أحمد شوقي- راصد الخليج-
يعكس الخلاف الاماراتي السعودي في اليمن والذي وصل لاشتباكات مسلحة بين ميليشيات تابعة للدولتين لم يستطع التجمل الدبلوماسي التغطية عليه، خللا جذريا في مفهوم الأمن الخليجي وكذلك في مصداقية هذه الدول لعدة اسباب يمكن ان نذكر منها ما يلي:
1/ نسف الأساس الذي قام عليه التحالف بذريعة اعادة الشرعية ودعم عبدربه منصور وحكومته، وقد تم نسف ذلك بتوجيه ضربات لقواته من قبل اطراف مدعومة اماراتيا، ووصول الخلاف للعلن بتوقيعات مقدمة لهادي كي يطالب السعودية باخراج الامارات من التحالف!
اي هدف اذن للتحالف وقد سقطت ذريعته في الحرب على اليمن؟!
2/ مجرد وجود خلاف بين دولتين في تحالف واحد هو بذاته دليل على هشاشة هذا التحالف وافتقاده لمنهج او هدف استراتيجي يمكن ان يحتوي اية تباينات تكتيكية او فرعية بين دوله.
3/ دعم حركات (اسلامية) متحالفة مع القاعدة والتكفيريين لخدمة اهداف التحالف ولو بمنطق "الغاية تبرر الوسيلة" هو خطأ استراتيجي متكرر دفع الخليج ثمنه باهظا مرات عديدة، وهو ما تفعله السعودية.
4/ دعم تيارات انفصالية بهدف خلق تقسيم على امل ضمان نفوذ هو مقامرة وجريمة مكتملة الاركان وذات اثار سلبية على المدى البعيد وهو ما تمارسه الامارات.
خلاصة الاوضاع تفيد بأن عدوانا لم تتم دراسته وتقدير موقفه الاستراتيجي افضى الى تحول تحالف سياسي وعسكري الى مجرد تنظيم عصابي تفجرت الخلافات وتتحول تدريجيا لصراع على اقتسام غنائم غير موجودة وربما سيتحول الصراع الى مجرد الهروب والافلات من التبعات والقاء التهم على الاخر هربا من محاسبات مؤجلة على جرائم حرب وثارات مؤجلة على دماء مراقة.
ما تكشفه تطورات الأوضاع هو ان هناك تباينات في الرؤى والاهداف، فبينما تسعى السعودية لدولة مركزية تسيطر على رأسها ورئيسها وتستخدم كافة السبل لقمع معارضيها والقوى التي يمكن ان تبرز بها حتى لو وصلت الامور لدغم تنظيمات تكفيرية او قوى متعارضة علنا مع السعودية مثل تنظيمات اخوانية.
وبين سعي اماراتي للتفتيت والتقسيم وزرع بؤر موالية للامارات في مناطق حيوية للامارات قد تشكل خطرا بسبب منافسة مركز الامارات البحري ودورها الذي يشكل عمادا لاقتصادها في ظل تراجع اهمية النفط.
فد تلتقي الرؤيتان عند بداية العدوان، فالتقسيم الاماراتي يخدم اضعاف الجبهات المقاومة للعدوان، وكذلك القصف السعودي وتدمير البنى التحتية يخدم فرص التقسيم، ولكن ومع مقاومة العدوان الاسطورية وطول مدة الحرب وزيادة كلفتها السياسية والمادية، وتحولها لحرب عبثية، ناهيك عن تطوير ادوات المقاومة اليمنية وتحولها للهجوم على اهداف داخل الدول القائدة للتحالف، فإن كل طرف في التحالف يسعى لاتمام مهمته باسرع وقت وهو ما ابرز الخلافات والتناقضات.
ناهيك عن ان الامارات ربما مارست سياسة اكثر ذكاء لأنها تعمل في مناطق تخضع لسيطرة تكفيريين بشكل او بآخر، وربما تتحجج بأنها تقصف جماعات ارهابية، بينما لا تستطيع السعودية الافلات من التورط في قصف المدنيين والاسواق الشعبية وغيرها من جرائم الحرب المكتملة الاركان!
انعكاسات الخلاف الاماراتي السعودي في حرب غير شرعية هو فشل خليجي مركب لانه لا يمس سمعة الخليج واخلاقياته فقط، وانما يمس مصداقيته وتقديره الاستراتيجي للامور ناهيك عن وحدته.