فريسة سهلة لأعدائنا يتشربون أفكارهم ويعيدون إنتاجها لنا ويصبحون خنجرا في الخاصرة.
نسيت أن أخبركم أنني تألمت عندما سمعت اسم المفجر الأول وتمنيت لو لم يكن سعوديا، كما تمنيت أن الآخر لم يكن عربيا، ثم قلت ليتهما لم يكونا مسلمين.. وما تمنيت إلا مستحيلا.