أحمد شوقي- خاص راصد الخليج-
قد تكون سياسات دولة ما او تحالف او تكتل ما معرضة للانتقاد بشكل عام باعتبارها تخدم اجندات استعمارية اما متعمدة او عن غير تعمدة بل على الاجل الطويل، وقد يكون النقد من منطلق الرغبة في الاصلاح وبمثابة دعوة مخلصة للتخلي عن هذه السياسات.
ولكن النقد دائما يتعلق بمستوى السياسات القابلة للتغيير او الاصلاح، اما وان هناك مستويات اخرى من السياسات تبدو متعمدة وتبدو منحرفة البوصلة وتأتي في مراحل حاسمة فإن المطلوب يكون مستوى آخر غير النقد، ومتلائم مع هذه السياسات.
هذا بشكل عام، وبشكل خاص بعد هذه المقدمة النظرية، فإن سياسات بعض الدول الخليجية تجاوزت مرحلة النقد اذا ما وضعنا في الاعتبار المرحلة الراهنة وخطورتها والمتمثلة في وصول مشروع التقسيم لمراحل تنفيذية خطيرة، ووصول القضية الفلسطينية لمرحلة التصفية العملية والعلنية.
والمطلوب هو وقفة جادة وقوامها شعبي أيضا ازاء هذه السياسات التي تستبدل العداء للصهاينة بعداء وهمي مع الجوار الاقليمي.
ومهما كانت التناقضات بين الانظمة الخليجية ودول الجوار الاقليمي فإن العداء ليس هو العنوان، ولو افترضنا جدلا ان هناك عداء فإن مستوى العداء لا يكافئ العداء للصهاينة، فما بالك بخطاب لطيف وزيارات دافئة لدولة الكيان الاسرائيلي، مقابل خطاب واجراءات عدائية للجوار!
تتعاظم محنة وخطورة هذا الانحراف اذا ما وضعت في سياق المرحلة الراهنة وممارسات الامريكان والصهاينة، فهي بمثابة مكافأة وخدمة لهما على جرائمهما وخطابهما الاستخفافي بالامة ولا سيما بالخليج والذي وضع اوراق اللعبة كلها في الحقيبة الامريكية.
ان لطمة ترامب كانت اقوى للخليج والذي يبرر دائما علاقاته الاستراتيجية المميزة مع امريكا باعتبارها لصالح الامن القومي العربي ولصالح القضية المركزية، والانكى اننا لم نجد رد فعل موازي للطمة، بل لم نجد رد فعل من الاساس سوى التصويت على قرار صوتت عليه بريطانيا وفرنسا ولا فضل في التصويت لاحد به!
اين العقوبات الخليجية واين حتى التلويح بها، لم نسمع الا نقد لمن يطالبون باجراءات عملية او يدعون للمقاطعة والمقاومة.
وصف الخليج هذه الدعوات بالمزايدة وبانها تجارة بالقضية، وصب جام غضبه على دول جارة مثل ايران وتركيا في حين انه كان من الواجب ان يتلاقى معهما في هذه القضية باعتبارها قضية جامعة تسمو على الخلافات البينية داخل الامة.
لا شك ان البحرين والتي تتصدر واجهة التصريحات تعي انها تعادي شعبها قبل معاداة الشعوب العربية بتصريحات واجراءات تطبيعية غير مسبوقة وفي اوقات يتعاظم الاستفزاز بها.
ولا شك ان الصمت الخليجي والاصرار على الشريك الامريكي في "عملية السلام" المزعومة هي تفريط صريح في القدس لان الامريكي لن يتراجع ولا سيما وسط هذا المناخ الذي توصف فيه محاولات الفعل الايجابي بالمزايدة!
والتعويل الآن على رد فعل شعبي خليجي يتظاهر من اجل فلسطين يدعو للمقاطعة ويدعم المقاومة المسلحة.
نحن ننتظر الشعب الخليجي لاستنقاذ صورة الخليج ولكي يخرج شعب الخليج من شبهة الارتهان للسعودية والتي ليس لديها ماتبكي عليه من سمعة حاليا، ولكن باقي الخليجيين لديهم ما يبقون ويبكون عليه.
هل نشهد فعاليات تثبت لنا ان الشعب لازال حيا وانه لا زال ينتمي لامته؟ نتمنى وننتظر ذلك بفارغ الصبر والشوق.