خاص الموقع

السعودية والكويت حقول النفط الغام المستقبل

في 2016/04/06

راصد الخليج-

رسمت  الحدود الكويتية حسب اتفاقية العام1913  الإنجليزية العثمانية، ثم رسمت مرةً أخرى في اتفاقية العقير عام  1922، والتي غيرت في الحدود الجنوبية للكويت، بعد هذه الاتفاقية بعشرين عامًا تم عقد اتفاقية صداقة وحسن جوار بمدينة جدة، حيث حضر نائبًا عن الكويت وزير انكلترا المفوض لدى السعودية، ثم تبعها اتفاقية اخرى في عام 1402 هـ وبذلك تنتهي مشكلة الحدود السعودية الكويتية. لكن بقي ما سمي بالمنطقة المحايدة والتي تم تقسيمها في عام1964  عند منطقة النويصيب، فصار الجنوب تحت المسؤولية الإدارية للسعودية، والشمال تحت إدارة الكويت، فيما استمر باطن الأرض الذي يحتوي كميات هائلة من النفط مشاعًا، من حقل الخفجي في البحر وحقل الوفرة على اليابسة.

وقع خلاف في بداية عام 2007 بشأن حقل المنطقة المشتركة ولكنه لم يظهر للعلن، وكانت أساس المشكلة أن الكويت لم تكن راضية عن تمديد السعودية لامتياز شيفرون في عام 2009  حتى عام 2039، وأن السعودية وقعت عقد التمديد دون استشارة الكويت، وهذا أغضب الجانب الكويتي، فالشركة ترفض أن تلبي طلبات العمل الكويتية. حاولت السعودية والكويت حل خلافهما أكثر من مرة بهدف إعادة الإنتاج في المنطقة المحايدة، غير أن الخلاف ظهر للسطح في مايو 2015، ومازالت المباحثات جارية لحل الأزمة والتوصل إلى اتفاق يعيد الإنتاج للخفجي والوفرة، وجرى إغلاق حقل الوفرة في 11 مايو للمرة الأولى لمدة أسبوعين لإجراء أعمال صيانة، ولكن في 27 مايو قالت متحدثة باسم شركة النفط الأميركية شيفرون إن حقل الوفرة سيظل متوقفا لحين حل المشكلات التي تعوق التشغيل، وكشفت الشركة عن أنها عجزت عن حل نزاعات مع الكويت تتعلق أساساً بحقوق التشغيل.

وحاولت السعودية والكويت حل خلافهما أكثر من مرة بهدف إعادة الإنتاج في المنطقة المحايدة، غير أن الخلاف ظهر للسطح من جديد.

مصادر نفطية أكدت على أن الخلاف بدأ فعلياً في عام 2007، بعد أن ضاعفت الكويت من إنتاجها من الحقل المشترك بين البلدين.

وسيتسبب إيقاف العمل في الحقل، بمشاكل مالية كبيرة للكويت، خاصة بعد عودة أسعار النفط للهبوط لتلامس أدنى مستوى لها منذ ستة أشهر، نتيجة ظهور بيانات تؤكد تباطؤ الطلب في الصين في حين يتجه الخام لتسجيل أضعف أداء في الربع الثالث منذ 2008.

حقل الخفجي

يقع في المنطقة المقسومة المحايدة بين السعودية والكويت، وتصدّر المنطقة ثلاثة أنواع من النفط الخام؛ هي خام الخفجي الذي يجري إنتاجه من الحقول البحرية التي تديرها شركة "عمليات الخفجي" المشتركة، وهي شركة مملوكة مناصفة بين "أرامكو" لأعمال الخليج وشركة نفط الخليج الكويتية، أما النوعان الآخران فهما خامات الوفرة والإيوسين، اللذان يجري إنتاجهما من الحقول البرية المشتركة بين الدولتين والتي تديرها شركة "شيفرون" بعقد امتياز مدته 30 عاماً، ويصنف الزيت المستخرج من حقل الخفجي أنه من النوع المتوسط بحسب مواصفات المعهد الأمريكي للنفط؛ إذ إنه ذو كثافة تصل إلى 28.5 ويحتوي على نسبة 2.8% من الكبريت.

- أزمة 2014

بدأت الخلافات الكويتية السعودية حول حقل الخفجي في عام 2009، على خلفية تجديد السعودية العقد مع شركة "شيفرون تكساكو"، لثلاثين عاماً، دون التنسيق مع الجانب الكويتي، وذلك بعد انتهاء العقد الموقع في عام 1959 واستمر طيلة الخمسين عاماً الماضية.

وسبب الأزمة أن الجانب الكويتي افترض أن تجديد العقد مع شركة شيفرون من دون العودة إليه، يقتضي أن تصدّر السعودية النفط عن طريق عمليات الخفجي، وليس من ميناء الزور القائم على الأراضي الكويتية؛ لأن الكويت ليست طرفاً في الاتفاقيّة مع شيفرون، ولم يأخذ أحد رأيها فيها.

وفي أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2014، قررت السلطات السعودية إغلاق حقل الخفجي البحري، الذي تتقاسم إنتاجه الكويت والسعودية، حيث ذكرت المصادر السعودية أن سبب الإغلاق يعود لأسباب بيئية.

