خاص الموقع

الانقلاب التركي والاعلام الاماراتي: كاد المريب...

في 2016/07/22

مبارك الفقيه- خاص راصد الخليج-

رغم مرور اكثر من اسبوع على الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا، الا ان السلطات التركية لا تزال منغمسة في احتواء “جيوب” و”بؤر” تلك المحاولة ، ولا يبدو انها ستنتهي في وقت قريب.

ورغم التصريحات النارية للرئيس التركي رجب طيب اردوغان ومسؤولي حكومته على المستوى الداخلي الا انها لا تزال تتحفظ في الرد على تصريحات “بعض” المسؤولين العرب، التي جاءت على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا “تويتر”، وأبرزها تصريحات نائب مدير شرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان، الذي بدأ يروج لما أسماه بـ”التمثيلية الاخوانية”، وقال: “لو يحدث في الخليج العربي أي عمليات لجماعات الإخوان، فإن أول نصير لجماعة الإخوان سيكون أردوغان.. أردوغان لا يخدم الأمن القومي العربي،” ووصف كلا من المعارضين والمؤيدين لمحاولة الانقلاب بـ”الأغبياء”.

وقال “خلفان” في تغريدة أخرى إنه “من الخطأ أن يُطلق على الأحداث التي حصلت في تركيا انقلاب العسكر على أردوغان، الواقع هو انقلاب أردوغان على معارضيه،” وتابع : “أنا ليس بيني وبين أردوغان شيء شخصي، هو تركي مثل أي تركي بالنسبة لي، لكن الانقلاب عليه عسكري وانقلابه هو قضائي. قبضه على 2700 من رجال العدالة غلط،” على حد قوله.

وتابع “خلفان”: “قانون الإجراءات التركي ضُرب به عرض الحائط، والقضاء التركي مورست ضده تصرفات قمعية واضحة وضوح الشمس.. والعشر أشهر القادمة ستضع العدالة في تركيا على المحك.. لأن القبض بسرعة البرق على قضاة وما أدراك ما القضاة.. تعني أن الأمر ملعوب فيه”، واستطرد خلفان أن “الإخونجية في قضية الانقلاب التركي شاهد ما شافش حاجة،” وأضاف: “إذا فيه حد بيجيب لي إخونجي بدون ما تكون عنده سابقة جنائية سأعطيه عشرة آلاف درهم.”

وعلى طريقة “خلفان”، جاءت تغريدات مستشار ولي عهد أبو ظبي، عبدالخالق عبدالله، الذي قال إن أردوغان” سيستغل انقلاب تركيا لتصفية معارضيه، موضحا “في أقل من 24 ساعة تركيا تلقي القبض على 6 آلاف شخص يقال إن لهم علاقة بالتمرد العسكري، صدق من قال إن أردوغان سيستغل التمرد لتصفية معارضيه”.

وأضاف مستشار ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، قائلا إن “أيام سوداء تنتظر تركيا في ظل حكم رجب طيب أردوغان، الذي سيعتبر فشل التمرد العسكري انتصارا شخصيا وتفويضا إلهيا، ليبقى رئيسا مدى الحياة والتحول إلى هتلر القرن 21″، مضيفا “التمرد العسكري فشل في تركيا، وإن شاء الله يفشل في كل مكان. لكن تركيا تبدو بائسة اليوم، وأردوغان الذي خرج منتصرا مسؤول عن إيصالها لحافة الهاوية”.

وتابع “بعد فشل التمرد العسكري في أقل من 6 ساعات في تركيا، يحقق للبعض أن يسأل هل ما حدث انقلاب عسكري جاد لإسقاط أردوغان، أم مسرحية هزيلة لتقويته”، واستطرد “نتمنى لتركيا الاستقرار والازدهار، لكن يبدو أنها مقبلة على سنوات صعبة من عدم الاستقرار، إذا أصر أردوغان على الانتقام، والحكم بغرور وتسلط وتفرد.”

ورغم هذه التصريحات من اطراف اماراتية فان الموقف الرسمي للإمارات، قد أدان الانقلاب، وكانت وكالة أنباء الإمارات -وام-، قد اعلنت أن وزير الخارجية والتعاون الدولي، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، أجرى اتصالًا هاتفيًا، بنظيره التركي، مولود جاوويش أوغلو، أعرب فيه عن حرص بلاده على “أمن واستقرار تركيا”، وتمنياته  بـ”دوام الاستقرار لتركيا وشعبها”.

في هذا المشهد الاعلامي جاء التقريرالذي بثته وكالة أنباء “الأناضول” التركية شبه الرسمية حيث اتهم التقرير قناة “سكاي نيوز” الممولة من الإمارات، بترويج أخبار كاذبة. ويعتبر هذا التقرير بمثابة نقطة تحول في السياسة التركية، وتشير الى ان السلطات التركية ستبدأ في كشف وسائل الإعلام والفضائيات العربية، التي وصفت بأنها “راعية للانقلاب”، خصوصا “سكاي نيوز” و”العربية” اللتان تبثان من دبي.

