جاسر الدخيل- خاص راصد الخليج-
ليس الأمر حكاية لافتة رفعت في مباراة لكرة القدم، وانتهى الأمر، انها قصة النوايا التي تتكشف يوما بعد يوم. فالامارات، الجارة الشقيقة والصدوقة للسعودية، تريد ابتلاع كل شيء، في زمن السلم وفي زمن الحرب، يأكل أمراؤها الأخضر واليابس ويطلب ابن زايد المزيد.
بالأمس وعلى مدرجات ستاد محمد بن زايد، وخلال مباراة ايران واليمن في بطولة كأس آسيا لكرة القدم لعام 2019 رفع مشجعون ايرانيون لافتة تتهم المملكة العربية السعودية وحلفاءها بقتل أطفال اليمن.
انه أمر قد يحدث في أي مباراة حين يحاول الجمهور تمرير رسالة سياسية تعبيراً عن موقف ما، لكن أن يحصل الأمر في الامارات الشريكة في الحرب على اليمن، فلذلك معنى آخر!
فلا يخفى على أحد أن السعودية التي بذلت التضحيات العظيمة وقدمت من مالها ودمائها لأجل الفوز باليمن واخضاعه صديقاً للمنظومة الخليجية بقيادة السعودية، وكانت على الدوام وفية لشراكتها مع الامارات في هذه الحرب، لم تلق من الامارات غير الخذلان، ولم تتردد في التعبير عن جموح غير محدود لتحقيق المكاسب الميدانية والسياسية، بل كشفت عن أطماعها وأنانيتها في الحصول على الكثير من اليمن دون أن تأخذ بحسبانها أن للسعودية حقاً في تلك المغانم.. لا بل لها كل الحق.
وتكشف الكثير من التقارير العربية والدولية ان الامارات سعت منذ الايام الاولى لدخولها الحرب الى السيطرة على منطقة الساحل الجنوبي ان عبر قواتها مباشرة أو عبر وكلائها، وعملت على تقويض قوات الشرعية التابعة للرئيس عبد ربه منصور هادي، وطردتها من كثير من المواقع في عدن وغيرها لتحل في مكانها قواتها أو قوات موالية لها.
وما يثير حفيظة السعودية أن الامارات سارعت الى السيطرة على بعض المرافئ الجنوبية في اليمن وتحويلها الى قواعد عسكرية خاصة بها ومحظورة على السعوديين، مثل ميناء المخا ـ مضيق باب المندب (تعز) وعلى لائحة من المواقع الساحلية منها:
- ميناء نشطون/ الضّبّة (المهرة)
- أرخبيل جُزر سقطرى
ـ ميناء الضبة (حضرموت):
ـ ميناء البريقة (عدن):
ـ جزيرة ميون (تعز)
ـ ميناء بلحاف (شبوة)
وفي مقال للكاتب الألماني "جيكوب ريمان" نُشر على موقع "ميدل إيست آي " البريطاني مطلع العام الماضي (19 فبراير/ شباط 2018) يؤكد الكاتب هذه الحقيقة بالقول: إنه "مع مرور الوقت على الحرب الطاحنة، فإن الإمارات بدأت بالابتعاد عن خط التحالف الذي تقوده السعودية، وتسعى لتحقيق أجندة خاصة بها".
وبحسب المقال أيضا: "فقد تجلت هذه الطموحات في اليمن من خلال اتباع عدة طرق استراتيجية هامة، مثل استعادة جزيرة بريم في مضيق باب المندب، وتحويل جزيرة سقطرى في خليج عدن إلى مستعمرة سياحية وعسكرية تابعة للإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى الجهود المكللة بالنجاح في السيطرة على شبكة من الموانئ في اليمن".
وما لم يقله الكاتب ريمان عن أرخبيل سقطرى كشفته تقارير أخيرة عن قيام الامارات بمنح سكان جزيرة سقطرى الجنسية الاماراتية، مع ما يعني ذلك من الذهاب بعيداً في السيطرة على المناطق الحيوية اليمنية.
لم يعد خافياً على أحد، أن أبو ظبي تخوض الحرب اليمنية بأجندة تختلف الى حدّ التباين مع السعودية، فالسعودية تريد اقتلاع الحوثيين، والاتيان بنظام موالٍ لها، أما الامارات فانها تريد أن تقطف من اليمن ثماره وتسيطر على ممرات التجارة لتكون شريكا دولياً نافذاً.
انه عقل البيزنس الذي يتحرك في اروقة الامارات، ويدفعها الى مد أيديها الى ما وراء وراء حدودها، مستغفلة السعودية وتحت أعين أميرها ابن سلمان الغارق في بحر من الأزمات والثارات التي لا حدود لها.
ان الأمر ليس مجرد لافتة تدين السعودية وشركاءها في حرب بات يدينها كل العالم، انها الامارات التي سبقتنا بالأمس الى دمشق، ولم تقطع مع طهران، وتمد الجسور التي هدمناها.. ونحن نشاهد، كأننا نشاهد مباراة لكرة القدم لا نعلم أن فريقنا هو اللاعب الآخر فيها.
انه ابن زايد يسبقنا الى كل الاماكن.. انه يريد اليمن ومعها كل شيء.