خاص الموقع

الكويت في مهب المملكة؟

في 2016/03/21

مبارك الفقيه-خاص راصد الخليج

لم تكن الحملة التي تشنها المملكة العربية السعودية على النائب في البرلمان الكويتي عبد الحميد الدشتي بالجديدة وان تصاعدت حدتها في الاونة الاخيرة على خلفية ما اطلق عليه اسم «الاساءة الى المملكة»، لكنها اتخذت هذه المرة ابعادا اضافية بعض قيام الجهات المعنية الكويتية برفع الحصانة عن النائب الكويتي في خطوة تمهد لمحاكمته امام القضاء الكويتي. مضافا اليه قيام البحرين بملاحقة النائب الكويتي ايضا بتهمة التحريض وجمع الاموال دون ترخيص وحكمت عليه بالسجن سنتين مع النفاذ. وبحسب المحامي الاول البحريني عبد الرحمن السيد فان النيابة بادرت إلى مخاطبة السلطات المختصة في الكويت؛ لاتخاذ إجراءاتها نحو إبلاغ المحكوم عليه بما قضت به المحكمة، ولا تزال النيابة في انتظار ورود ما يفيد إعلانه بالحكم، مشيرا إلى أنه بمجرد فوات مواعيد الطعن المقررة، سيعتبر الحكم نهائيا، وستتخذ النيابة إجراءاتها، لتعميم أمر القبض عليه عن طريق «الإنتربول».

ومن الواضح ان عواقب قضية النائب الكويتي لن تقتصر على بعض التفاعلات المحلية بل ان آثارها ستشكل منعطفا حاسما في مستقبل الكويت كدولة مستقلة لها كيانها وقوانيها الخاصة.

لقد تعرضت الكويت لمخاطر كثيرة في العقدين الاخيرين لعل كان اخطرها غزو صدام حسين لها، وقد أظهر هذا الغزو ان من كان يتم مهاجمتهم اعلاميا واستهدافهم عن طريق الطعن المستمر بوطنيتهم، أظهروا انهم اكثر انتماء للوطن من الكثيرين الذين فضلوا المغادرة فيما شكل هؤلاء مقاومة مسلحة اخذت على عاتقها ضرب الجيش الغازي والمحتل.

وفي المرحلة الحالية تتعرض الكويت ايضا لاختبارات صعبة في ظل الموجة الطائفية والارهاب الذي يضرب المنطقة، كان اخطرها التفجيرات الارهابية التي ضربت الكويت والتي كان يراد منها اشعال فتيل الفتنة الطائفية فيها لولا الوعي الذي اظهره الكويت شعبا وقيادة، رغم الاصوات النشاز التي بقيت تسمع من هنا وهناك.

ان ما يثير الاستغراب في قضية النائب الدشتي ان ما يحصل قد هشم صورة الكويت كدولة فيها هامش وان كان محدودا من الحرية، فتصريحات الدشتي التي رفعت الحصانة لاجلها ليست تصريحات طائفية ولا هي داعية الى العنف، هي تصريحات تنتقد السياسة السعودية ولا يوجد ما يجرم الانتقاد في القوانين. ورغم الحماسة التي اظهرها بعض النواب الكويتيين للخطوة ضد الدشتي فاننا لم نر هذه الحماسة عند حصول ما يسمى يقضية خلية العبدلي عندما اخذت بعض الاصوات في نفس البرلمان الكويتي تحرض طائفيا على خلفية الخلية، ولم نجد ايضا اصواتا ارتفعت ضد الحجم الهائل من الكتابات في الصحافة السعودية، تلك الكتابات التي اقل ما يقال عنها انها كانت فظة ووقحة ليس فقط في تحريضاتها وانما ايضا في تدخلاتها السافرة في الشؤون الكويتية السيادية.

تتصرف المملكة السعودية وتبعا لها البحرينية تصرف المملي على الكويت ما ينبغي فعله، في عملية يمكن ان تهشم استقلال القضاء الكويتي، ومن المعلوم ان القضاء هو من اكثر السلطات معيارية من الناحية السيادية، فمن لا قضاء مستقل له، فلا استقلال ولا سيادة لديه.

ولذلك فان تهاون السلطات الكويتية بالسماح للمحاكم البحرينية بمحاكم نائب في البرلمان هو اكر خطير جدا خاصة وانها قضية غير مسبوقة في العلاقات بين الطرفين. علما ان حكم المحكمة البحرينية كان قبل رفع الحصانة عنه وان كان قد يقال ان الحصانة هي حصانة داخلية لا خارجية.

اضافة الى قيام المملكة بصحافتها وصحفيها المشبوهين في تحريضاتهم الطائفية التي لا تتوقف على التدخل السافر في الشؤون الكويتية والتكلم بطريقة الاملاء عما يجب ان تقوم به الكويت وما يجب ان يقوم به القضاء الكويتي.

لست في وارد ان أُملي على الكويت ما ينبغي فعله، فذلك من مختصاتها كدولة مستقلة، لكن من واجبي الاخوي ان انصح دولة الكويت في التنبه لما يحاك لها. فقد اثبت التاريخ ان ما من دولة دخلتها المملكة السعودية الا ونشرت فيها الفتن والفكر الظلامي، وان القضية لن تقتصر على النائب الدشتي بل ستتعداه لكل كبيرة وصغيرة.

 ان الكويت اكثر ما تحتاج اليه الآن هو الحكمة التي لطالما لزمت حكامها، فلا تخسروا هذه الحكمة في هذه الظروف الصعبة. فان ترك هاش للحريات يغني الحياة السياسية الكويتية لا يضعفها، ويقوي من مركز الحاكم لا يضعضعه.

من هنا اقول للكويت قيادة وشعبا : أرجوكم لا تتبعوا المملكة في جنونها فانكم تكونون كمن يطلق رصاصة الرحمة على استقلال الدولة وسيادتها وتجربتها الفريدة، وبالتالي لن تكون الكويت كما عهدناها دولة السيادة والقانون والحريات.