أحمد شوقي- خاص راصد الخليج-
في توقيت يتصاعد به التوتر بالإقليم بسبب تنامي المطامع الاستعمارية وعدم اعترافها بتغير توازنات القوى، نجد ما يمكن أن يطلق عليه "عسكرة" للخليج، وهذه العسكرة ليست مجرد تكديس للعتاد العسكري كخدمة للمجمع الصناعي العسكري الأمريكي وتوفير الوظائف لادارة ترامب فقط، وانما تخطى الأمر ذلك ليصل لوجود قوات على الارض واجراءات عسكرية استفزازية قد تطلق شرارة لحرب كبرى؟
الخبر الذي ذكرته وكالة الأنباء السعودية يوم الجمعة والذي يفيد بأن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وافق على استضافة قوات أمريكية في المملكة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، لا يمكن أن يمر مرور الكرام، فهو وإن لم تكن السعودية تعلم توابعه، فقد وجب التنبيه لهذه التوابع:
فقد أكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أنها سترسل قوات وموارد إلى السعودية لتقديم ”رادع إضافي“ في مواجهة التهديدات.
وهذا يعني ببساطة شديدة انتقال السعودية من طور الصراع السياسي مع ايران، الى طور مختلف، وهو ببساطة الاصطفاف مع امريكا في احتكاكات عسكرية مباشرة لا يعلم احد مدى تدحرجها.
برغم طبيعة العلاقة السعودية الايرانية وما بها من تشاحن وقطيعة، الا ان حالة الحرب غير معلنة، وبرغم دعم وانحياز ايران والسعودية لجهات اخرى تتقاتل على الارض، الا ان الحرب بين البلدين ليست صريحة ويحاول الجميع تجنبها لعدم تمزيق الامة الاسلامية بشكل اكبر من التمزق الحالي.
اما وان ترسل امريكا قوات وتعلن انها مرسلة لخطوات عدائية مع ايران، فهنا تنتقل القضية لطور مختلف عنوانه الحرب وعنوانه تورط السعودية في حرب مباشرة مع ايران.
ولم يقتصر الامر على ارسال القوات، فقد قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) يوم الجمعة ايضا، أن شركة لوكهيد مارتن فازت بعقد قيمته 1.48 مليار دولار لبيع منظومة ثاد الدفاعية الصاروخية للسعودية.
ولا شك أنه والى جانب الابتزاز الامريكي للسعودية، فإن هذه المنظومة تعد اجراء عسكريا تصعيديا، ولا سيما مع تزامنه مع ما كشفت عنه القيادة المركزية الأمريكية من أن الولايات المتحدة تحضر لعملية عسكرية تحت مسمى "غارديان"، لتأمين الطرق البحرية في منطقة الخليج والشرق الأوسط عامة.
وقالت: "القيادة المركزية الأمريكية تعمل على تطوير العملية البحرية الدولية "غارديان" لتعزيز المراقبة والأمن في الممرات المائية الرئيسية في الشرق الأوسط وضمان حرية الملاحة على خلفية الأحداث الأخيرة في منطقة الخليج".
وبدأ الإعداد للعملية في الخليج بذريعة توقيف الحرس الثوري الإيراني يوم الجمعة ناقلة بريطانية بسبب انتهاكها للمعايير الدولية.
ووفقا للقيادة المركزية، فإن الولايات المتحدة ستنسق تحركاتها في إطار هذه العملية مع حلفائها من أجل "ضمان حرية الملاحة في المنطقة وحماية الطرق البحرية الحيوية".
ماذا يعني ما سبق؟
يعني ما سبق أن هناك حالة من حالات اعلان الحرب الصريحة، وكالعادة لن يدفع الشعب الأمريكي ثمنها، وانما سيدفع الشعب العربي في الخليج ثمن الحرب وثمن المغامرات والمقامرات الامريكية.
وبالنظر على التقارير الراصدة لعسكرة الخليج، فإن الأمر لا يقتصر على السعودية، ولعله من الملائم استعراض بعض المعلومات الواردة في التقارير، نصا دون تدخل منا:
ففي تقرير عن القوة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط نشرته مؤسسة "هيرتاج" الأمريكية للأبحاث والدراسات كانت نتائجه على النحو التالي:
الكويت: يبلغ عدد أفراد القوات الأمريكية في الكويت حوالي 000 15 فردًا، وتنتشر هذه القوات بين معسكر عريفجان وقاعدة أحمد الجابر الجوية وقاعدة علي السالم الجوية، ويجري عادة نشر سرب من المقاتلين ونظم صواريخ باتريوت إلى الكويت.
