جاسر الدخيل-خاص راصد الخليج
نشرت الصحف الفرنسية بتاريخ 6-3-2016 نقلا عن رئاسة الجمهورية الفرنسية، بأن الرئيس فرانسوا هولاند قد قلد بتاريخ 4-3-2016 ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف وسام جوقة الشرف خلال استقباله في قصر الإليزيه.
لم تمضِ ساعات على الخبر حتى كشفت مجلة «كوزيت» الشهرية الفرنسية أن تقليد ولي العهد السعودي محمد بن نايف وسام جوقة الشرف، تم «بناء على طلبه»، وذلك خلال نشرالمجلة ما تقول إنه تبادل لرسائل الكترونية بين ديبلوماسيين فرنسيين قبل تقليد الوسام.
وبحسب الرسائل الالكترونية فإن تقليد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وسام جوقة الشرف لمحمد بن نايف في 4 آذار الحالي، بعيدا عن الإعلام، تم «بناء على طلب منه ولرغبته في تعزيز مكانته الدولية».
وجاء في رسالة نسبت إلى السفير الفرنسي في السعودية وجهها على ما يبدو إلى مستشارين في الرئاسة ووزارة الخارجية «أعلم أن البعض يتساءل حول المغزى وراء تقليد ولي العهد في الوقت الحالي. من المؤكد أن الانطباع عن المملكة ليس إيجابياً».
وجاءه الرد في رسالة نسبت إلى مدير مكتب شمال أفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية «لا سبب يحول دون القيام بذلك، شرط أن يكون بعيدا عن الإعلام، لكن من دون إخفاء الأمر»
واتخذ القرار بمنح الوسام بعد ذلك بساعات بعد الحصول على موافقة هولاند، بحسب رسائل الكترونية أخرى مع مستشاره لشؤون الشرق الأوسط.
وتمت الخطوة في قصر الاليزيه إلا أن الرئاسة الفرنسية لم تعلن الأمر سوى بعد يومين، أي في 6 آذار مارس ( الشهر الحالي)، وفي تلك الأثناء كانت وكالة الأنباء السعودية ـ «واس» أوردت الخبر.
لقد أراد ولي العهد ان تمر هذه القضية بهدوء بحيث يمكن توظيفها، الا ان الردود التي حصلت فيما بعد تعليقا على الخطوة أدت لنتائج عكسية ليس لناحية انكشاف ان تقليد الوسام جاء بطلب من بن نايف نفسه وظهوره بمظهر «المتسول» للالقاب والاوسمة، بل لناحية قيام جهات فرنسية تنظر للمملكة على انها دولة «متخلفة» مصدرة للارهاب وفي اسفل قائمة الدول من حيث حقوق الانسان، بالتحريض ورفع الصوت عاليا للتشهير بالمملكة. بل قيام بعض مشاهير فرنسا ممن نالوا هذا الوسام او مرشحون له برفضه لانهم، وحسب تعبيرهم، لا يرغبون ان يتم وضعهم في خانو واحدة مع بن نايف وما يمثله.
لكن ثمة سؤالان ملحان وسط هذه المعمعة : الاول: ماذا أراد بن نايف من وراء الحصول على هذا الوسام؟ والسؤال الثاني: من يقف وراء تسريبات بعض رسائل وزارة الخارجية والمراسلات التي اعتمدت عليها مجلة «كوزيت» لكشف ان بن نايف هو من طلب تقليده الوسام؟
في الاجابة على السؤال الاول، وبحسب مصادر «أميرية» فان ين نايف مستاء جدا من الاوضاع التي وصلت اليه، فانه ورغم العمليات الاستباقية التي تقوم بها وزارة الداخلية في الاطاحة بالكثير من الشبكات الارهابية، الا ان الاوضاع الاقليمية تساعد ولي ولي العهد محمد بن سلمان على البقاء في صدارة المشهد على حساب ولي العهد، وقد كان السبب الرئيس لطلب بن نايف هذا الوسام هو رغبة الاخير في تعويم اسمه خارجيا. وبحسب نفس المصادر فان بن نايف كان يعد لحملة اعلامية كبيرة تلحق تقليده الوسام ما سوف يعزز اسمه من جديد بعد غياب طويل منذ ان تصدر بن سلمان المشهد مع انطلاق حرب اليمن وانشاء التحالف الاسلامي واخيرا الهجوم الممنهج على حزب الله اللبناني. الا ان تسريب خبر ان بن نايف هو من طلب الوسام قد ابطل هذه الحملة ما يدخلنا الى الاجابة عن السؤال الثاني المتعلق بهوية مسرب الخبر.
في الاجابة عن هذا السؤال فان مصادر «أميرية» تحدثت عن اشخاص في وزارة الخارجية السعودية تقف خلف تسريب بعض الرسائل وهي عناصر على صلة وثيقة بمكتب ولي العهد محمد بن سلمان. واشارت المصادر الى رغبة بن سلمان في افشال مشروع «الدعاية» لبن نايف وتحويل القضية الى عنصر طعن بدل ان يكون عنصر تسويق.
وتقول المصادر انه كان في نية بن سلمان القيام بخطوة اضافية متقدمة تتعلق بدفع نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي محسوبين عليه باطلاق حملة تهكم على القضية لولا ان جاءته النصيحة من احد مستشاريه بعدم القيام بهذه الحملة لان ذلك من شأنه ان يهشم الهيبة «الاميرية» ما قد ينقلب لاحقا على بن سلمان نفسه.
وفي المحصلة النهائية فان ما جرى من تقليد بن نايف للوسام، وما كشف عن كون التقليد جاء بطلب منه، يشير الى الحقيقة المرة وهو ان معظم تحركات ولي العهد وولي ولي العهد تنطلق من حسابات تتعلق بمستقبل من سيجلس على رأس العرش خليفة للملك سلمان.