احمد شوقي- خاص راصد الخليج-
تبدو التسريبات والتقارير وتواترها حول ما يشاع عن صفقة القرن مخيفة للفلسطينيين ومستقبل قضيتهم، ولكن هل تقتصر المخاطر على الفلسطينيين فقط ولن تنال من أمن وسلامة ومستقبل اي مشارك بالصفقة من الاطراف العربية؟
من الشواهد فقط وليس التسريبات يبدو الانخراط الخليجي كبير وخاصة السعودي ويبدو التطبيع المجاني اصبح امرا واقعا وعلنيا في الحالة البحرينية.
ويبدو ان القرار الاخير والصادر الخميس 11 يناير 2018 بمصادقة لجنة البناء والتخطيط العليا الإسرائيلية، على بناء مئات الوحدات السكنية الاستيطانية في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية، يؤكد الاتجاه إلى انتزاع معظم اراضي الضفة ويعطي وجاهة لما سرب حول جعل الاردن وطنا بديلا للفلسطينيين وغيرها مما جاء بكتاب نار وغضب وغيره من التقارير.
والآن ووسط هذا التفريط المتسارع والتوجه نحو التطبيع مع العدو يجدر التساؤل حول امن الخليج وشعوبه:
هل "اسرائيل" ستكون حليفا ام انها ستكون اقوى منافس اقتصادي للخليج واكبر تهديد على موانيه وتجارته؟
هل التفريط في الثوابت الوطنية سيمر مرور الكرام دون انعكاسات شعبية واجيال جديدة تنمو على قيم جديدة مفادها الاستسلام للاستعمار والتعاون معه على نمط "متلازمة ستوكهلم" النفسية والتي تفيد بالتوحد مع القاتل وعشقه؟!
هل التغيرات الجيوسياسية الناجمة عن تصفية القضية واستقرار الصهاينة وامتلاكهم لطرق نقل وتصدير لن يؤثر على اسواق الطاقة وهل سيكون للخليج ذات النفوذ الحالي؟
وهل ستكون لدول الخليج ذات الحظوة والحماية لدى الامريكي بعد ان يقدموا اعترافا وتطبيعا مجانيا لامريكا واسرائيل؟
كل الطرق الحالية تؤدي الى هلاك ومأساة خليجية سواء من منظور قيمي عربي اسلامي او حتى منظور برجماتي استراتيجي.
وان لم تقفز دول الخليج من المركب الامريكي وتنحاز وبشكل فوري لمقاومة المشروع الصهيو امريكي، فان التطورات لن تمهلها ولا سيما الاوضاع الداخلية الاقتصادية وايضا ما خفي وكمن في وجدان الشعوب.
ان المؤسسات الدولية الكبرى للمال والاعمال او حتى لتصنيع السلاح لن تحمي احدا، ولنا عبرة في الامراء السعوديين المحتجزين، ودعونا نتأمل فقط تساؤلات ساقها صحفي امريكي عن الصمت الدولي عما يحدث لواحد من اساطين المال بالعالم وهو الوليد بن طلال:
فقد نقلت قناة "سي إن بي سي" الأمريكية عن الصحفي جايك نوفاك، الذي يعرف الوليد بن طلال جيداً، تأكيده أن احتجاز الأخير لا علاقة له بالفساد، وأشار إلى أن الحكومة السعودية جمعت أموالا من ما وصفها "الحيتان الكبيرة" من المعتقلين الأثرياء ضمن صفقة تسويات مالية وأن أميراً دفع مليار دولار للإفراج عنه في إشارة إلى الأمير متعب بن عبد الله، الرئيس السابق للحرس الوطني، وذلك وفقاً لصحيفة "يو أس أي توداي" الأمريكية.
وتساءل نوفاك عما اعتبره صمت وسائل الإعلام، الذين يعرفون الوليد بن طلال، الذي كان ضيفاً باستمرار على شبكات "سي إن إن" و"سي إن بي سي" و"بلومبريغ" و"فوكس"، كما تساءل عن صمت رجال الأعمال في أمريكا، الذين يعرفون الوليد، والذي قدر ثروته بما يصل إلى 20 مليار دولار، ليحتل المرتبة 45 عالميا ضمن أثرياء العالم، وذكر أن الوليد بن طلال هو صديق بيل غايتس، وروبرت مردوك رئيس مجلس إدارة فوكس نيوز، وانتقل العام الماضي إلى سيليكون فالي للقاء مالك "فيسبوك" مارك زوكربيرغ.
وأكد نوفاك: "إن السبب في ذلك هو أن رجال الأعمال في أمريكا لا يريدون إزعاج السلطات السعودية، وبالذات ولي العهد محمد بن سلمان، خاصة المملكة وهي مقبلة على إدراج شركة "أرامكو" النفطية في البورصة خلال العالم الحالي، والتي تصل قيمتها السوقية إلى ترليوني دولار، وهؤلاء يريدون حصة من هذه الكعكة".
وتساءل نوفاك كذلك عن صمت شركة "تويتر"، عن احتجاز الوليد بن طلال، أكبر المستثمرين فيها، والذي يمتلك ثلتها. وعبر نوفاك، عن اعتقاده أنه مهما حصل للوليد بن طلال، فإن "تويتر" تعتقد أن أموال استثماراته سيأخذها شخص من العائلة السعودية أو أنه سيتم إطلاق سراحه وتعود الأمور إلى مجراها الطبيعي"، منتقداً موقف "تويتر" أن هذا يظهر أنه يجب أن تكون حذرا في تقدير قيمتك الشخصية للشركات، التي تستثمر فيها".
ووفقاً للصحيفة الأمريكية، فإن "تويتر" رفضت التعليق على هذا الأمر، كما رفضت السفارة السعودية في واشنطن التعليق "عن قضايا شخصية".
والعبرة هنا والتي يجب ان يعتبر بها الخليج ككل، هو ان هذه المؤسسات الكبرى ليس لديها عزيز.
وقد يكون ايا من رجال الخليج او حكامها في موقف مشابه اذا ما استنزفه الغرب وحصلوا منه على مآربهم او لاح في الافق من يقدم عرضا افضل منه.
اذا نجحت خطط امريكا واسرائيل بتصفية القضية فاننا امام "اسرائيل الكبرى" والتي تعني في بعض مما تعنيه ...الخليج الهالك!
نرجو استفاقة لطالما ننادي بها وقبل ان تغلق ابواب التوبة.