أسباب الإغلاق

مصادر سعودية مطلعة عديدة كانت قد نفت أن يكون قرار إيقاف عمليات الإنتاج من حقل الخفجي يعود إلى خلافات سياسية أو بهدف تقليص إنتاج السعودية من النفط الخام، بعد هبوط أسعار النفط إلى مستويات متدنية في الأسواق العالمية.

وأكدت أن قرار إيقاف الإنتاج جاء وفقاً لتعليمات الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بعد بروز مشاكل بيئية نتيجة انبعاث غازات من الصعب معالجتها فنياً في الفترة الحالية، مؤكدةً أنه يمكن معاودة الإنتاج في حالة الوصول إلى حلول عملية لهذه المشاكل البيئية، وفق ما ذكرته صحيفة الرياض السعودية.

وبالرغم من المصادر السعودية التي أكدت أسباب إغلاق الحقل، إلا أن نقابات نفطية كويتية طالبت بتدخل عاجل وفوري من قبل مجلس الوزراء الكويتي والمجلس الأعلى للبترول، آنذاك، لحل الأزمة التي عادت بخسائر ضخمة للطرف الكويتي.

حقائق حول الخفجي

ويتراوح إنتاج حقل الخفجي بين 260 إلى 270 ألف برميل يومياً؛ نصفها للكويت ونصفها الآخر للسعودية، ويتمتع البلدان بفائض في القدرة الإنتاجية وكلاهما قادر على التعويض عن أي نقص في الإنتاج في حال عدم حل المشكلة بسرعة.

وتعتبر السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم وتنتج يومياً 9.6 ملايين برميل من الخام فيما تتمتع بقدرة إنتاجية إضافية تقارب ثلاثة ملايين برميل، أما الكويت فتضخ نحو ثلاثة ملايين برميل يومياً، في حين تصل إجمالي قدرتها الإنتاجية إلى 3.2 ملايين برميل يومياً.

يذكر أن البلدين المتجاورين وقعا على اتفاقية المنطقة المحايدة قبل نحو خمسين سنة.

ووقعت الكويت والسعودية اتفاقياتٍ عدة لتنظيم العمل في هذه المنطقة، كان آخرها في 3 مارس/ آذار 2010، وتضمنت أن أي نزاع ينشأ بين الطرفين ولم يتم احتواؤه خلال مدة معينة، يجب أن يُعرض على مركز التحكيم التجاري الخليجي التابع لمجلس التعاون الخليجي.

وتواجه مشاريع النفط والغاز في المنطقة المحايدة خلافات فنية كثيرة بين الطرفين، إذ إن مشروع الخفجي هو ثاني مشروع سيجري وقفه بعد مشروع حقل غاز الدرة، الذي لم يجرِ الإنتاج منه رغم الحاجة الشديدة إلى الغاز في البلدين؛ بسبب خلافات فنية حول أماكن بناء محطات معالجة الغاز.

وقد يتحوّل حقل الدرّة المشترك إلى موضوع أزمة جديدة بين الكويت والسعودية، بعد سنتين من تعطّل مشروع تطويره بسبب خلاف على كيفية تقاسم الإنتاج في الحقل.

وقد توقفت الاشغال في حقل غاز الدرة الذي تشارك فيها ايران ايضا، منذ اكثر من سنة بسبب خلاف بين البلدين وفق صحيفة الرأي التي استندت الى مصادر كويتية.

وازدادت أهمية هذا الخلاف بعد أزمة الخفجي، والذي تعتقد مصادر كويتية أنه أثبت صواب الموقف الكويتي من مشروع تطوير حقل الدرّة.

وأوضحت مصادر بحسب صحيفة "الراي" الكويتية أن الخلاف حول حقل الدرّة يعود إلى إصرار الجانب السعودي على نقل إنتاج الحقل البحري بكامله، والمقدرة احتياطاته بنحو مليار قدم مكعبة من الغاز، إلى منطقة الخفجي الخاضعة للسيادة السعودية، ثم توزيعه على الشريكين، كل حسب حصته، في حين تصر الكويت على الحصول على حصتها من البحر مباشرة عبر خط أنابيب، من دون المرور بالأراضي السعودية.

وبينت المصادر للصحيفة أن «الاتفاق منذ البداية كان واضحاً على أن يكون هناك خطان للأنابيب لنقل حصة كل شريك إلى أرضه، وعلى هذا الأساس بدأت الخطوات العملية لتطوير الحقل في 2012، لكن رأي الشريك تغير يكون هناك خط واحد يخرج من حقل الدرة ينقل كل الكميات إلى الخفجي، ومن ثم يتم إنشاء خط أنابيب ينقل حصة الكويت، لضخها في الشبكة الرئيسية لمحطات الكهرباء».

ويضاف هذا الخلاف السعودي الكويتي الى خلاف آخر حول حقل نفط في المنطقة المحايدة بين البلدين اللذين يتقاسمان بالتساوي انتاجه المقدر ب 700 الف برميل يوميا.

