هدى القشعمي- خاص راصد الخليج-
تقع المملكة جغرافياً في منطقة يسيطر عليها الجفاف والحرارة المرتفعة، لكن في هذه الأيام تمر المملكة بحالة غير مألوفة من الأمطار التي ينتظرها السعوديين دائماً ويبتهلون الله بالدعاء والصلاة من أجل أن يمن عليهم بهطول هذه البركات التي يستبشرون بها خيراً، لكن عند هطول المطر تتحول هذه النعمة المنتظرة إلى نقمة عليهم، فلماذا تتكرر هذه الحوادث في المملكة؟ ومن المسؤول عن حماية أرواح السعوديين؟ وهل سيحاسب المقصرين يوماً من الأيام؟ .
خطط بدون مراقبة:
في أي مكان في العالم توضع خطط ومشاريع للطرق يراعى فيها معايير السلامة العامة وخطة للسير والطرقات وكذالك خطة لتصريف المياه، وهذه أبسط الأمور التي توضع في تنظيم أي مدينة أو ريف في أي بقعة من بقاع هذه المعمورة، ففي السعودية لزّمت المشاريع لشركات قامت بتنفيذها ولكن ليس من الواضح أن هناك من يراقب هذه المشاريع من حيث جودة التخطيط وكذلك التنفيذ والمواد الأولية المستخدمة فيها، لذا تبقى هذه المشاريع تبدو وكأنها نفذت على قدرٍ عالٍ من الحرفية والاتقان حتى يأتي الإختبار وهنا كما يقول المثل "عند الامتحان يكرم المرء أو يهان"، تبدأ الفضائح والشوائب في تنفيذ المشاريع عند حصول أي إختبار أكان حريق أو مطر أو صواعق، أو غيره من المظاهر الطبيعية أو البشرية تظهر إلى العلن. ففي الأمطار الأخيرة غرقت الطرقات بالمياه وكذالك تسربت المياه الى داخل المستشفيات والمدارس معلنة عن أضرار مادية فادحة ولم تسجل وفيات، ولم يسمع المواطن السعودي اي تصريح من الجهات المفترض ان تكون رقابية على هذه المشاريع والتي لها صلاحيات في محاسبة المنفذين بعد تبيان بالبرهان سوء التنفذ من المتعهدين.
تحول النعمة إلى نقمة:
في مملكتنا نقوم بصلاة الاستسقاء دائماً بدعوة من ولاة الأمر حيث ندعوا الله أن يأتي المطر بخيراته على مملكتنا والحمد الله ربنا يستجيب لنا وتهطل الأمطار وهنا تقع الكارثة فبدل أن تكون هذه النعمة الإلاهية رحمةً لنا تروي أراضينا العطشى وتسقي مزروعاتنا وتؤمن احتياجاتنا المائية تصبح نقمة تؤدي إلى السيول وطوفان المياه في الطرقات وغرق المركبات وتهديد حياة المواطن التي يمكن أن يتعرض للموت لا سمح الله أو تلف ممتلكاته، ليقف المواطن عاجزاً أيشكر نعمة الله أم يدعوا على منفذي المشاريع الذين لم يقوموا بعملهم على أكمل وجه، ليجد نفسه محاطاً بالمياه وهو يسير في مركبته أو يرى أطفاله وزوجته المعلمة تحاصر حافلتهم المياه وحياتهم بخطر، كل هذا يجري ونحن في بلد لا تهطل عليه الأمطار بشكل مستمر ومتواصل في السنة فما بالنا لو كانت كمية المتساقطات كبيرة في السعودية لكانت غرقت المملكة وقضت المياه على قاطنيها.
كيف نستفيد من هذه النعمة:
هذه الأمطار التي تتساقط على المملكة نعمة كبيرة وهبة من الله إلى حد الآن لم نستفد منها، نحن بلد يعاني من نقص في الموارد المائية نتيجة الجفاف والمناخ الصحراوي ونلجأ إلى تحلية المياة لكي نستفيد منها في ري مزروعاتنا وفي الاستخدام اليومي وهي ذات تكلفة عالية، هذه الأمطار بطريقة بسيطة يمكن أن نستفيد منها بشكل كبير جداً ومن خلال حفر قنوات مياه قادرة على إستيعاب كمية كبيرة من الأمطار وهذه القنوات تكون موصولة بشبكة تصريف تصل في ختامها إلى معمل لتكرير المياه وفي هذا المعمل يتم التكرير ومن بعدها توزيعها، وبهذا نمنع أن تؤدي الأمطار إلى الفيضانات في الشوارع ونستفيد منها بنفس الوقت كما نمنح فرص عمل لشبابنا، وهناك أيضاً اقتراع آخر بحفر برك مياه وهكذا عندما يأتي المطر تمتلاء هذه البرك الاصطناعية ونقوم بالاستفادة منها أيضاً، هناك مشاريع عدة للاستفادة من هذه الامطار والحد من ضررها ولكن أين المخططين والمنفذين لها؟ هذا السؤال برسم المعنيين.
لقد سئم المواطن من مسلسل الغرق اليومي في شوارع المملكة وبدأ يعلو الصوت بالمطالبة بمحاسبة المقصرين حيث لا يكفي التعويض عن الخسائر فقط لأنه من دون معاقبة المقصر وتحميله المسؤولية وتسليم المشاريع لمن يمتلكون المؤهلات للقيتم بها سيتعرض المواطن إلى نفس هذه الحوادث عن هطول الأمطار لاحقاً، لذا المواطن يطالب ولاة أمره أن يقوموا بمحاسبة المقصرين وسوقهم إلى العدالة لكي يكونو عبرة لمن تسول له نفسه العبث بحياتهم والاستهتار بممتلكاتهم، ففي الدول العربية المجاورة هذه الأحداث أطاحت بمسؤولين كبار، فطلب المواطن بمحاسبة المقصرين هو أبسط ما يمكن أن يطالب به بعد غرقه فهل هناك من ينقذه ويأخذ بحقه؟