الإمارات العربية المتحدة: وفقًا للمسؤولين الإماراتيين والأمريكيين، فإن حوالي 5000 من أفراد الولايات المتحدة، معظمهم من القوات الجوية الأمريكية، تتمركز في قاعدة الظفرة الجوية، وتتمثل مهمتها الرئيسية في الإمارات في تشغيل المقاتلين والطائرات بدون طيار وطائرات إعادة التزود بالوقود وطائرات المراقبة، كما نشرت الولايات المتحدة بانتظام طائرات مقاتلة من طراز F-22 رابتور إلى الظفرة، وتنتشر أنظمة صواريخ باتريوت للدفاع الجوي والصاروخي.
سلطنة عمان: منذ عام 2004، لم تستخدم المنشآت العمانية لعمليات الدعم الجوي في أفغانستان أو العراق، وانخفض عدد الأفراد العسكريين الأمريكيين فى عمان إلى حوالى 200 فرد معظمهم من القوات الجوية الأمريكية، ويمكن للولايات المتحدة أن تستخدم- مع إشعار مسبق ولأغراض محددة- المطارات العسكرية في عمان في مسقط (العاصمة)، ثمريت، وجزيرة مصيرة.
البحرين: يذكر أن أقدم وجود عسكري أمريكي في الشرق الاوسط موجود في البحرين، وحاليًا يوجد حوالى 7 آلاف جندي أمريكي هناك، ويذكر أن البحرين هي موطن لنشاط الدعم البحري والأسطول الخامس الأمريكي، لذا فإن معظم العسكريين الأمريكيين هناك ينتمون إلى البحرية الأمريكية. ووقعت الولايات المتحدة مؤخرًا على برنامج بناء عسكري بقيمة 580 مليون دولار لتحسين رصيف سلمان، وهناك عدد كبير من أفراد القوات الجوية الأمريكية يعملون من قاعدة الشيخ عيسى الجوية، حيث F-16s وF / A-18s ، وتمركز طائرات المراقبة من طراز ف -3، كما يتم نشر أنظمة صواريخ باتريوت أمريكية في البحرين، ويعتبر ميناء خليفة بن سلمان للمياه العميقة أحد المرافق القليلة في الخليج التي يمكن أن تستوعب حاملات الطائرات الأمريكية.
المملكة العربية السعودية: سحبت الولايات المتحدة الجزء الأكبر من قواتها من المملكة العربية السعودية في عام 2003، ولا تتوفر سوى معلومات قليلة عن عدد الأفراد العسكريين الأمريكيين الموجودين هناك حاليًا، ومع ذلك، تتواجد عناصر من الجناح الجوي الأمريكي 379، جنبًا إلى جنب مع بعثة التدريب العسكري الأمريكية منذ ستة عقود إلى المملكة العربية السعودية، ومكتب مدير برنامج تحديث الحرس الوطني السعودي منذ أربعة عقود، ومكتب مدير البرنامج – قوة أمن المرافق.
بالإضافة إلی ذلك، ذكرت تقاریر إعلامیة بأن الحکومة الأمریکیة تشغل قاعدة سریة للطائرات بدون طیار في المملکة العربیة السعودیة، وهي تطلق منها طائرات بدون طیار ضد مسلحین في الیمن، وهناك أیضًا تقاریر عن وجود قاعدة أمریکیة في جزیرة سقطرى الیمنیة، ساحل الصومال، وتستخدم لعمليات مكافحة الإرهاب قبالة القرن الأفريقي واليمن.
قطر: ينتشر آلاف الجنود الأمريكيين في قطر، معظمهم من القوات الجوية الأمريكية، وتقوم الولايات المتحدة بتشغيل مركز عملياتها الجوية المشتركة في قاعدة العديد الجوية، التي تعد واحدة من أهم القواعد الجوية الأمريكية في العالم، وتحتوي القاعدة على مدرج للطائرات يصنف من اطول الممرات في العالم كونه يستقبل أكثر من 100 طائرة على الأرض، كما يمكن استخدام هذه القاعدة في عمليات جوية وإمدادات وتستطيع إيواء 130 طائرة وعشرة آلاف رجل.
كذلك هناك قاعدة السيلية التي تتميز بوجود مخازن للأسلحة الأميركية هي الأكبر من نوعها، ويتواجد بها 3000 جندي أمريكي، واستخدمتها الولايات المتحدة إبان حربها ضد أفغانستان والعراق.
وبعد هذه العسكرة، هل يضمن الخليج عدم اشتعاله وخاصة وأن مقود السياسة ليس بيده بل بيد الامريكان؟