خاص الموقع

نجت من اميركا وسقطت بين مخالب بن سلمان

في 2016/04/30

مبارك الفقيه- خاص راصد الخليج-

تعتبر مجموعة بن لادن للمقاولات من أكبر شركات المقاولات في العالم العربي، بل في العالم أجمع، اذ يبلغ عدد العاملين لديها بحسب اخر احصاء أكثر من 150 الف موظف غير سعودي و 173 الف موظف سعودي داخل المملكة فقط. فيما قدرت إيراداتها ب5 مليارات دولار. تاريخيا منح الملك عبدالعزيز في العام ١٩٥٠ م «محمد بن لادن» شرف توسعة المسجد النبوي في المدينة المنورة، وقد امتد العمل بهذه التوسعة إلى عهد الملك سعود بن عبدالعزيز، وانتهى بنجاح تام، وكان نتيجته تكليف محمد بن لادن بتوسعة المسجد الحرام في مكة المكرمة لتكون أول توسعة يشهدها الحرم.

بدأ العمل في مشروع التوسعة عام ١٩٥٥ واستمر تنفيذه خلال عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز، وانتهى العمل به في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز.  وفي العام ١٩٨٩ م تم تأسيس مجموعة بن لادن السعودية، حيث توسعت أعمال الشركة لتشمل الطرق والمنشآت المتنوعة والمشاريع الحيوية. وتضم المجموعة العديد من الفروع في جميع أنحاء العالم ما عزز مكانتها كشركة رائدة للإنشاءات في الشرق الأوسط.

كان من المتوقع ان تشهد المجموعة هزة عنيفة عام 2001 في اعقاب هجمات الحادي عشر من ايلول في نيويورك اذ ان المجموعة تمتلكها عائلة اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الذي اعلن مسؤوليته عن هذه الهجمات، الا ان المجموعة افلتت بقدرة قادر من العقوبات الاميركية والحرب التي شنتها الولايات المتحدة على دول ومؤسسات وهيئات وجمعيات ورموز سياسية ودعوية وخيرية لم تكن المجموعة ضمنها، بسبب ما سمته الولايات المتحدة آنذاك : انقطاع الصلة بين «مجموعة بن لادن»، وزعيم تنظيم القاعدة «اسامة بن لادن»، وأنه خرج تماما من أي مساهمات في المجموعة، وليس له أي مع أخوته واشقائه، وأن وضعه المالي قد تم تصفيته تماما بعد حصوله على ميراثه.

لكن المجموعة التي افلتت من العقوبات الاميركية عام 2001 اصيبت بمقتل. ففي العام الماضي وقعت حادثة سقوط رافعة في الحرم المكي، ذهب ضحيتها 108 شخصا وأصيب 238 أخرين، وافضت نتائج التحقيقات، الى تحميل «مجموعة شركات بن لادن» المسؤولية عن الحادث، ما ادى الى فرض عقوبات صارمة عليها كان منها وقف عقد التوسعة معها.

ومنذ ايام، وتحدبدا يوم الاربعاء الواقع في 21-رجب الموافق 27 نيسان ابريل  الماضي شهد مشروع مطار الملك عبدالعزيز الجديد بجدة تجمع عدد من العمالة التابعين لإحدى شركات «بن لادن» القائمة على أعمال تطوير المطار للمطالبة برواتبهم المتأخرة، واعتدائهم على الممتلكات وعلى عدد من السيارات، وفيما حاول أحد مقاولي الشركة الهرب من الموقع بسيارته اصطدم بعدد من العاملين، ما تسبب في دهس وإصابة 5، وكان في النتيجة قيام مكتب العمل بايقاف جميع الخدمات عن الشركة لعدم الالتزام ببرنامج حماية الأجور.

وبعدها مباشرة كشفت صحيفة الوطن عن تمسك نحو 50 ألف عامل في شركة بن لادن ، بعدم مغادرة البلاد إلا بعد صرف مستحقاتهم المتأخرة التي تمتد لأكثر من 4 أشهر وذلك بعد ان منحوا تأشيرات خروج نهائي.

وبحسب الصحيفة فان احد المصادر قال لها إن العمالة ما زالت تجدد تجمعها بشكل شبه يومي، في حين خيرت الشركة العمالة بين الخروج النهائي العاجل، أو الانتظار حتى صرف كامل رواتبها المتأخرة.

لقد فجر إنهاء عقود 50 ألف عامل في شركة بن لادن ومنحهم تأشيرات خروج نهائي، الأزمة الدائرة حاليا بينها وبين العمالة المطالبين بصرف رواتبهم المتأخرة لأكثر من أربعة أشهر وتجدد تجمعهم أمام إدارة الشركة الواقعة بحي السلامة بجدة.

وقالت الصحيفة ان مصدرا بشركة بن لادن وأوضح لـها أنه هو من ضمن العاملين بالشركة ولم يتقاض راتبه منذ 6 أشهر مما جعله يستدين للعيش ودفع الإيجار ومتطلبات أبنائه الدراسية.

وكشف المصدر أن قطاع المشاريع المستعجلة بالشركة أنهى خدمات 10 آلاف شخص من مجموعة العمالة التي كانت تباشر العمل بمشاريع بجدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة، ليتبقى فقط على 6 آلاف عامل.

من شركات المقاولات الكبرى في المملكة ايضا شركة «سعودي اوجيه» المملوكة لسعد الحريري احد ورثة رفيق الحريري رئيس الحكومة اللبنانية السابق والذي قتل عام 2005. ورغم ان «سعودي اوجيه» تواجه مصاعب مالية منذ العام 2013 لم تظهر الى العلن، الا ان هذه المصاعب ظهرت بعد عجزها عن دفع رواتب 56 الف موظفا لديها ما وضعها على شفير الافلاس.

ليس مصادفة ان تنهار كبرى شركات المقاولات في المملكة مع وصول محمد بن سلمان الى ولاية ولاية العهد واستلامه اكبر منصب اقتصادي في البلاد وهو رئاسة المجلس الاقتصادي. كما انه ليس مصادفة ان تكون من نتائج اقصاء مجموعة بن لادن عن توسعة الحرمين استلام شركة «نسما» التابعة لمحمد بن سلمان مشاريع التوسعة هذه، كمان ان اعين الشركة على مشاريع التوسعة للمطارات اضافة الى مشاريع كبيرة اخرى في عهدة «سعودي اوجيه».

ان من يقرأ «رؤية السعودية 2030» سيلحظ بسهولة اهتمام بن سلمان بقطاع المقاولات والذي سيشمل في المراحل القادمة مجموعة كبيرة من المستشفيات والطرقات والمباني اضافة الى قطاع المعلوماتية. كما سيلحظ الاهتمام بتوسيع اختصاصات ارامكو التي لن تكون كما هي عليه الان بعد بضع سنين، ولن يقتصر نشاطها على القطاع النفطي.

استطاعت ارامكو منذ تأسيسها احتكار قطاع النفط وكانت اليد الاقتصادية الكبرى لآل سعود، ويبدو ان بن سلمان يسير نحو اعادة تجربة ارامكو في القطاعات الاقتصادية الكبرى في المملكة لا سيما قطاع الاستثمارات.

وبالمحصلة، فان شركات المقاولات الكبرى في المملكة نجحت في تجنب الكثير من المطبات، لا سيما الاميركية منها وتحديدا بن لادن كبرى الشركات السعودية، الا انها لم تستطع النجاة من مخالب محمد بن سلمان.