وكانت وكالى الاناضول قد قالت إنها رصدت أحدث هذه الأكاذيب من جانب القناة، حين زعمت عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، أن انفجارًا ضخمًا هز أنقرة، ونشرت في تغريدة لها بالنص: “انفجار ضخم يهز العاصمة التركية أنقرة”، وعندما تحرت الاناضول حقيقة هذا الخبر من المصادر المعنية، اكتشفت أن الأمر لا يعدو كونه حريقا بسيطا عاديا في أحد المنازل بأنقرة، ليس له أدنى دافع إرهابي أو حتى جنائي، إنما مجرد حادث حريق عادي لم يتسبب بأي حال في سماع دوي انفجار!

وأشار تقرير “الأناضول”، إلى أن قناة “سكاي نيوز” سبق أن نشرت في الليلة الأولى لمحاولة الانقلاب الفاشلة، تغريدة قالت فيها: “مصدر أمريكي: أردوغان يطلب اللجوء لألمانيا”، إلّا أنها اضطرت لحذف التغريدة عقب اتضاح فشل محاولة الانقلاب، ونال هذا الخبر الكاذب انتقادات حادة على وسائل التواصل الاجتماعي، من بينها ما كتبه أحد المغردين معلقا: “إذا لم تستح فاصنع ما شئت.. لا عزاء لقناة “سكاي نيوز” شمت الله فيها خلقه”.

وأثارت تغطيات الصحف الإماراتية لأحداث الانقلاب الفاشل في تركيا، تساؤلات حول موقف الامارات من الانقلاب، في ظل إعلامها الموجه، والخاضع للسلطة، الذي لا يمكن أن يتصرف من تلقاء نفسه، فقد اثارت التغطية الاعلامية الاماراتية موجة واسعة من الانتقادات والسخرية، لما قامت به من ترويج لأخبار توحي بنجاح الانقلاب والاحتفاء بذلك، وتساءل مراقبون عن مصلحة أبوظبي في تقديم ما وصفوه بالرعاية الإعلامية للانقلاب في تركيا، والتهليل له بصورة سافرة، على أنه قد نجح بعيدا عن قواعد المهنية وتحري المصداقية، واستمرار أبوظبي في سياسة استفزاز النظام التركي، على خلفية المواقف التركية الداعمة لإرادة الشعوب والداعمة للتيار الإسلامي، الذي تواصل أبوظبي حربها المعلنة عليه.

تغطية وسائل الإعلام الإماراتية ، شهدت موجة من السخرية من قبل ناشطين، الذين اعتبروا أن تغطية تلفزيون “سكاي نيوز العربية” – التي يرأس مجلس إدارتها الوزير سلطان الجابر- عكست “أمنيات بعض الشخصيات”، وسعادتهم في ساعات محاولة الانقلاب الأولى التي مالت نحو الانقلابيين”، وسخر نشطاء على التواصل الاجتماعي  من تغطية “سكاي نيوز” و”العربية” وبثهما صورا ومقاطع فيديو لدبابات في شوارع تركيا والزعم أن الشعب التركي رحّب بنزولها، واضطرت مذيعة قناة “العربية” للاعتذار بعد أن عبرت عن أسفها لفشل محاولة الانقلاب، حيث قالت “ضباط من الجيش قاموا بمحاولة انقلاب، لكن للأسف” لكنها تراجعت سريعا قائلة: “ولكن الشكر لله تم إحباطها”.

الباحث الإماراتي خالد القاسمي، القريب من جهاز أمن الدولة،  قال في تغريدة له على موقع تويتر: “الشعب التركي اليوم لفظ الإخوان المسلمين بانقلاب الجيش التركي علي حكومة السفيه أردوغان وحزب العدالة والتنمية” وأضاف: “نرجو من الحكومة التركية الجديدة إعادة الهاربين من أخونجية الإمارات في تركيا ليلاقوا جزاءهم العادل في محاكمنا وقضائنا النزيه والشريف”.

الناشط الحقوقي “أحمد منصور”، رد على المبتهجين في الإمارات بالانقلاب، قائلا “عند انطلاق شرارة الانقلاب في تركيا، انطلق الشبيحة المعروفين لدينا في الإمارات والمرتبطين بجهات ما، بالتهليل والبهجة والشماتة”، وقال مروان جاسم السركال “الشعب التركي يقف مع أردوغان ضد فئة من الجيش الذي يحاول الانقلاب ” وأكد أن” دور المساجد كان الأقوى في تشجيع الناس للخروج والوقوف مع الحكومة، وكان لهم الدور الحاسم في إنهاء الانقلاب”، مدير قناة “العربية”، تركي الدخيل، دافع عن تغطية قناته للانقلاب الفاشل في تركيا، بعد اتهامها من قبل كثيرين بالانحياز التام للانقلابيين، وقال في تغريدة على حسابه الرسمي عبر “تويتر” إن: “العربية نقلت الأخبار كما وردت على القنوات التركية، مثل كل القنوات”، وأضاف “لم نفرح بالانقلاب، ولا فرحنا بفشله. نحن قناة أخبار، الفرح والحزن ليس وظيفتنا!”، فيما رد مدير قناة “الجزيرة” ياسر أبوهلالة، على “تركي الدخيل”، دون تسميته، قائلا “ليس صحيحا أن الإعلام لا يفرح ولا يحزن”، وتساءل “أبوهلالة” قائلا: “هل تغطية جنازة الأميرة ديانا كتغطية عرسها؟ استشهاد محمد الدرة مثل هروب بن علي؟”.

يبدو ان الإعلام الإماراتي الموجه كان في تعاطيه مع الانقلاب كالمثل القائل: كاد المريب أن يقول خذوني.