جاسر الدخيل- خاص راصد الخليج-
يحق لنا أن نحمل السلاح ونقف عند حدودنا الجنوبية برجالنا البواسل ذوداً عن الوطن.. ولو متنا كلنا شهداء فلا يلومننا أحد على كل ما نفعله.
كل من يسقط هناك في وجه الميلشيات اليمنية المعتدية هو شهيد، علينا أن نرفع رؤسنا به عالياً.. مجداً وعزة وكرامة.
الحق يقال.. أن شبابنا هناك يمثلون كل الوطن، يدافعون بلحمهم العاري عن نظامه من كبيريه جلالة الملك وولي العهد الى الامراء والتجار والصناعيين والنساء والاطفال.. حتى أنهم يدافعون عن الوافدين الاجانب الى ديار المملكة ليعملوا فيها مهما علت وظائفهم او دنت.
هؤلاء القلة من الرجال يقاتلون نيابة عنّا جميعا، نحن المرفهون في قصورنا وفي مكاتبنا والمستلقين على وثائر دواويننا أو النائمين على أسرّتنا..
هم يتلقون صقيع الشتاء القارس ولهيب شمس الصيف.. كرمى لعيون الوطن.. الوطن نعم.. ونحن ننعم "بالأمن والأمان والاسترخاء".
يجب أن نقول الحق، أن كثيرون باتوا لا يكترثون بما يحصل هناك عند الحدّ الجنوبي أو وراءه في الجارة الشريرة "اليمن"، ألهتهم وظائفهم ومكاسبهم عما يحصل فوق تلك الجبال الشاهقة. حيث الموت قدراً محتوماً على يد أولئك المهاجمين الشريسين، الذين يندفعون دون اي رادع، فيتسلّقون بكل بساطة وعلى سلالم خشبية القمم ويطلقون النار على صدور أولادنا.. ليعودوا الينا الينا شهداء. ونحن لا نعلم أن تلك النار هي آتية صوبنا، لن تبقى هناك في نجران وجيزان، ستأتي الى مدننا، وربما تحرقنا، لولا أولئك الرجال الذين يتلقوها في صدورهم.
لقد سقط صاروخان حوثيان في الرياض.. فقامت لهما الدنيا ولم تقعد، كثيرون وأنتم تعرفون بعضهم حملوا أمتعتهم واستعجلوا السفر في اجازات لا حداً زمنيا لها. وللعلم فان هؤلاء هم ممن يحوزون على العطاءات وتشلمهم الرعاية من فوق، بينما وجدنا آخرين وتحديداً أولئك الذين يتواجد أولادهم عند الحد الجنوبي لم يغادروا بل فضلوا الصمود هنا، بانتظار عودة اولادهم من واجبهم الوطني، وللأسف كثير منهم يعودون في توابيت المجد ونعوش البطولة وعلى جبينهم وسام الشهادة.
بالأمس أخذنا واجب العزاء في أحد أولئك الذين قتلوا في الحد الجنوبي، كانت عيون والده الشيخ سالم تشي بالكثير مما يرغب أن يقوله، لكنه اكتفى بالتحسر على شاب في مقتبل العمر، كان يتوسم منه نسلاً مديداً. وذخراً ليوم فاقة.
كان مسفر بن سالم فتى شجاعاً.. لم يهب صعود الجبال، الكثير من اقرانه قدر لهم ان يكونوا من المبتعثين الى خارج البلاد، بينما فضّل مسفر (وبتشجيع من والده) الذهاب جنوباً على التسكع في شوارع اميركا واوروبا ولا عملاً وطنيا لهم غير اطلاق التغريدات الخاوية المؤيدة للمدافعين عن الوطن.
كفى.. فكلنا واجبنا أن نكون هناك ندافع عن آخر حبات التراب من وطننا.. ونعم كلنا يجب ان نكون هنا، فلم يعد من حاجة لنكون خلف الحدود، لنجلب الموت الى شبابنا الذين نحتاجهم في معركة بناء المستقبل الواعد بأمرة ولي عهدنا.
نعم ربما هي حقيقة لم يعد ممكناً تغييبها، لنكن شجعاناً كما مسفر ونوقف هذه الحرب القذرة التي تقتل خيرة اولادنا وتستنزف خيرات مملكتنا، فقط من أجل أن نعيد الى صنعاء هذا المعتوه السكران والذي ان عاد اليوم الى صنعاء لا يدري في أي أرض هو.
نعم نحن خلف قيادتنا .. حين تقرر ايقاف هذه الحرب، وبيدها القرار.. ولن يكون بيد أولئك الانتهازيين الذين لا يهمهم ألم رجل على فقد وحيده ولا دمعة طفل فقد أباه ولا حتى صرخة ثكلى لم يبق لها من ولدها غير وسام ترفعه على جدار دارها المتهاوية.
لنعد الى بلدنا.. "دارنا أستر لنا".