جاسر الدخيل- خاص راصد الخليج-
أنا على قناعة تامة أن الطائرة التي كانت تقلّ جنودنا فوق مأرب في اليمن، سقطت بعطل فني طارئ، عطل كان سببه شيء حدث في محرك الطائرة المروحية ربما، هذا احتمال مرجح، أما الاحتمال الثاني فإن العطل الفني كان في الصاروخ الذي انطلق من قاعدة شقيقة فأصاب طائرتنا. وبالتالي سقطت نتيجة خطأ.
المسلّم به أن ما حدث هو خطأ في محرك الطائرة أو في الصاروخ الذي أصابها.
هذا الكلام قد يجد من يصفّق له في أروقة وزارة الدفاع، ومن قد يدفع ثمنه بالعملة الوطنية أو بالدولار أو اليورو أو حتى الريال، المهم أن كاتبه سيقبض ثمن هذا التحليل المقنع والمنطقي، والذي فيه رجحان للعقل والحكمة وعدم التهور، خصوصاً أنه لا يؤذي علاقتنا بالشقيقة دولة الامارات العربية المتحدة.
ولو اقتنع العالم كلّه بهذه الرواية.. من سيقنع ذوي الشهداء الكرام بذلك؟ من سيقبل منهم السكوت لقاء عطايا وزارة الدفاع والتابعين ووعود تطول على طول المسافة بين الرياض ومأرب؟
من سيقنع هؤلاء أن أولادهم الذين كانوا على متن الطائرة لم يمزقهم صاروخ موجه ببركة أمنية مخابراتية دحلانية؟
إن من يعرف جغرافيا اليمن، سيعرف تماماً أن الصراع الدائر حالياً على أرضها لم يعد بيننا وبين المتمردين الحوثيين، ولم يعد هدفه اعادة عبد ربه منصور هادي الى الحكم، كما أننا لم نذهب الى هناك لتوقيف المد الفارسي الصفوي باتجاه الخليج كما تقولون..
ان الصراع على أرض اليمن اليوم من ساحلها الجنوبي في عدن وحتى حدود عمان هو بيننا وبين الاشقاء في مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسهم الاماراتيون.
اليوم صراعنا نحن مع الاشقاء الأحبة الغوالي في الامارات، من يفز بأرض أكثر وومرات أوسع، ومن يسيطر أكثر على الجماعات اليمنية.. سيكون الفائز حتماً بخيرات أرض اليمن.
في الواقع ان من يسبق في السيطرة على الأرض، تصبح الارض ملكاً له، وعند ذلك من يتجاوز حدوده ستكون الصواريخ (أرض – جو) أو العبوات له بالمرصاد.. ستقتله وتمزقه.. حتى لو كان من سلاح الجو الملكي.
ان من يقرأ الصحف والمواقع الاجنبية ذات الصيت الحسن والسمعة الجيدة يعرف تماماً أن ما تقوله بيانات وزارات الدفاع في بلداننا العربية هو مغاير تماماً لما يقتنع به الاعلاميون في فرنسا وانكلترا وحتى في امريكا.
وبالتأكيد فان معظم الناس هنا، في الرياض أو في دبي أو في الدوحة والمنامة والكويت مثلهم مثل الاجنبي لا يصدقون الاعلام العربي.. ولا حتى قناة الجزيرة.. ليس لأن هذه الوسائل لا تقول الحقيقة.. بل لأنهم يقولون ما يشبه وزارات الاعلام والبيانات الرسمية.. وحتى الجزيرة لو سمّت العسكريين السعوديين الذين ضحوا بحياتهم في الطائرة، قتلى أو سمتهم شهداء.. فلن يغير حقيقة أن ما يعتمر في قلب أمير قطر تميم بن حمد واخوانه.. كما كان قلب أبيه وعمه تجاه المملكة وقادتها.. لا يتصل بالود والمحبة بل على النقيض منه.
مهما كانت نتيجة التحقيق الذي يجري حول طائرتنا المنكوبة في مأرب.. فان دم العسكريين الذي سفك هناك، هو دم كل مواطن سعودي، وليس فقط دم أهله وذويه وأبنائه..
لقد صدق المثل السعودي حين قال: "اللي تخفيه الليالي تظهره الأيام".. ننتظر لنرى ما تقوله الأيام.