مبارك الفقيه-خاص راصد الخليج
تستمر في الرياض محاكمة ما اطلق عليه اسم «شبكة التجسس» لمصلحة ايران والمؤلفة من اثنين وثلاثين متهما. وكانت الجلسة الحادية عشرة من جلسات الإستماع إلى ردّ المتهمين في القضية قد شهدت حضور أول محامٍ عن المتهمين في تلك الجلسات حيث اختصت هذه الجلسة بالمتهمين 21 و22 من القائمة.
طوال الجلسات السابقة كان العنصر الابرز فيها غياب المحامين عنها، فيما كان المتهمون لا يقدمون ردودهم بدعوى عدم السماح لهم بمقابلة محاميهم. ورغم مظاهر الحرص على العدالة التي يبديها المدعي العام، فان الكثير من الشكوك وعلامات الاستفهام تدور حول هذه المحاكمة والاتهامات التي تساق ضد المتهمين والتي هي أشبه بنسخة رديئة من قصص أغاثا كريستي.
فبحسب مصادر مطلعة على تفاصيل الادلة المقدمة من الادعاء، فان معظم هذه الادلة وصفها مختصون بانها ترهات. كاتهام احد اعضاء الخلية بانه التقى خامنئي. تضحك هذه المصادر من هذه التهمة وتتساءل هل يريد المدعي العام القول ان الخامنئي بات يدير شبكات تجسس ويعطي تعليماته وتوجيهاته لهم؟
ادلة اخرى قُدمت وهي زيارة احد المتهمين للسفارة الايرانية في الرياض، ويتساءل احد الامنيين عن انه منذ متى كان العملاء والجواسيس يترددون الى سفارة الدولة التي يعملون لصالحها خاصة اذا كانت هذه السفارة هي السفارة الايرانية التي تخضع لرقابة دائمة. وكشفت المصادر ان ثمة اكثر من «مكان» لصالح الاستخبارات السعودية يُستعمل لمراقبة السفارة الايرانية وكل الداخلين والخارجين اليها.
وعلى أي حال، فان هذه المصادر تتحدث عن مخاوف جدية من وجود تحضيرات لاجراء محاكمة شكلية خالية من أي دفاع. وتقول هذه المصادر ان ادارة السجون وبتعليمات من وزارة الدخلية تمنع بالفعل محامي المتهمين من لقاء موكليهم وبالتالي عدم تمكين المحامي من الاستماع الى اقوال المتهم حول التهم المنسوبة اليه. لا سيما ان جميع الادلة المقدمة من جهة الادعاء يمكن بسهولة الطعن بها واسقاطها لانها تعتمد على زيارات عادية قام بها المتهمون الى ايران تتعلق بزيارة الاماكن المقدسة عند الشيعة هناك.
ومن جهة أخرى فان البعض يشكك في جدية وصلاحية بعض المحامين الذين تقول عنهم هذه المصادر بانهم لا يعيرون قضية موكليهم أي اهتمام ويتعمدون عدم المجيء لزيارتهم.
تسير هذه المحاكمة يوما بعد يوم فيما تبقى الامور على ما هي عليه لناحية ان الادعاء يقدم ادعاءه دون وجود قول آخر مقابله، سواء من قبل المتهمين أو محاميهم.
احد الامنيين المطلعين على القضية يلمح الى امكانية جعل المملكة قضية التجسس ككرة الثلج، اي جعلها تكبر في محاولة لابتزاز فئة معينة من الداخل السعودي من جهة، ولابتزاز ايران من جهة اخرى دون ان يستبعد ان تقوم المملكة بربط هذه القضية بحزب الله ايضا في مرحلة لاحقة من المحاكمة. وهو يعتبر ان الاصرار «السخيف» للادعاء بزج اسم الخامنئي في القضية هو غباء ما بعده غباء، واصفا العقل المدبر لزج اسم الخامنئي بانه «دبشه» اي غبي لمن لا يعرف العامية السعودية من القراء العرب. ومن عبقريات العقل المدبر للتهم المفبركة تلك المتعلقة بقيام احد المتهمين، حسب الادعاء، بتزويد ايران ببعض الطرق التي قيل انها تفيدها في التهرب من الرقابة في التحويلات المالية من ايران الى السعودية. وهذه التهمة المفبركة ان دلت على شيء فهي تدل على غباء مصنعيها بشكل منقطع النظير. اولا لان ايران غير قادرة على التحويل المالي بسبب العقوبات ان كان يقصد منها التحويلات المصرفية. وثانيا لان الشركات العالمية العاملة في التحويلات المالية لا تعمل في ايران، وثالثا لان الاستخبارات الايرانية ادهى من ان ترسل الاموال عن طريق التحويل في الوقت الذي هي قادرة فيه على جلب الاموال بشكل نقدي.
وعلى أي حال اننا اذ نرفض اي تدخل استخباري او غير استخباري بشؤون دول شقيقة وصديقة، من ايران وغير ايران فان فبركة الادلة بهذه الطريقة البالية انما ينم عن تخلف عقلي لدى مبتكريه او ربما افلاس سياسي وامني وثقافي، هذا ان لم نقل كلاهما معا.