خاص الموقع

المخدرات في السعودية: ماذا عن الاحباط السياسي؟؟!

في 2016/03/26

مبارك الفقيه-خاص راصد الخليج-

لقد بات ترويج المخدرات ظاهرة منتشرة داخل المجتمع السعودي، وفيما تسعى الجهات المعنية بمكافحته يتأكد يوما بعد يوم ازدياد النسب المئوية تجارة وتعاطيا ما يهدد الشباب السعودي بسبب الانتشار السريع للمخدرات بالمملكة في اوساط الشباب والفتيات ايضا .

وكانت إحصاءات صادرة عن مستشفيات الأمل في السعودية كشفت عن ارتفاع نسبة مدمنات المخدرات بنسبة 20% خلال الأعوام الماضية في عدد من مناطق المملكة، حيث وصل العدد لنحو 320 حالة وفقاً لتلك الإحصاءات.

والخطير في هذه التقارير الاحصائية انها أ أوضحت ان النسبة العظمى من الحالات هي دون الخمسة عشر عاماً، وبلغت هذه الشريحة 30% من مجموع الحالات، بينما بلغت 20% للحالات التي فوق العشرين عاماً.

 وبحسب التقارير الامنية السعودية فان ما تم ضبطه من حبوب مخدرة في المملكة خلال 2007 لوحدها قد تجاوز ما تم ضبطه حول العالم كله. ففي عام 2007 تم إحباط تهريب 4.4 طن من حبوب “الكبتاجون” المخدرة، وضبط ما يقدر عدده ( 47630000 قرصا مخدرا) و10,7 طن من مادة الحشيش تم ضبط (3600) حزمة قات والقي القبض على 35 متهما متورطين في شبكات محلية مختصة بعمليات تهريب وتجارة بالمخدرات. لكن المفارقة انه رغم تورط امراء في عمليات التهريب فان اي أمير لم يضبط.

 من جهتها فان اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات في السعودية افادت في تقرير لها بأن 700 ألف حبة كبتاجون (مخدر) تستخدم يوميا في المملكة في ظل وجود 140 ألف متعاط منتظم، وأن قيمة استهلاك المخدرات في السعودية تصل إلى تسعة مليارات سنوياً، وأن عدد المقبوض عليهم سنويا يصل إلى 37 ألف شخص. على أن قيمة تسعة مليارات هو رقم ليس سهلا فهو يعادل حجم تبادل تجاري في دولتين نشطتين اقتصاديا ما يشمع بوصف حجم تجارة المخدرات بانه اقتصاد قائم بذاته في المملكة.

بعض الدراسات العلمية الصادرة عن فعاليات البرنامج الوقائي للحد من ظاهرة المخدرات تفيد انه ثبت أن 55 % من المدمنين على المخدرات تتراوح أعمارهم بين 19 و30 عاما، وقد تعرفوا الى المخدرات في سن 15 عاما.

من جهته اشار الأمين العام المساعد للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات فائز الشهري الى أن الأسواق السعودية ناشطة بتوزيع المخدرات، بحيث أن 83 % من المجتمع السعودي هم من فئة الشباب الذين يتم استهدافهم من مروجي المخدرات، وأن المتعاطي يحتاج يومياً إلى 500 ريال تقريبا للصرف على المخدرات، وأنه إذ لم يجد هذا المبلغ يلجأ إلى السرقة أو بيع عرضه.

اذا اردنا الحديث عن الاسباب وراء انتشار المخدرات بالسعودية فانه يمكن ارجاع ذلك الى أسباب كثيرة لعل اهمها البطالة، فبحسب نتائج دراسات متعددة فقد تم ربط نسبة انتشار المخدرات إلى نسبة البطالة، حيث تؤكد الدراسات أن البطالة هي مشكلة اجتماعية وليست مشكلة فردية يمكن معالجتها في إطار فردي خاص.

فالاحصاءات بينت أن نسبة المتعلمين الذين يعانون من البطالة والحاصلين على شهادات والذين تعاطوا المخدرات تبلغ 65.17 %، منها 19% من الحاصلين على الشهادة الجامعية، و3 % لفئة حملة الشهادات الجامعية العليا، و32% من الحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية العامة، و38% من حملة الشهادات المتوسطة.

لكن الاكثر غرابة في الاحصاءات كانت الاشارة الى ضعف الوازع الديني في مملكة قائمة على التجريم الديني في كل تفاصيل حياتها. وهذا امر يستدعي اعادة النظر في اولويات الخطاب الديني داخل المملكة. اذ من الواضح ان الخطابة والاعلام الديني في الوقت الذي يركز على التصوي على عقائد «الآخر» المخالف لعقائد «النحن» يتناسى ضرورة التركيز على الاحتياجات المجتمعية المعاصرة.

وعلى أي حال فان الفراغ وعدم استغلال الوقت في أشياء مفيدة والتقليد الأعمى لمتعاطي المخدرات وحب التجربة والاستطلاع صنفت أيضا على انها من أهم أسباب تفشي المخدرات بين الشباب، اضافة الى الاعتقاد الخاطئ بأن المخدرات تزيد القدرة الجنسية في حين أن الثابت علمياً أنها عكس ذلك.

يحلو لبعض المسؤولين  القول إن السعودية تعتبر هدفاً لصانعي المخدرات، خصوصاً من الدول التي تشهد اضطرابات أمنية، مثل أفغانستان والعراق واليمن، لكنه يغيب عن باله ان تجار المخدرات يستهدفون كل سوق يعتبرونه ملائما لترويج تجارتهم فلو لم يكن السوق السعودي مقبلا على هذه الآفة لما اهتم به تجار المخدرات، وتزداد اهمية «السوق» المستهدف اذا كان يتمتع بميزة القدرة المالية.

وعلى أي حال فانه وبحسب المسؤولين فان المملكة تواجه ثلاثة أنواع من المخدرات تُعد الأكثر انتشاراً، وهي الكبتاجون والهيروين وأخيراً الحشيش الذي يعد الأسهل في التهريب.

ورغم كل الدراسات والاحصاءات التي أجريت في المملكة فانها تحدثت وحللت وربطت بين الكثير من الامور وبين رواج المخدرات الا ان أي من هذه الدراسات لم تتجرأ ان تربط أو أن تقارب بين هذه الآفة وبين الاسباب السياسية. وأعني بالاسباب السياسة هو نظرة الشباب الى نظامهم السياسي القائم، ذلك النظام الملكي المطلق الذي يجعل عائلة محددة تملك الحق بحكم شعب باكلمه وتتسلط عليه منذ مثات السنين فيما يشاهدون ويسمعون ويلمسون كيف تعيش الشعوب الاخرى وكيف تملك حريتها بأختيار النظام الذي تريد.