عكاظ السعودية-
اعترف مبارك الدوسري حارس الأمن الذي أعان فتاة على ستر عورتها بعد سقوطها أرضا إثر ملاحقتها من «هيئة الأمر بالمعروف» في مركز النخيل التجاري، أنه تدخل من هول المنظر الذي لا يحتمله أحد. داعيا رجال الهيئة إلى أن «يصدقوا مع أنفسهم»، وألا يخفوا أنه تعاون معهم منذ الوهلة الأولى لملاحقتهم الفتاة.
وبات الدوسري الذي زارته «عكاظ» في منزله أمس، يعيش منزويا وقلقا وخائفا، من تهم ربما يلصقها به بعضهم، وجريمة بغير ذنب ارتكبها، بعدما وجد نفسه موقوفا عن العمل حتى إشعار آخر.
• كثيرون يتعاطفون معك، ويسألون عنك؟
- الحمد لله، لأنني على حق، ولم أخل بواجباتي العملية، وأقدمت على ما يمليه علي ضميري، من حيث التعاون مع رجال الهيئة، والعمل على ستر عورة فتاة لا حول لها ولا قوة.
• هل تم فصلك أم أوقفت عن العمل؟
- لا أعرف، أنا الآن لا أداوم وملازم لمنزلي (شقة عزوبية).
• هل استدعيت من قبل الشرطة أو الهيئة؟
- لا، وأنا رهن الإشارة متى استدعيت من قبل أي جهة أمنية، إلا أنني لا أقبل التحقيق معي من قبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
• هل تم التحقيق معك من قبل المسؤولين في عملك؟
- نعم، واتضح لهم أنني لم أرتكب خطأ، ووعدوني بالعودة بعد أن تهدأ الأوضاع، على أن أراجعهم اليوم (الخميس)، وبصراحة أنا تعبان نفسيا وأحتاج إلى إجازة، وإذا لم توافق الشركة سأقدم استقالتي لأنني أواجه ضغوطات لا تحتمل.
• من يمارس عليك هذه الضغوطات؟
- بعض فئات المجتمع.
• يبدو أن الجميع يتعاطفون معك؟
- بصراحة خوفي من أمرين، أولهما أن يكيد لي أحد أو يلصق بي تهمة، الأمر الثاني وهو الأهم أن لا أجد وظيفة في حال فصلي، وأتمنى كما ذكرت أن أستدعى للتحقيق في أي جهة أمنية ما عدا الهيئة، لخوفي من عدم الإنصاف.
• أنت خائف؟
- نعم، لا أدري عن ماذا سأسأل، وأمر بمرحلة صعبة، وأخشى أن يتحول موقفي الذي أعتز به إلى تهمة، لأن كشفي للحقيقة أزعج الكثيرين.
• يقال إنك ساعدت الفتاة على الهروب عندما حاول رجال الهيئة القبض عليها؟
- كان كل همي أن لا تنكشف لها عورة، وقلت لها على مسمع من المتجمهرين «استري عورتك»، وهذا واضح في المقطع المتداول.
• هل أنت على علاقة بالشخص الذي تتهمه الهيئة بأنه حاول إركاب الفتاة؟
- أولا ليس لي علم بالقضية لا من قريب أو بعيد، وما سمعته من المتجمهرين أنه أخوها، وأؤكد أنه ليس له علاقة بها، لأنه حلف يمينا بذلك.
• كيف تدافع عن نفسك؟
- أقسم بالله لا يهمني أي جزاء يطالني، لثقتي في نفسي، بأن ذلك مقابل مطالبتي بستر عورة الفتاة.
• كيف تداخلت مع الهيئة رغم أن المشهد كان خارج مواقف المول؟
- لاحظت رجلا يطارد الفتاة من إحدى البوابات بشكل عجيب وغريب، لا أعرف هويته إلا عندما شاهدت سيارة الهيئة، عندها أدركت أنه من أفراد الهيئة، فتحركت من البوابة مع كثير من رواد المركز باتجاه رجل الهيئة، وقلت لهم وبصوت مرتفع: «هذا رجل هيئة وما يقوم به من صميم واجباته، وأتمنى أن لا يخفي ذلك رجل الهيئة».
• وماذا حدث بعد ذلك؟
- حدثت مناوشات بين رجل الهيئة والفتاة، ولا أدري ماذا كان يريد منها، وهل هو من أجل إرغامها على الركوب في السيارة، أو التفاهم معها، أنا أجهل ذلك، وأثناء ذلك تكشف جزء من جسدها رفع عنها الستر، فلم أتمالك نفسي وذهبت إليها وطلبت منها الوقوف وستر نفسها، وكان يبدو عليها التعب من مطاردة الهيئة.
• هل أنت مقتنع بتصرفك؟
- لو لم أكن حارس أمن أو موظفا في أي جهة لقمت بهذا التصرف، يا أخي منظر يهز البدن، فتاة صغيرة تتعرى أمامي ولا أتحرك، أين المروءة والغيرة على فتاة صغيرة لا حول لها ولا قوة.
• أفهم أنك أوقفتها لتستر عورتها، ولم يكن بدافع مساعدتها على الهروب؟
- لا والله، فبعد أن تسترت انسحبت مباشرة لأن هذا ما كان يهمني.
• هل كانت بالفعل متجهة للركوب مع شاب؟
- لا أعلم، ولا أدخل في النيات، ما يخصني موقف ستر عورة الفتاة فقط، وللعلم أنا أشد على أيدي رجال الهيئة، وأعشق «الشيلات الشعبية» التي تتحدث عن جهودهم، وأدرك أن التصرفات الفردية لا تمثل هذا الجهاز الهام، لكن أن يصل الأمر إلى كشف عورة امرأة فهذا ما لا يمكن قبوله، ولا أستطيع أن أقف أمامه مكتوف الأيدي.
أعلن عدد من حراس الأمن في السوق التجاري الذي شهد حادثة «فتاة النخيل» تعاطفهم مع زميلهم مبارك الدوسري. مؤكدين أنه قام بواجبه، ولم يرتكب أي خطأ يستوجب فصله، لأنه عمل على سترها أمام رواد المول الذين تجمهروا أثناء محاولة القبض عليها.
وأكدوا في تصريحات إلى «عكاظ» أنهم لا يعرفون حتى الآن مصير زميلهم، الذي لا يزال يمكث في منزله في انتظار قرار إدارة شركته سواء بإعادته أو الاستغناء عن خدماته، إذ ذهب بعضهم إلى أن الإدارة ماضية في إنهاء إجراءات فصله، فيما أكد آخرون أنه سينقل إلى موقع آخر خلال الأيام القادمة. متمنين ألا تقدم الشركة على فصله، لأن ذلك سيؤثر على جميع أفراد الحراسات الأمنية في جميع المواقع. وفيما رصدت «عكاظ» حركة تسوق اعتيادية في المول أمس، بدا التأثر واضحا على زملاء الدوسري، الذين اعتبروا فعلته في إطار الشهامة والمروءة، بدليل التعاطف الذي وجده من شهود العيان من رواد المركز التجاري.
وأوضحوا «أنه يجب ألا يكون مبارك ضحية لشهامته، لأنه حريص على أن يكون سندا للهيئة، لكنه لا يسكت على منظر أمامه لفتاة تسقط على الأرض فتتكشف أجزاء من جسمها». لافتين إلى أنهم لن يصدقوا الروايات التي تقال بحقه، لأنهم يعرفونه جيدا بأخلاقه العالية، وتفانيه في أداء واجباته.