أحمد شوقي- خاص راصد الخليج-
لا شك وان كل قرار وراءه سبب ودوافع، وكل تسريب لقرار وراءه مغزى.
وفي مجتمع دولي ساده الابتزاز العلني، وسادته الرشاوى الصريحة، فإن السياسة تدار في مسار مواز للقانون الدولي، كان متواريا في مراحل سابقة، الا انه اصبح علنيا في وقتنا الراهن!
في 13 اغسطس الماضي، التقى وزير الخارجية السعودي السابق، عادل الجبير، سفراء الاتحاد الأوروبي لدى المملكة، وذلك بعد يوم من طلب الاتحاد من الرياض منح الناشطات المحتجزات حق الدفاع عن أنفسهن.
واللافت ان الجبير بحث مع السفراء "التعاون" بين السعودية ودول الاتحاد الأوروبي، بحسب ما أفادت به خارجية المملكة في صفحتها الرسمية على "تويتر".
فما هي علاقة التعاون بالاحتجاز للنشطاء والقضايا الحقوقية؟
هل هو ابتزاز اوربي بقضايا حقوقية؟ ام هل مفهوم الرشاوى هو المفهوم السائد لدى الخارجية ولدى السياسة السعودية بشكل عام؟
ومؤخرا، قال مصدران لوكالة رويترز للأنباء إن الاتحاد الأوروبي أضاف السعودية إلى مسودة قائمة بالدول التي تشكل خطرا على التكتل بسبب تراخي السيطرة على تمويل الإرهاب وغسل الأموال.
وجاءت الخطوة في وقت عصيب، تسعى فيه السعودية إلى تعزيز سمعتها الدولية لتشجيع المستثمرين الأجانب على المشاركة في خطة تحول ضخمة وتحسين العلاقات المالية لبنوكها، وهو ما اشار اليه الخبر من رويترز ايضا.
ومما جاء في التقرير، فإنه، وإلى جانب الضرر الذي سيلحق بسمعتها، فإن إدراج المملكة في القائمة يعقد العلاقات المالية مع الاتحاد الأوروبي. وسيتعين على بنوك التكتل إجراء عمليات تدقيق إضافية على المدفوعات التي تشمل الكيانات من الدول المدرجة.
اللافت هنا، هو ان القائمة لازالت سرية، وهي في مرحلة المسودة، فماذا وراء التسريب؟
ربما بعض التفاصيل تساعد في الاستنتاج، فمما سرب، انه لا بد من اعتماد القرار المؤقت من دول الاتحاد وعددها 28 قبل اعتماده رسميا الأسبوع المقبل.
فهل سربته دولة او بعض دول ما، لتساوم عليه المملكة، حتى تعيق اعتماد القرار؟ ربما، واذا كان هذا هو سبب التسريب، فإنه اعلان فج لرؤية اوروبا والعالم للمملكة، بأنها مملكة الارهاب والقمع، وانها قابلة للابتزاز العلني والصريح كي يتغاضى العالم عن معاقبتها.
ان لم يكن هناك ابتزاز ومضى تنفيذ القرار، فإنه فشل جديد للمملكة وهناك صعوبات مضافة لاقتصادها ووضعها السياسي، ولا سيما بعد ان أخفقت في أيلول/سبتمبر الماضي في الحصول على عضوية قوة مهام التحرك المالي بعد التوصل إلى قرار مفاده أنها عجزت عن محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ولا شك ان الامير محمد بن سلمان والذي يسوق نفسه كمصلح اقتصادي، ويروج لشرعيته باعتبارها نقل المملكة لمرتبة ومنظور اقتصادي عولمي حديث، سيكون اول المتأثرين بهكذا قرار.
واذا ما اضيف قول قوة مهام التحرك المالي في أيلول/سبتمبر إن الرياض لا تحقق أو تحاكم بشكل فعال الأفراد المتورطين في أنشطة غسل الأموال على نطاق أوسع ولا تصادر عائدات الجريمة في الداخل أو الخارج، الى تداعيات قضية مقتل خاشقجي، وبوادر التدخل الدولي في التحقيق، فان وضع المملكة وولي عهدها سيمران بأصعب مرحلة منذ صعود الامير واتخاذه قرار اقتناص الحكم!