وتتمتع الكويت والسعودية بقدرات انتاجية كافية للتعويض عن انخفاض الانتاج الذي قد ينجم عن اختلافهما.ووقع البلدان قبل خمسين سنة على اتفاق تقاسم انتاج المنطقة المحايدة حيث تعمل شركة ارامكو عن الجانب السعودي والشركة الكويتية لنفط الخليج عن الكويت.

وتريد الكويت استغلال حقل الدرة للغاز تجاريا وهو حقل مشترك بين السعودية والكويت وايران، ولكن السعودية ترفض الدخول في اي محادثات ثلاثية تكون ايران طرفا فيها.

وقالت السعودية للكويتيين اذهبوا انتم وتفاوضوا مع الايرانيين نيابة عنا، ولكن عندما ذهب هؤلاء الى الايرانيين قالوا لهم، انتم لستم مؤهلين للتفاوض معنا نيابة عن السعوديين، اعطونا توكيل سعودي حتى نقبل بكم، ورفض السعوديون اعطاء مثل هذا التفويض فتعرقلت المفاوضات.

الاسرة الكويتية الحاكمة منقسمة حول كيفية التعاطي مع هذا الخلاف، فهناك جناح يطالب بموقف اقوى، وحتى الذهاب الى محكمة العدل الدولية لبحث هذا الخلاف الحدودي حول المنطقة المحايدة والمستمر منذ خمسين عاما.

ورد السعوديون على هذا “التهديد المبطن” بالقول اذهبوا الى حيث تريدون، فهذا سيكلفكم الكثير من الملايين علاوة على ان بحث المحكمة لهذه الازمة قد يستمر سنوات.

يذكر أن وزير النفط الكويتي قال إن الخلاف بشأن الحقل النفطي المشترك لن يؤثر على العلاقات القوية القائمة بين البلدين. ونقلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) عن العمير قوله "نأمل حل هذا الموضوع من خلال الحوار والاتصالات وسياسة الباب المفتوح الموجودة بين الشعبين".

من جهته رئيس مركز السياسات البترولية والتوقعات الاستراتيجية في السعودية، راشد أبانمي لا يرى  أفقاً لحل الأزمة، معتبراً أن الأمور مرشحة للتطور السلبي. ويقول :"الأزمة بدأت بشكل صغير واستمرت في التطور إلى أن توقف الإنتاج تماماً في الخفجي والوفرة"، ويحمل أبانمي، الكويت مسؤولية التصعيد، مشدداً على أنهم هم من بدأ المشكلة، لأنهم يرفضون تمديد الامتياز لشركة شيفرون في حقول الوفرة. 

وأضاف: "لم يعترف الجانب الكويتي بالعقد السعودي الجديد، وصادرت الحكومة الكويتية ممتلكات الشركة بعد منعها من تصدير النفط". 

ويعتقد أبانمي، على أن الضرر الأكبر سيقع على الجانب الكويتي، فالطرفان يستغلان الآبار الموجودة في المنطقة بالتساوي، ولكن السعودية لديها قدرة على التعويض من آبار أخرى عكس الكويت.

وبحسب رئيس مركز السياسات البترولية والتوقعات الاستراتيجية فقد تم تقسيم المنطقة المشتركة بين السعودية والكويت في عام 1964 عند منطقة النويصيب، فصار الجنوب تحت المسؤولية الإدارية للسعودية، والشمال تحت إدارة الكويت، فيما استمر باطن الأرض الذي يحتوي كميات هائلة من النفط مشاعاً، من الخفجي في البحر والوفرة على اليابسة. 

وجهة نظر كويتية 

ويرى الخبير النفطي الكويتي عبدالله السبيل أن أساس المشكلة هو أن الكويت لم تكن راضية عن تمديد السعودية لامتياز شيفرون في عام 2009 حتى عام 2039. وقال: "وقعت السعودية عقد التمديد دون استشارة الكويت، وهذا أغضب الجانب الكويتي، فالشركة ترفض أن تلبي طلبات العمل الكويتية". 

ويُلقي الكويتيون باللوم على شركة شيفرون العربية السعودية، ممثلة الجانب السعودي في العمليات المشتركة، لأنها رفضت فتح ملف لها في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تحت مظلة شريكتها الشركة الكويتية لنفط الخليج، حالها حال الشركات النفطية الأجنبية العاملة بالكويت، لتسهيل إجراءات عمالتها على الأراضي الكويتية بعد تجديد امتيازها من قبل السعودية في العام 2009. 

واعتبرت مصادر كويتية أن حل المشكلة ببساطة يتلخص في فتح ملف لشركة شيفرون السعودية كشركة أجنبية، وعودة ميناء الزور للسيادة الكويتية باعتباره حقاً لا خلاف حوله بين الشركاء.

بعيدا كل هذه المفاوضات فان الذي لا شك فيه ان الخلافات حول الحقول النفطية والغازية هي بمثابة جقل الغام قد يتفجر باصحابه يوما ما لا سيما مع ازدياد اهمية هذه السلعة في الاقتصاد العالمي، خصوصا في دول الخليج التي تعمد اقتصادياتها على النفط.