حمود أبو طالب- عكاظ السعودية-
الحدث الاجتماعي الأبرز الذي انشغلت به مواقع التواصل الإعلامي قبل أيام، وما زال بعضها مشغولا به إلى الآن كان بطله جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. هما حدثان في الحقيقة أحدهما يمكن أن يدخل ضمن الكوميديا السوداء، والثاني ربما تكون التراجيديا هي الوصف الأنسب له. المشكلة في الأمر هي أسلوب تناول الحادثتين والتعليق عليهما إذ لا توجد منطقة وسطى بين التطرف في الاتجاهين، إما النقد القاسي لكل من ينتمي إلى جهاز الهيئة، ولجدوى وجودها من الأساس، أو الدفاع عنها باستماتة وتوجيه أقسى العبارات لمن يشير إلى أخطائها. المشكلة هي وجود أشخاص في جهاز الهيئة على مستوى كبير من الوعي والمسؤولية ويعترفون ببعض التجاوزات التي تحدث ولا يقرونها أبدا، بل إن بعضهم استقال من الهيئة حتى لا يلحقه اللوم الشامل بسبب أخطاء الآخرين، وفي نفس الوقت هناك البعض من منسوبيها لا يعترف أبدا بحدوث أخطاء قد تكون قاتلة، أو مدمرة اجتماعيا وعائليا لضحاياها في الوقت الذي توجد فيه خيارات أخرى بديلة لمثل هذه القسوة. ولكل طرف من هذين الطرفين جمهوره لتصبح المواجهة اجتماعية شاملة وليست تفنيدا موضوعيا للأخطاء وتلافي تكرار حدوثها ومحاسبة من يرتكبها.
موضوع الدمية الذي حدث خلال افتتاح محل تجاري لم يكن يستحق أن تضخمه الهيئة إلى ذلك الحد ليصبح نكتة تجاوزت الداخل لتتناقلها وكالات أنباء وصحف عالمية. يصعب جدا أن نحاول إقناع أحد في الخارج بحيثيات وأسباب تصرف الهيئة المبني على قناعات لن يفهمها أحد في هذا العالم، ومحزن إن لم يكن مخجلا أن نقرأ آلاف التعليقات الساخرة من المجتمع السعودي بأكمله في مواقع إعلامية شهيرة. كيف يمكننا إقناعهم بأن ما يراه الناس في كل مكان في العالم ويعتبره طبيعيا جدا له معاني ودلالات أخرى لدينا تستوجب مثل هذه الضجة.
أما الحدث التراجيدي فهو قضية فتاة مركز النخيل وما شاهده العالم من خلال ذلك المقطع القصير الذي ينسف كل محاولات الادعاء بأننا تغيرنا إيجابيا في التعامل مع المرأة. كان مؤلما ذلك المنظر وغير إنساني بكل المقاييس والاعتبارات. كانت هناك أكثر من وسيلة للتعامل مع الموقف مهما كان، ولكن ليس بتلك الصورة الوحشية المهينة لكرامة الإنسان حتى لو كان مخطئا. نحن مجتمع إنساني في النهاية لا يستحق معاملته بهذا الشكل ولا يستحق أن يعتبره العالم مجتمع وحوش بسبب تصرفات بعض المنتسبين لجهاز حكومي.